يعيش العديد من الجامعات الفرنسية حالة من الترقب والتوتر، في ظل قرار تعليق طلبات التأشيرات للطلاب القادمين من دول الساحل الإفريقي، مثل بوركينا فاسو ومالي والنيجر، إذ إن هذا القرار جاء نتيجة للتوترات الأمنية التي تشهدها هذه الدول وسط تصاعد النزاعات والتحركات السياسية الأخيرة. وقد أثّر هذا القرار بشكل مباشر على العديد من الطلاب الذين كانوا ينوون مواصلة دراستهم في فرنسا، إذ تعلقت آمالهم ومستقبلهم في هذه الخطوة.
تعتبر فرنسا وجهة مرغوبة للدراسة بالنسبة للطلاب الأفارقة، حيث يحلم العديد منهم بالحصول على فرصة للتعليم العالي في هذا البلد الأوروبي المتقدم. ومع ذلك، فإن قرار تعليق طلبات التأشيرة قد ألقى بظلاله على هذه الأحلام، وأحدث حالة من القلق والتوتر بين الطلاب، الذين كانوا يخططون للسفر إلى فرنسا لمواصلة تعليمهم العالي.
تُعد فرنسا الوجهة الأولى للطلاب القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، إذ يوجد حاليًا 6600 طالب في فرنسا من دول الساحل الثلاث، وهو ما يمثل 7% من إجمالي عدد الطلاب من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى الذين يدرسون في فرنسا.
وفقًا لما أشارت صحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن القرار الذي أصدرته وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية، بتعليق طلبات التأشيرة، جاء بناءً على "السياق الأمني" في هذه الدول الثلاث التي تعيش تحت حكم أنظمة ليست على وفاق مع الإدارة الفرنسية. وعلى الرغم من أن القرار لم يشمل الفنانين والطلاب والباحثين الموجودين بالفعل في فرنسا، إلا أن القلق والضيق ما زال يسود بين الطلاب الذين يرغبون في الانضمام إلى جامعات فرنسا والمشاركة في البرامج التعليمية والبحثية.
وتوضح الجريدة الفرنسية، أن تأثير هذا القرار لم يقتصر فقط على المجال الأكاديمي، بل أثّر أيضًا على الطلاب الحاصلين على منح دراسية، والذين يحملون تأشيرات صالحة بالفعل، إذ تم تعليق البعثات الدراسية لهؤلاء الطلاب الذين كانوا يستعدون للسفر إلى فرنسا، مما أدى إلى حالة من عدم اليقين بشأن مستقبلهم الأكاديمي.
وتُشير "لوموند" إلى أن من بوركينا فاسو وحدها، يوجد أكثر من 115 طالبًا تم قبولهم في جامعات فرنسية وينتظرون الحصول على التأشيرة، وتاريخ وصولهم المحدد هو نهاية سبتمبر.
يُعاني الطلاب المتضررون جراء هذا القرار حالة من اليأس والإحباط، إذ كانوا يعولون على فرصة الدراسة في فرنسا؛ لتحقيق طموحاتهم الأكاديمية والمهنية، ويشكل هذا الوضع تحديًا كبيرًا بالنسبة لهم، حيث يجدون أنفسهم في حالة من الجمود وعدم القدرة على التخطيط للمستقبل بشكل سليم.
وأعرب ثيوفيل بينديو ناسي، المحاضر في جامعة نيو دون في بوركينا فاسو، عن أمله في أن يقدم الدبلوماسيون الفرنسيون حلولًا مناسبة ومستدامة للطلاب.
وحذّر من أن التعليق قد يدفع هذه الدول إلى السعي للتعاون مع دول أو شركاء آخرين، مثل الدول الغربية أو الآسيوية الأخرى، وقد تلقت الجامعات في بوركينا فاسو بالفعل الدعم من الولايات المتحدة وألمانيا والصين وكندا في مجالات استراتيجية تُشكل أهمية للتنمية المستدامة.
من جانبها، أكدت وزارة البحث والتعليم العالي الفرنسية، أنه لن يتم وقف التعاون مع الجامعات والمؤسسات العلمية في هذه الدول الإفريقية، ولكنها تواجه حالة من الحرج والتردد، وفي رسالة بريد إلكتروني أُرسلت إلى المؤسسات الجامعية، أعربت الوزارة عن أسفها لتداعيات هذا الوضع على المتقدمين للدراسة في فرنسا، مُؤكدة أنه لا يتعلق بإلغاء الفرص، بل بتعليق الحركة المؤقت.
وقد أشارت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية إلى أن "خدمات كامبوس فرانس وخدمات التأشيرات لم تعد تعمل بشكل طبيعي"، مع الإشارة إلى استمرار استقبال الفنانين والطلاب والباحثين الذين يتواجدون بالفعل في فرنسا.
وتُشير الصحيفة إلى أن هذه القرارات تعتبر ضربة قاسية للعلاقات الأكاديمية والثقافية بين فرنسا والدول الإفريقية المذكورة، حيث تتعرض الفرص التعليمية والثقافية المتبادلة لتأثير سلبي للسياسة، مما قد ينتج عنه تقويض التعاون العلمي والثقافي الذي تم بناؤه على مر السنين.