الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

"أرض الألغام".. أوكرانيا تعاني نقصا حادا في خبراء المتفجرات

  • مشاركة :
post-title
أوكرانيا تعاني نقصا في خبراء إزالة الألغام

القاهرة الإخبارية - محمود غراب

اشتكى أوليكسي ريزنيكوف، وزير الدفاع الأوكراني، من نقص أعداد العاملين في إزالة الألغام المنتشرة في بلاده، ووجه نداءً عاجلًا لحلفاء كييف، لزيادة تدريب القوات الأوكرانية على التخلص من هذا "الموت الخفي".

وقال ريزنيكوف، في مقابلة خاصة مع صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن أوكرانيا أصبحت أكثر دول العالم المليئة بالألغام، في وقت يعاني فيه جيشها نقصًا في خبراء المتفجرات.

وأضاف أن "القوات الأوكرانية كانت تزيل 5 ألغام لكل متر مربع في بعض الأماكن، وضعتها القوات الروسية"، في محاولة لإحباط هجوم أوكرانيا المضاد.

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اشتكى من أن الاضطرار إلى انتظار تسلم الأسلحة من الغرب، وتأجيل بدء الهجوم المضاد لهذا العام، "سمح لروسيا بزرع ملايين الألغام".

ومنذ يونيو، تشن القوات الأوكرانية هجومًا مُضادًا لطرد القوات الروسية من أراضيها.

ولم يكن عدد خبراء الألغام في القوات المسلحة الأوكرانية كافيًا لاجتياز الدفاعات الروسية المعقدة على جبهات قتال شاسعة، وسط استهداف وحدات إزالة الألغام بنيران كثيفة.

وأشار مسؤولون في وزارة الدفاع الأوكرانية، إلى أن هناك فرصة لدول مثل اليابان، التي لا ترغب في منح "مساعدات قاتلة"، لتقديم الدعم في شكل معدات إزالة الألغام والتدريب.

وقال ريزنيكوف: "أوكرانيا اليوم هي أكثر دول العالم الملغمة. مئات الكيلومترات من حقول الألغام، وملايين المتفجرات في أجزاء من خط المواجهة".

وأضاف وزير الدفاع الأوكراني "أن حقول الألغام الروسية تشكل عقبة خطيرة أمام قواتنا، لكنها ليست مستعصية على الحل".

وتابع: "لدينا خبراء متفوقون ومعدات حديثة، لكنها غير كافية للجبهة التي تمتد مئات الكيلومترات في شرق وجنوب أوكرانيا".

وزرعت القوات الأوكرانية بعض الألغام المتناثرة في البلاد لحماية خطوطها الدفاعية، لكن الغالبية العظمى منها روسية.

نقص عدد مزيلي الألغام

ولدى أوكرانيا 5 كتائب هندسية، مقسمة إلى 200 لواء، بدءًا من مايو، قبل بدء الهجوم المضاد هذا العام، كان كل منها 30 كتيبة قوية.

ووفقًا لشهادة مقدمة، فإن عدد مزيلي الألغام النشطين الآن أقل بكثير. يقال إن قتل خبراء المتفجرات والضباط هو أعظم مكسب للقوات الروسية.

قال أحد اللواءات النشطة، إنه كان قوامه 30 فردًا على الورق، لكن في الواقع كان يضم 13 رجلًا، 5 منهم فقط كانوا نشطين نتيجة الإصابة. فقد عضوان من أعضاء الوحدة أطرافهما، الأسبوعين الماضيين.

وقال سيرهي ريجينكو، كبير المسؤولين الطبيين في مستشفى ميتشنيكوف في دنيبرو، ويعالج العديد من المصابين بجروح خطيرة، إنه كان يستقبل ما بين 50 و100 جندي يوميًا، وكانت الألغام هي السبب الثاني لإصاباتهم بعد المدفعية.

تحالف دولي

في اجتماع عقد يوليو الماضي، في رامشتاين بألمانيا، وافق تحالف من 54 دولة يدعم أوكرانيا، على تدريب وتجهيز وحدات إزالة الألغام الأوكرانية. وتمت دعوة دول أخرى للانضمام إلى التحالف.

وقال "ريزنيكوف"، إن المبادرة فتحت باب التبرعات، لكن هناك حاجة ماسة إلى المزيد من مجموعة أوسع من الشركاء.

وأضاف بيت سميث، مدير برنامج أوكرانيا في منظمة هالو غير الحكومية لإزالة الألغام، الذي كان سابقًا ضابطًا في قيادة جميع أصول التخلص من الذخائر المتفجرة التابعة للجيش البريطاني، أن مستوى التلوث بالألغام لا يمكن التعرف عليه في التاريخ الحديث.

والشهر الماضي، نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تقريرًا عن الألغام في أوكرانيا، قائلة إن تلك البلاد أصبحت أكثر دولة ملغومة في العالم.

وجاء في التقرير أنه خلال عام ونصف العام من الصراع لوثت الألغام الأرضية إلى جانب القنابل غير المنفجرة وقذائف المدفعية وغيرها من المنتجات الثانوية المميتة للحرب رقعة واسعة من أوكرانيا تُقدر بنحو 176 كيلومترًا مربعًا.

وقال التقرير إن تحويل قلب أوكرانيا إلى أراض قاحلة وخطرة، كارثة ستكون طويلة الأمد، وعلى نطاق يقول خبراء الذخائر إنه نادرًا ما يُشاهد، ويستغرق الأمر مئات السنين ومليارات الدولارات لتطهيرها تمامًا.

الذخائر غير المنفجرة

وقال التقرير إن الذخائر غير المنفجرة تروي قصصًا صارخة، ونقل عن غريج كراوثر، مدير برامج مجموعة "ماينز" الاستشارية، مؤسسة خيرية بريطانية تعمل على إزالة الألغام والذخائر غير المنفجرة، إن الكمية الهائلة من الذخائر في أوكرانيا لم يسبق لها مثيل في 30 عامًا الماضية.

وأضاف التقرير أنه على الرغم من أن القتال المستمر يجعل عمليات المسح الدقيقة مستحيلة، فإن المؤكد هو أن حجم الذخائر وتركيزها يجعلان تلوث أوكرانيا أكبر من تلوث البلدان الأخرى الملغومة، بشدة مثل أفغانستان وسوريا.

قنابل عنقودية

وأشار التقرير إلى أن نشر القوات الأوكرانية هذا الأسبوع، للقنابل العنقودية الأمريكية الصنع، التي يُعرف عنها أنها تنثر الذخائر التي لا تنفجر، يمكن أن يزيد من الخطر.

وتسببت المتفجرات بالفعل في خسائر فادحة بين بداية الهجوم الروسي الشامل، فبراير 2022 ويوليو 2023، إذ سجلت الأمم المتحدة 298 قتيلًا مدنيًا، بينهم 22 طفلًا و632 بين رجال ونساء.

الكل مسؤول

وقال التقرير إن كلا الجانبين الروسي والأوكراني يستخدم الألغام؛ فقد قامت روسيا بتلغيم خطوطها الأمامية بكثافة، تحسبًا للهجوم المضاد الحالي لأوكرانيا، واستخدمت ألغامًا محظورة مضادة للأفراد على نطاق واسع.

والألغام ليست النوع الوحيد من المتفجرات التي تشكل تهديدًا، فقذائف الهاون والقنابل وقذائف المدفعية والذخائر العنقودية، وغيرها هي المتفجرات التي تشكل تهديدًا إذا لم تنفجر عند إطلاقها.

ونقل التقرير عن البنك الدولي قوله إن "إزالة الألغام ليست بطيئة فحسب، بل إنها مكلفة أيضًا، إذ تُقدر بنحو 37.4 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة (تراوح تكلفة المتر المربع بين دولارين و8 دولارات)".