أثناء بنائها الخطوط الدفاعية شديدة التحصين، ركزت روسيا على زرع حقول الألغام على عمق كبير لعرقلة القوات الأوكرانية، ولأن الروس لم يتمكنوا من تنفيذ خطتهم بشأن حقول الألغام العميقة ذات الكثافة القياسية على النحو المقصود بسبب عدم كفاية إمدادات الألغام، لجأوا إلى تنفيذ استراتيجية عشوائية، سببت صداعًا للقوات الأوكرانية المتقدمة.
استراتيجية عشوائية
وبحسب تقرير صادر عن خبراء الحرب البرية في "المعهد الملكي للخدمة المتحدة"، تعاني القوات الأوكرانية من حقول الألغام غير النظامية، وتعتبرها من أصعب جوانب الاستراتيجية الدفاعية الروسية، التي لا تتطلب مزيدا من المعدات فحسب، بل معدات وحلول مبتكرة.
يبلغ عمق حقل الألغام الروسي القياسي نحو 120 مترًا، لكن القوات الروسية وجدت أن أوكرانيا يمكن أن تخترق حقول الألغام هذه بمعدات مثل مركبة إزالة الألغام UR-77 Meteorit التي تعود للحقبة السوفييتية أو عبوة M58 M58 Mine Clearing Line Charge التي توفرها الولايات المتحدة.
لذلك، شرعت روسيا لتوسيع عمق حقول الألغام إلى 500 متر، وهو ما يتجاوز بكثير أي قدرة على الاختراق السريع، حسبما نقلت صحيفة "بيزنس إنسايدر" عن تقرير المعهد.
ومن وجهة نظر لوجستية، تسببت هذه الخطة في مشكلة للقادة الأوكرانيين المدعومين من الغرب، علمًا بأن الألوية الروسية تدربت على تدمير حقول الألغام بطريقة تتفق مع العقيدة القتالية للبلاد.
عرقلة القوات الأوكرانية
وكتب واتلينج ورينولدز، المتخصص في الحرب البرية بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة: "إن العمق المتزايد للحقول يعني أن القوات الروسية لم يكن لديها ما يكفي من الألغام لمواجهة هذا الوضع باستمرار، وبالتالي أصبحت حقول الألغام أكبر، وكذلك المسافة بين الألغام"، مؤكدًا أن المهندسين الروس بذلوا ما في وسعهم لمحاولة عرقلة القوات الأوكرانية لأطول فترة ممكنة.
وعلى سبيل المثال، تقوم القوات البرية الروسية والمهندسون القتاليون المكلفون بإضعاف الهجوم الأوكراني المضاد الذي بدأ قبل ثلاثة أشهر، ففي بعض الأحيان، يتم وضع لغمين مضادين للدبابات معًا، أحدهما فوق الآخر، للتعويض عن انخفاض الكثافة من خلال ضمان تجميد المركبات بضربات لغم واحدة، بحسب التقرير.
وكان مايكل كوفمان، الخبير الروسي، كشف أن روسيا لجأت في بعض الأحيان إلى بناء فخاخ خنادق وهمية مملوءة بالمتفجرات.
معاناة كبيرة للأوكرانيين
وبحسب مراقبين غربيين، فإن تلك الاستراتيجية تسببت في معاناة كبيرة للأوكرانيين، إذ يتطلب بذل المزيد من الجهود لاستطلاع حقول الألغام.
جدير بالذكر أن حقول الألغام الروسية، وتحديداً تلك البعيدة عن مرمى قذائف الهاون والمدفعية أو المسيرات الهجومية، تشكل تحديًا مستمرًا لأوكرانيا طوال هجومها المضاد.
وبحسب الكاتب، فإن العمليات الأوكرانية باتت محدودة في الوقت الحالي، نظرًا لضرورة إجراء استطلاع شامل قبل أي هجوم كبير على القوات الروسية، خشية فقدان المركبات الغربية التي يقاتل بها الجيش الأوكراني.
ولفت التخصص في الحرب البرية إلى أن أوكرانيا بحاجة إلى معدات إضافية، مثل الطائرات بدون طيار ذات القدرة على تحليل الصور الخوارزمية، للكشف بسرعة عن تهديدات الألغام ورسم خريطة لحقول ألغام روسيا من أجل تسريع العمليات.