تعتبر أزمة المناخ والتغير المناخي من أهم التحديات التي تواجه العالم حاليًا. ولفتت العديد من الدراسات والتقارير العلمية في السنوات القليلة الماضية الأنظار إلى خطورة هذه الأزمة وضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجتها. ومع ذلك، فإن الكثير من القادة السياسيين لا يزالون يغفلون أو يتجاهلون هذا الموضوع الحيوي في خطاباتهم وبرامجهم الحكومية. ويبدو أن رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون انضم إلى هؤلاء أخيرًا، وتم تجاهل قضية المناخ بشكل لافت في خطابه السياسي لهذا العام.
غياب المناخ عن خطاب ماكرون
عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعات مع قادة الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان الفرنسي بمدينة سان ديني بغرض مناقشة الأولويات الرئيسية للحكومة خلال الفترة الحالية. ومع ذلك، فقد غاب موضوع التغير المناخي والبيئة تمامًا عن جدول أعمال هذه الاجتماعات التي استمرت لمدة 12 ساعة، ولم يطرح ماكرون هذا الموضوع إلا نادرًا وكرد فعل على استفسارات من اليسار.
ووفقًا لما أشارت مارين تونديليه، الأمينة العامة لحزب أوروبا إيكولوجيا - الخضر، لصحيفة لوموند الفرنسية، فقد أبدت قلقها من غياب موضوع المناخ عن جدول أعمال الرئيس الفرنسي. وعندما ألقى ماكرون خطابه السياسي الرئيسي لهذا العام في 23 أغسطس المنصرم، لم يذكر سوى بضرورة تخطيط سياسات بيئية "مستندة إلى التحليل العلمي" دون تقديم أي مبادرات جديدة أو خطة عمل واضحة.
مطالبات بضرورة تضمين قضايا المناخ
أدى غياب قضية التغير المناخي من خطاب ماكرون إلى استياء العديد من مجموعات الضغط البيئية والناشطين في مجال حماية المناخ. فقد أكدت آن برين جولت، المنسقة البرامجية في شبكة أكسيون كلايمات الفرنسية، أن الرئيس ماكرون لم يتحدث كثيرًا عن هذا الموضوع أمام مجلس الانتقال البيئي الوطني الذي يضم ممثلين عن السلطات والجمعيات والنقابات.
كما شددت منظمات بيئية أخرى على ضرورة وضع خطة عمل واضحة ومحددة الأهداف لمعالجة أزمة المناخ من قبل الحكومة الفرنسية. ودعت إلى دعم التحول البيئي والطاقات المتجددة بشكل أكبر، فضلًا عن اتخاذ إجراءات صارمة لتقليص انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
تراجع اهتمام ماكرون بالقضايا البيئية
لاحظت الصحيفة الفرنسية، تراجع مستوى اهتمام ماكرون بقضايا البيئة والمناخ خلال الفترة الأخيرة بالمقارنة مع بداية ولايته الأولى عام 2017. حيث كان أعلن حينها عن إعداد "خطة طموحة للطاقة والمناخ" ووعد بتحقيق الحيادية الكربونية لفرنسا بحلول عام 2050.
لكن بعد أزمة حركة السترات الصفراء، تراجع ماكرون عن العديد من الإصلاحات البيئية المقترحة بما في ذلك زيادة ضرائب الوقود. كما أقال وزيرة البيئة نيكول بيسكيه عام 2020، وهو ما اعتبره الناشطون بمثابة إشارة سلبية تجاه القضايا البيئية.
وفي السنوات الأخيرة، تراجع الحديث عن مواضيع مثل تغير المناخ في خطابات ماكرون تدريجيًا لصالح قضايا أخرى مثل الهجرة والأمن. كما أن تعيين إليزابيث بورن رئيسة للوزراء، التي لديها خلفية في مجال النقل أكثر منه في البيئة، لم يرض العديد من المنظمات البيئية.
وفي المجمل، يشير التراجع اللافت في الحديث عن القضايا البيئية من قِبل ماكرون، الذي كان يعد من المؤيدين للبيئة مقارنة بسابقيه، إلى تراجع اهتماماته تجاه هذه القضايا وربما تأثره بضغوطات سياسية داخلية أخرى. وهو ما أثار انتقادات واسعة من قِبل الحركات البيئية.