بعد يوم من دعوة بكين واشنطن إلى لعب دور بناء ومسؤول في الحرب الدائرة في قطاع غزة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، دفعت أمريكا بحاملة طائرات أخرى جديدة إلى شرق البحر المتوسط بدعوى التصدي لجهود توسيع الحرب.
ومنذ اللحظة الأولى لهجوم المقاومة الفلسطينية المباغت على إسرائيل، قبل نحو أسبوع، أعلنت الولايات المتحدة دعمها المطلق لإسرائيل، وإلى جانب أسلحة وعتاد، دعمت حدودها بحاملة طائرات بينما أخرى في الطريق، فيما على ما يبدو، دعمًا غير متكافئ لطرفي القضية بحسب مراقبين.
حثّ وزير الخارجية الصيني وانج يي، نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس السبت، على لعب دور مسؤول في الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية لأجل الدفع بالقضية إلى مسار يفضي إلى تسوية سياسية حقيقية، وبدوره طالب بلينكن نظيره الصيني، باستخدام نفوذ بكين من أجل استعادة الهدوء في الشرق الأوسط.
وبدأ التصعيد في غزة، مع هجوم مباغت شنته المقاومة الفلسطينية بعملية نوعية أطلقت عليها "طوفان الأقصى"، قبل نحو أسبوع، شملت هجمات متزامنة عبر البر والبحر والجو، مستهدفة مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية في القدس وتل أبيب وأشدود، قابلها جيش الاحتلال بتصعيد غير مسبوق تجاه سكان قطاع غزة، تواصلت خلاله أعمال القصف واستخدام أسلحة محرمة دوليًا، والدفع بالفلسطينيين من شمال القطاع إلى الجنوب في محاولات وصفها مراقبون بالتهجير القسري.
حاملة طائرات جديدة
وفي إطار ردع الأعمال العدائية ضد إسرائيل والتصدي لأي جهود لتوسيع الحرب، أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، اليوم الأحد، إرسال حاملة طائرات جديدة "يو إس إس إيزنهاور" إلى شرق البحر المتوسط.
وتنوعت مظاهر الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، منذ بدأ التصعيد، لتشمل أسلحة وطائرات وسفن، إضافة إلى قوات خاصة على أراضيها تعمل جنبًا إلى جنب مع جنود إسرائيل وتساعدهم بالعمليات الاستخباراتية والتخطيط العسكري.
وأكد وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في وقت سابق، إن بإمكان هذه القوات أن تشارك في عمليات تحرير الرهائن من يد قبضة المقاومة إذا طلب منها ذلك.
وقبل أسبوع، دعمت واشنطن تل أبيب بمجموعة من الخيارات العسكرية الإضافية في الحرب مع المقاومة، عندما حوّلت مسار حاملة الطائرات جيرالد آر. فورد للإبحار باتجاه إسرائيل بطاقمها المكون من نحو 5000 فرد، ومن شأنها أن تشكل مركزًا لعمليات القيادة والسيطرة، إضافة إلى شن حرب معلومات، بحسب إعلان البنتاجون.
وبإمكان "جيرالد أر فورد" إطلاق واستعادة طائرات تعمل على المراقبة وإدارة المجال الجوي، بإطلاقها إنذار مبكر عند إطلاق الصواريخ المضادة، بالإضافة إلى إمكاناتها في توجيه التحركات صوب أهداف معينة.
وبطلب من البنتاجون، تعتزم الولايات المتحدة تجهيز طائرات حربية إضافية تدعم طائرات A-10 وF-15 وF-16 الموجودة بالفعل في قواعدها بالشرق الأوسط لمساعدة إسرائيل إذا لزم الأمر.
إضافة إلى ذلك، تبذل الولايات المتحدة مساع لإقناع شركات الدفاع الأمريكية بتسريع طلبات الأسلحة التي تقدمت بها إسرائيل بالفعل قبل هجوم المقاومة المباغت، ومن بينها ذخائر لنظام الدفاع الجوي الإسرائيل المتمثل في "القبة الحديدية".
دعم قوى لا يتزعزع
وبعد يوم من الهجوم المباغت على إسرائيل، خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن في كلمة ألقاها من البيت الأبيض، عنوانها دعم كامل غير مشروط للحفاظ على أمن إسرائيل.
قال بايدن: "لن نفشل أبدًا في دعمهم، وسنتأكد من حصولهم على المساعدة التي يحتاجها مواطنوهم ومن أنه سيكون بمقدورهم الاستمرار في الدفاع عن أنفسهم". وأضاف أن دعم إدارته لأمن إسرائيل "قوي للغاية ولا يتزعزع"، وأنه سيظل على اتصال وثيق مع نتنياهو.
أوستن في إسرائيل وبلينكن في الشرق الأوسط
وفي رسالة مفادها إظهار تضامن غير محدود مع الحليفة الأولى في الشرق الأوسط، وصل، منذ الجمعة، وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إسرائيل. والذي أكد اليوم في مؤتمر صحفي التزام واشنطن الحازم بأمن إسرائيل وتصميمها على ردع أي دولة أو جهة غير حكومية تسعى إلى تصعيد هذه الحرب.
يتزامن ذلك مع جولة في الشرق الأوسط، يقوم بها وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، يبحث خلالها جهود منع انتشار الصراع، وتأمين الإفراج الفوري والآمن عن الرهائن، الأمريكيين، وتحديد آليات حماية المدنيين في غزة.
الجهود السياسية
إلى جانب الدعم العسكري، غير المسبوق لإسرائيل، حرصت الولايات المتحدة، على حياكة غطاء سياسي كبير تدك إسرائيل تحت ساتره القطاع دون التفات لأوضاع المدنيين العزل، حيث شدد الرئيس الأمريكي على ضرورة قيام جميع الدول بإدانة "الفظائع الوحشية التي ترتكبها (المقاومة) بشكل لا لبس فيه"، وشبهها بـ"الفظائع التي ارتكبها تنظيم داعش" في السابق.
وأطلقت واشنطن وابلًا من التحذيرات لاستغلال الوضع في غزة، وتوسيع رقعة الصراع. وقال بايدن، في وقت سابق "أحذر أي بلد أو منظمة من استغلال هذا الوضع، وبشكل عام أقول لأي شخص يفكر في استغلال هذا الوضع (التصعيد بين الفلسطينيين وإسرائيل)، لا تفعل ذلك، قد تنكسر قلوبنا، لكن عزمنا لا يتزعزع".
إضافة إلى ذلك، رصدت تقارير إعلامية، توجيهات وزارة الخارجية الأمريكية لدبلوماسييها ممن يتعاطون مع قضايا الشرق الأوسط بالامتناع عن استخدام كلمات مثل "وقف التصعيد" أو "وقف العنف" علنًا وسط تصعيد إسرائيل حربها في غزة، وهي عبارات استخدمتها واشنطن في جولات التصعيد السابقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
رفض أمريكي لاجئي غزة
ورغم اعتراف بايدن بأن الأغلبية العظمى من الفلسطينيين لا علاقة لهم بالمقاومة وهجماتها، إلا أن حاكم ولاية فلوريدا، رون ديسانتيس، حث، على ضرورة ألا تقبل الولايات المتحدة لاجئين من قطاع غزة.
وقال ديسانتيس، الذي يتنافس على ترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة، أمس السبت، "لا أعرف ما الذي سيفعله بايدن، لكن لا يمكننا قبول أشخاص من غزة في هذا البلد كلاجئين". مؤكدًا في إحدى محطات الحملة الانتخابية في كريستون بولاية أيوا: "لن أفعل ذلك".
يأتي ذلك بينما نزح نحو مليون شخص داخل قطاع غزة، وسط وتيرة متصاعدة من أعمال القصف الإسرائيلي، صوب القطاع، أسقطت آلاف الشهداء، والجرحى، زاد وطأتها حصار مُحكم قطعت خلاله إسرائيل الإمدادات من الكهرباء والماء والنفط، فضلًا عن رفضها دخول المساعدات الإنسانية للقطاع، وسط إغلاقها المعابر الأربعة.