الحرب التي يشنها جيش الاحتلال على قطاع غزة، ردًا على عملية "طوفان الأقصى"، التي نفذتها الفصائل الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة، 7 أكتوبر الماضي، لن تحقق هدفها المعلن من قِبل إسرائيل في القضاء على حركة "حماس"، لكنها تنذر بنشر العنف في العالم، وفق ما كتب تشارلز ليستر، الزميل البارز في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، في تحليل نشرته صحيفة "التليجراف" البريطانية.
وذكر الباحث، الذي يرأس برنامج سوريا ومكافحة التطرف والإرهاب بمعهد الشرق الأوسط، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن عدوانًا وحشيًا على الفلسطينيين في قطاع غزة أحدث دمارًا واسعًا وخلّف عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى بين المدنيين، في تكرار لما فعلته الولايات المتحدة، ردًا على هجمات 11 سبتمبر 2001، حين غزت أفغانستان ثم العراق في وقت لاحق، بدافع الرغبة في تدمير التهديدات الإرهابية وتأكيد القوة على الساحة الدولية.
وقال "ليستر": إن حربي العراق وأفغانستان خلفتا في نهاية المطاف ما لا يقل عن 400 ألف قتيل، وانتشر التهديد الإرهابي، وتزايد حجمه ونطاقه وتعقيده في جميع أنحاء العالم.
وأضاف أنه في أعقاب عملية "طوفان الأقصى"، أعلن المسؤولون الإسرائيليون نيتهم القضاء على "حماس" والحرب على غزة، وفي 6 أيام، أسقطت 6000 قنبلة على القطاع الأكثر كثافة سكانية في العالم.
ولفت إلى أنه في الحملة ضد تنظيم "داعش" في سوريا والعراق، عامي 2015 و2016، تم إسقاط ما معدله 2500 قنبلة شهريًا في منطقة أكبر 100 مرة من قطاع غزة.
وبعد ثلاثة أسابيع من القصف المتواصل، ووفقًا لوزارة الصحة في غزة، استشهد أكثر من 8000 شخص، 40% منهم من الأطفال و30% من النساء.
وفي الوقت نفسه، تقول الأمم المتحدة إن 63% من سكان القطاع نزحوا، ودُمر 15% من جميع المباني السكنية.
ووفقًا لمنظمة إنقاذ الطفولة، استشهد عدد من الأطفال في غزة، خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، أكثر من أي منطقة صراع في العالم منذ عام 2019.
وقال "ليستر" إنه رغم هدف إسرائيل المُعلن للعدوان على غزة، بـ"القضاء على حماس"، فمن غير المرجح أن تحقق حملة "الأرض المحروقة" هذا الهدف.
وأوضح أن القصف الإسرائيلي المتواصل على غزة دفع الكثيرين في مختلف أنحاء العالم الإسلامي إلى الخروج للشوارع، منددين بمجازر الاحتلال في غزة، وهو أمر لم يحدث بهذا الحجم منذ فترة طويلة.
وحسب الباحث، من المرجح أن يوجه التوغل البري الإسرائيلي الجديد ضربة قوية لحماس، لكن الحركة ستبقى على قيد الحياة، ويمكن أن تتحول إلى شيء أكثر عنفًا من ذي قبل.
وحذر أن الأسوأ من ذلك، هو أن الرد الإسرائيلي المبالغ فيه في غزة، الذي يتم بأسلوب "العقاب الجماعي"، والشعور العميق بعدم الاهتمام الدولي بالتكاليف التي يتحملها المدنيون، يهدد بظهور جيل جديد بالكامل من مثيري العنف في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وخارجه.
وأشار إلى أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي، ذكر بالفعل أن الحرب في غزة يبدو أنها ستؤدي إلى ظهور أكبر تهديد إرهابي داخلي منذ سنوات، وسيكون هذا صحيحًا بشكل أكبر في أوروبا.