يرى المحللون أن اللقاء المحتمل بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الكوري الشمالي كيم جونج أون، يمكن أن يؤدي إلى حصول بيونج يانج، على نوع الأسلحة التي منعتها عقوبات الأمم المتحدة من الحصول عليها على مدى عقدين من الزمان.
وتعتقد الولايات المتحدة أنه من الممكن عقد اجتماع بين بوتين وكيم في المستقبل القريب. وفي حالة حدوث ذلك، فإن مثل هذا الاجتماع سيأتي بعد أكثر من عام ونصف من الحرب في أوكرانيا التي تركت الجيش الروسي منهكًا، وبحاجة إلى الإمدادات، حسب ما ترى شبكة "سي. إن. إن" الإخبارية الأمريكية.
ويأتي اللقاء المزمع أيضًا، بعد 17 عامًا من عقوبات الأمم المتحدة، التي تهدف إلى إعاقة قدرة كوريا الشمالية على بناء أسلحة نووية وقوة صاروخية باليستية تعمل بكامل طاقتها.
والاثنين الماضي، أفاد مجلس الأمن القومي الأمريكي، بأن مفاوضات الأسلحة بين روسيا وكوريا الشمالية، تتقدم بشكل نشط، بعد أن زار وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، بيونج يانج في يوليو، في محاولة لإقناعها ببيع ذخيرة مدفعية لموسكو.
التكنولوجيا العسكرية الروسية
ويقول ليف إريك إيسلي، أستاذ الدراسات الدولية في جامعة إيهوا ومانز في سيول: "يعد هذا الاجتماع تطورًا مهمًا للغاية إذا مضى قدمًا. تمتلك روسيا التكنولوجيا العسكرية التي يريدها كيم لإطلاق قمره الصناعي وبرامجه للأسلحة النووية."
وعلى الرغم من عقوبات الأمم المتحدة، ظل كيم يطور برنامجه للصواريخ الباليستية بوتيرة سريعة خلال العامين الماضيين.
وفي تلك الفترة، قام باختبار العشرات من الصواريخ، بما في ذلك الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، التي يمكنها نظريًا إطلاق رأس حربي نووي فوق البر الرئيسي للولايات المتحدة.
لكن الشكوك لا تزال قائمة حول مدى قدرات كوريا الشمالية، إذ ذكر التقرير الصادر عن مجلس العلاقات الخارجية، في يونيو2022، إنه لا يزال المحللون والخبراء الأمريكيون من دول أخرى يناقشون الشحنة النووية التي يمكن أن تحملها الصواريخ الباليستية العابرة للقارات لكوريا الشمالية، ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الصواريخ الباليستية العابرة للقارات لديها القدرة على البقاء عند العودة إلى الغلاف الجوي.
ويرى محللون أنه حال حصل كيم على التكنولوجيا من روسيا، الرائدة على مستوى العالم في قوات الصواريخ النووية لعقود من الزمن، فسيكون ذلك بمثابة دفعة كبيرة لبرامج بيونج يانج، ومصدر قلق كبير لزعماء الغرب.
ويقول دو جين هو، زميل الأبحاث في المعهد الكوري للتحليلات الدفاعية، إن روسيا يمكن أن تقدم أشياء مختلفة على قائمة أمنيات كوريا الشمالية: تكنولوجيا إعادة دخول الصواريخ الباليستية، وتحسين قدرات إطلاق الصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات، وقدرات استطلاع الأقمار الصناعية، وحتى المساعدة في إطلاق الأقمار الصناعية.
وقد حاولت كوريا الشمالية إطلاق قمرين صناعيين هذا العام؛ كلاهما انتهى بالفشل. ويقول كارل شوستر، المدير السابق للعمليات في مركز الاستخبارات المشتركة التابع للقيادة الأمريكية في المحيط الهادئ، إن أي صفقة بين بيونج يانج وموسكو، يمكن أن تشمل سلعًا تمتلكها روسيا بكثرة، لكن كوريا الشمالية تفتقر إليها، بسبب سنوات العقوبات الطويلة.
ويضيف شوستر: "كوريا الشمالية تحتاج إلى المال، وتحتاج إلى الغذاء، وتحتاج إلى الطاقة".
أسلحة كوريا الشمالية لروسيا
وكتب دانييل ساليسبري، زميل باحث زائر في جامعة كينجز كوليدج في لندن، هذا الأسبوع، في صحيفة "كونفرسيشن" الأمريكية، أنه إذا بدأت روسيا في شراء الأسلحة الكورية الشمالية - وبالتالي انتهاك عقوبات الأمم المتحدة التي ساعدت موسكو نفسها في تمريرها - فإن الدول الأخرى التي كانت تستورد ذات يوم معدات عسكرية من بيونج يانج، مثل إيران، قد تحذو حذوها.
وأضاف ساليسبرى، إن مشتريات روسيا ستقوض نظام العقوبات على كوريا الشمالية وستساعد في توليد إيرادات لنظام كيم. ويمكن أن يؤدي ذلك أيضًا إلى تحفيز نهضة أوسع لمؤسسة تصدير الأسلحة في كوريا الشمالية".
ويرى شوستر، وهو كابتن سابق في البحرية الأمريكية، إن أي اتفاق مع موسكو سيساعد كيم بطريقة أخرى. ويقول شوستر عن الزعيم الكوري الشمالي: "هذا التحالف يجعله يبدو أقل عزلة، ويوفر دفعة نفسية له ولدائرته الداخلية".
وتشير" سي. إن. إن" إلى أنه على الرغم من أن التعاون العسكري بين موسكو وبيونج يانج له تاريخ يعود إلى دعم ستالين لجد كيم في بداية الحرب الكورية عام 1950، إلا أنه تضاءل في السنوات الأخيرة، خاصة عندما دعمت روسيا، التي تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن الدولي، تنفيذ العقوبات على كوريا الشمالية.
ومع ذلك، فإن هذا التاريخ الطويل يعني أن هناك العديد من أوجه التشابه في مخزون الأسلحة التي قد تكون مفيدة لروسيا.
ويقول شوستر، إن كوريا الشمالية تصنع ما أسميه الأسلحة الصناعية الثقيلة، مدفعيتها وذخائرها جيدة جدًا. إنها تشبه إلى حد كبير التصاميم الروسية.
ويتفق دو جين هو، مع شوستر، قائلًا: "يمكن استخدام ذخائر المدفعية عيار 152 ملم، وذخائر قاذفات الصواريخ المتعددة عيار 122 ملم، في الأسلحة الروسية على الفور".
ذخيرة كوريا الشمالية لن تغير مسار الحرب
لكن جوزيف ديمبسي، الباحث المشارك في التحليل الدفاعي والعسكري في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، يرى أن ذخيرة كوريا الشمالية لن تغير قواعد اللعبة بالنسبة لروسيا.
يقول ديمبسى، إن هذه الأسلحة يمكن أن تساعد في تجديد المخزونات المستنفدة، وإطالة أمد الصراع، لكنها لن تغير مساره".
ويتساءل آخرون عن مدى سرعة وصول أي ذخيرة كورية شمالية إلى أيدي القوات الروسية على الخطوط الأمامية في أوكرانيا.
وتشير "سي. إن. إن" إلى أن الشحنات من كوريا الشمالية إلى القوات المقاتلة الروسية، سوف تحتاج إلى عبور خط السكة الحديد العابر لسيبيريا، الذي يمتد أكثر من 5700 ميل من فلاديفوستوك في الشرق إلى موسكو في الغرب.
ونقلت الشبكة عن ترينت تيلينكو، وهو مدقق سابق لمراقبة الجودة في وكالة إدارة عقود الدفاع الأمريكية، والذي درس الخدمات اللوجستية الروسية، قوله: "إن الكثير من المعدات الموجودة على خط السكك الحديدية تعود إلى أواخر حقبة الحرب الباردة، وهي منهكة للغاية".
وأضاف تيلينكو: "إن المبالغة في التركيز على وسائل النقل من حقبة الحرب الباردة هي فكرة غبية للغاية على العديد من المستويات. وهذا بالضبط ما يفعله الروس".