يبدو واضحًا أن اتفاق "الهدنة الإنسانية" في قطاع غزة، الذي توصلت إليه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مع جيش الاحتلال، يخدم مخطط "التهجير" من شمال القطاع إلى جنوبه.
بينما تدعو الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية وقادة الدول العربية ودول أخرى، إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ترفض واشنطن الأمر، مُشددة على حق دولة الاحتلال في مواصلة العدوان، بذريعة الدفاع عن نفسها، وبدلًا من ذلك، دفعت الولايات المتحدة إلى "وقف إنساني" لإطلاق النار.
وأمس الخميس، أعلن جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض، أنه سيتم فتح ممرين إنسانيين لمغادرة المدنيين مناطق القتال في شمال قطاع غزة، عبر هدنة لمدة 4 ساعات يوميًا هناك.
وأضاف "كيربي" في مؤتمر صحفي، أنه يصل قطاع غزة يوميًا نحو 100 شاحنة مساعدات إنسانية، نحن بحاجة إلى المزيد، وينبغي أن نرى المزيد قريبًا. نحن نستهدف وصولًا مستمرًا لما لا يقل عن 150 شاحنة يوميًا".
وأوضح أنه "بشأن الممرات الإنسانية التي ستسمح للناس بمغادرة مناطق الحرب في شمال غزة، لقد تم فتح الممر الأول من هذا القبيل لمدة أربع إلى خمس ساعات يوميًا خلال الأيام القليلة الماضية، وسمح بالفعل لآلاف عديدة من الناس بالوصول إلى مناطق أكثر أمانًا، وسيسمح الطريق الثاني على طول الطريق الساحلي لآلاف الأشخاص بالوصول إلى مناطق أكثر أمانًا في جنوب قطاع غزة".
ووفقًا لكيربى، ستعقد إسرائيل هدنًا إنسانية يوميًا لمدة 4 ساعات، وقال: "ستبدأ إسرائيل تطبيق هدنة إنسانية في عدة مناطق في شمال غزة كل يوم، سيتم الإعلان عنا قبل 3 ساعات، وأخبرنا الإسرائيليون أنه خلال هذه الهدنة لن تكون هناك عمليات عسكرية في هذه المناطق، وستبدأ هذه الهدنة 9 نوفمبر".
من جهته؛ قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، إن فترات الهدنة في قطاع غزة "خطوة في الاتجاه الصحيح"، لافتًا إلى أن فتح ممرين إنسانيين سيسمحان بالفرار من مناطق الاشتباكات.
وردًا على سؤال حول فرص تطبيق وقف لإطلاق النار، قال الرئيس الأمريكي، في تصريحات للصحفيين، قبل أن يتوجه إلى إيلينوي، أمس الخميس: "لا توجد إمكانية".
يشار إلى أنه منذ بداية العدوان على غزة، قبل أكثر من شهر، طالب جيش الاحتلال المدنيين الفلسطينيين بإخلاء شمال القطاع، ما اضطر نحو 1.5 مليون نسمة، وفق تقديرات أممية، للنزوح داخل القطاع، سواء نحو الجنوب أو بين أحياء مدينة غزة.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، نزح نحو 600 ألف فلسطيني من مدينة غزة إلى جنوب القطاع، رضوخًا لتحذيرات جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي دعاهم إلى الانتقال جنوبًا.
غير أن معاناة سكان غزة بنزوحهم من الشمال نحو المناطق الوسطى أو الجنوبية، حيث يعيش أكثر من 550 ألف شخص في 92 منشأة تابعة لوكالة الأونروا لم تنتهِ، فالبنية التحتية والمرافق في حالة مزرية والأمراض منتشرة في كل مكان، وفقًا لـ"رويترز".
وأعلن جيش الاحتلال، الأحد الماضي، تقسيم غزة لقسمين، ودعا مرة جديدة، السكان الباقين في شمال غزة، إلى التوجه للجنوب، عبر إلقاء منشورات تدعوهم للفرار إلى الجنوب.
وتواصل نزوح الفلسطينيين، أمس الخميس، لليوم السادس على التوالي، منذ أن فتح جيش الاحتلال نافذة تهجير، وتتزايد أعداد الأشخاص الذين يفرون جنوبًا كل يوم، تحت وطأة العدوان الإسرائيلي في شمال ووسط القطاع.
وذكرت الأمم المتحدة، أن 2000 شخص فروا جنوبًا، الأحد الماضي، وارتفع العدد إلى 15000، الثلاثاء الماضي، وقالت حكومة الاحتلال إن 50 ألفًا من سكان غزة سافروا عبر ممر الإخلاء، الأربعاء الماضي، وقال مسؤول إسرائيلي إن نحو 80 ألف شخص فروا من شمال غزة عبر ممر إخلاء، أمس الخميس.
ويبلغ طول قطاع غزة 41 كيلومترًا، فيما تُقدَّر مساحته الإجمالية بـ365 كيلومترًا مُربعًا، ويعيش القطاع المحاصر ظروفًا إنسانية صعبة للغاية، في ظل غياب تام للوقود والماء والكهرباء، التي توقفت منذ 7 أكتوبر الماضي.
وتواجه المناطق الشمالية من غزة، التي عزلها جيش الاحتلال عن الجنوب، ظروفًا أكثر قسوة، وطالها النصيب الأكبر من القصف الإسرائيلي المتواصل، لليوم الـ35 على التوالي.