الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

التكلفة العسكرية للتصعيد بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية

  • مشاركة :
post-title
صورايخ المقاومة الفلسطينية

القاهرة الإخبارية - رضوى محمد

في اليوم السابع للصراع بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، تزداد حدة الهجمات الصاروخية والضربات الإسرائيلية على قطاع غزة نتيجة لتداعيات عملية "طوفان الأقصى"، الأمر الذي حمّل الطرفان تكلفة عسكرية كبيرة من الصواريخ والقذائف التي استخدمت في الأيام الأولى، فوفقًا للخبراء بلغت التكلفة العسكرية التقديرية على الجانب الإسرائيلي نحو 5.7 مليار دولار تقريبًا، بينما تكبدت المقاومة الفلسطينية خسائر عسكرية بقيمة 2.5 مليون دولار تقريبًا.

الجدير بالذكر أن بنك " هبوعليم" أكبر بنك في إسرائيل، أشار إلى أن التكلفة المبدئية للحرب على غزة تُقدر بما لا يقل عن 27 مليار شيكل أي ما يعادل 6.9 مليار دولار.

تأسيسًا على ما سبق؛ يتطرق هذا التحليل إلى حجم التكلفة العسكرية التي يتحملها كلٌ من قوات الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، مع طرح عدد من السيناريوهات للأزمة الفلسطينية الراهنة.

التسليح العسكري:

يُمكن توضيح الأسلحة التي يتم استخدامها خلال الصراع الحالي على النحو الآتي:

(-) سلاح المقاومة: شهدت الأسلحة التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية نقلة نوعية في عملية "طوفان الأقصى"، إذ تم استخدام الصاروخ رجوم الذي يُمكن وصفه بأنه صاروخ قصير المدى من عيار 114 ملم، ويتشابه مع صاروخ كاتيوشا عيار 107 ملم، فضلًا عن أن الراجمة التي تقذف صاروخ "رجوم" تحتوي على 15 فوهة، وهو ما يعني إمكانية إطلاق 15 صاروخ في آن واحد، ويتضح من الشكل رقم (1) نوع الصواريخ التي استخدمتها المقاومة الفلسطينية خلال العملية، إذ استخدمت أنواعًا متعددة من الصواريخ، التي تشتمل على صواريخ طويلة المدى تتمثل في صاروخ "عياش 250" الذي استهدف مطار رامون على بعد 220 كيلومترًا، بالإضافة إلي صاروخ "R160" الذي استهدف مدينة حيفا في العملية ووصل مداه إلى نحو 160 كيلومترًا.

بالإضافة إلى ذلك ساعد في إنجاح العملية، الأسلحة الجوية التي أعدتها المقاومة الفلسطينية؛ لتُساند عملية إطلاق الصواريخ، إذ استخدمت المقاومة السلاح الجوي "سرب صقر" لأول مرة في عملية "طوفان الأقصى"، وهو عبارة عن مجموعة من المظليين الذي توغلوا في المستوطنات الإسرائيلية بغلاف غزة، برًا وجوًا، عبر مركبات شراعية وهم مزودين بالأسلحة الرشاشة.

شكل (1) يوضح صواريخ المقاومة الفلسطينية

(-) سلاح الجانب الإسرائيلي: اعتمد الاحتلال الإسرائيلي في الرد على عملية "طوفان الأقصى" بشكل كبير على السلاح الجوي، إذ يمتلك جيش الاحتلال قوات جوية متقدمة، ويصل عدد الطائرات التي يمتلكها 595 مقاتلة، واستخدم في هذه العملية، الطيران التكتيكي من طراز "إف 16 باراك"، كما استخدم "جيش الاحتلال" في عدوانه الأخير على قطاع غزة، عددًا من الطائرات المُسيرة مثل "هيرمس 450" التي تعمل على حمل صواريخ يبلغ حجمها 150 كجم، بالإضافة إلى مسيرة "إيتان" التي تحمل صواريخ متفجرة بحجم 1000 كجم، والمسيرة "نيتسوس" الصغيرة.

تأسيسًا على ما سبق، يمكن القول إن جيش الاحتلال الإسرائيلي لجأ في هجومه الحالي على قطاع غزة بهذا الاحتياطي من الطائرات والمُسيّرات؛ لتوسيع نقاط الاستهداف داخل القطاع.

تكلفة تقديرية:

تسببت الحرب الدائرة في قطاع غزة، في تكبد كلٍ من الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية حجمًا كبيرًا من التكلفة العسكرية، يمكن توضيحها على النحو الآتي:

(*) التكلفة على جيش الاحتلال: استخدم جيش الاحتلال عددًا من أنواع المدرعات، منها دبابة "أشزريت" ودبابة طراز M113 و"ميركافا – 4"، إذ استولت الفصائل في بداية العملية على موقع "ناحل عوز" العسكري شرق مدينة غزة الذي يتضمن نحو 10 آليات مدرعة، ويبلغ متوسط سعر المدرعة الواحدة 5 ملايين دولار، وبالتالي تبلغ تكلفتها على جيش الاحتلال نحو 50 مليون دولار، بالإضافة إلى عدد من عربات الجيب العسكرية.

كما استخدمت القوات الإسرائيلية في حربها ضد أهالي قطاع غزة عددًا كبيرًا من القذائف الصاروخية، تُقدر بأكثر من 10 آلاف صاروخ، بالإضافة إلى الغارات الجوية، كما أن اعتراض نظام "القبة الحديدية" الذي وضعته إسرائيل من أجل حماية النقب، يُكلفها في الوقت الراهن أكثر من 50 ألف دولار لكل صاروخ يتم تصديه، وفي حين تم اعتراض نحو 1210 صواريخ، فإن التكلفة الإجمالية لذلك تبلغ 60.5 مليون دولار، كما تم شراء 4 آلاف بندقية لتوزيعها على المستوطنين، ثمن البندقية الواحدة نحو 10 آلاف دولار، وبالتالي تبلغ التكلفة التقديرية لذلك 40 مليون دولار.

ومن هنا ومع بلوغ العدد التقديري من الصواريخ والقذائف التي أطلقها الاحتلال على قطاع غزة حتى الآن نحو 10 آلاف قذيفة، إذ تم إطلاق 5 آلاف في اليوم الأول لعملية "طوفان الأقصى"، وفي الأيام التالية تم إطلاق المئات من الرشقات نحو قطاع غزة، ويتضح أن إجمالي تكلفة الرشقات الصاروخية على قطاع غزة تُقدر بـ500 مليون دولار، ويظهر أن إجمالي التكلفة العسكرية الأولية على الاحتلال الإسرائيلي تُقدر بنحو5.7 مليار دولار.

وأشار العديد من المحللين الاقتصاديين في صحيفة "ذا ماكر" الإسرائيلية إلى أن تكلفة الرد العسكري الإسرائيلي في اليوم الأول من الحرب كلفت إسرائيل أكثر من 40 مليون دولار، كما أن الجانب الإسرائيلي يعمل على تعبئة عدد كبير من جنود الاحتياط، ومع تركهم لوظائفهم ستزداد تكلفة الحرب بشكل كبير، وهو ما يؤيد التقدير السابق بإن إسرائيل تحملت مليارات الدولارات خلال الأيام الأولى من العدوان على القطاع، وهي التكلفة التي من المُحتمل بنسبة كبيرة أن تزداد مع استمرار الهجمات والصراع.

(*) التكلفة على المقاومة الفلسطينية: تضمنت الضربة الأولى التي أطلقتها كتائب القسام تجاه المدن الإسرائيلية، عددًا من الصواريخ يُقدر بأكثر من 5 آلاف صاروخ، ويبلغ متوسط سعر الصاروخ الواحد 500 دولار تقريبًا، فبالتالي تبلغ تكلفة إجمالي الصواريخ التي أطلقتها المقاومة نحو 2.5 مليون دولار، وهو ما يوضح فارق التكلفة الكبير بين ما تحملته المقاومة الفلسطينية في عمليتها العسكرية " طوفان الأقصى" وجيش الاحتلال.

سيناريوهات محتملة:

يُمكن من الرصد السابق للتكاليف العسكرية التي تحملها الجانبان من جراء الأزمة الراهنة، أن نطرح عدد من السيناريوهات لهذه الأزمة، هم كالتالي:

(*) السيناريو الأول: من المحتمل أن يستمر جيش الاحتلال في قصف قطاع غزة، بشرط استمرار المساعدات الأمريكية، إذ تعمل الولايات المتحدة الأمريكية على إرسال حاملة طائرات؛ وذخيرة ومعدات، وهذه المساعدات هي التي تدعم إسرائيل بشكل رئيسي في العملية، ويدعم هذا السيناريو التوافق الكامل في الرأي العام الإسرئيلي تجاه تشكيل حكومة طورائ لمواجهة عمليات حركات المقاومة الفلسطينية.

(*) السيناريو الثاني: من المرجح أن تعمل إسرائيل على وقف هذه الحرب في الأجل القريب، حتى لا تستنزف المزيد من التكاليف العسكرية والاقتصادية، إذ إنه وفقًا لما تم إعلانه في وقت سابق، فإن إسرائيل تمتلك نحو 20 ألف صاروخ، ومع هذه الضربات الصاروخية المتلاحقة سيقل الاحتياطي الاستراتيجي الخاص بها من الصواريخ بشكل كبير، وفي حالة انخفاض الدعم الأمريكي الذي يمدها بالأسلحة والذخائر؛ بسبب العبء الاقتصادي لهذا الدعم، سيكون الموقف الإسرائيلي صعبًا في حالة استمرار القصف، وهو ما سيجعلها تعمل على الوقف التدريجي لهذه الهجمات؛ حفاظًا على اقتصادها من الانهيار، كما أن قطاع غزة لم يعد يتحمل مزيدًا من الضربات، بل قد يهدد الحصار بكارثة إنسانية كبيرة، وهو ما يؤكد أن الحرب الحالية قد لا تستمر طويلاً بوجود ضغوط دولية إنسانية، وبالتالي يُعتبر السيناريو الثاني هو الأقرب للواقع.

وعليه يُمكن القول؛ إن عملية "طوفان الأقصى" خلفت صراعًا كبيرًا بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، وهو الأمر الذي سيُحمل الطرفان مزيد من الخسائر العسكرية؛ بسبب التكلفة العالية للصواريخ التي يتم إطلاقها، الأمر الذي يهدد حياة أكثر من مليوني فلسطيني واقتصاد إسرائيل بالانهيار، وهو ما يُحتم على الجميع اتخاذ مسار التهدئة لوقف هذه التكلفة من أرواح ومصائر المدنيين العزل، الأمر الذي يتطلب تدخل العديد من الدول؛ لدفع مسار التهدئة والتسوية العادلة للقضية الفلسطينية.