تشهد فرنسا أزمة إنسانية مؤلمة متمثلة في ارتفاع ملحوظ بأعداد الأطفال دون مأوى قبل انطلاق العام الدراسي الجديد، إذ بلغ عدد الأطفال المتروكين في الشوارع قرابة 2000 طفل، مما يعكس تراجعًا مثيرًا للقلق في مستوى التزام باريس برعاية الفئات الضعيفة، وفقًا لآخر إحصائية نشرتها منظمة اليونيسف في فرنسا.
وبحسب صحيفة "لوموند"، أظهر آخر تقرير صادر عن منظمة اليونيسف في فرنسا أن عدد الأطفال المشردين ودون مأوى بلغ نحو 2000 طفل، ممثلًا ارتفاعًا قدره 56% عن الرقم المسجل في يناير الماضي. كما زاد عدد النساء المطلقات والحوامل من دون سكن بنسبة 46% خلال السنة الماضية.
أكدت الصحيفة أن إغلاقات ملاجئ الطوارئ المتكررة ساهمت في تدهور الوضع، كما حذرت منه المنظمات مطالبة بإجراءات حكومية عاجلة.
الوضع في ليون
تشهد مدينة ليون أسوأ حالات تشرد الاطفال منذ عام 2014، إذ تؤكد الدراسة أن الوضع على أرض الواقع أسوأ بكثير، حيث تواجه جمعية مدرسية وأولياء أمور في مدينة ليون وضعًا لم تشهده منذ تأسيسها قبل 9 أعوام، إذ ترك 80 أسرة مشردة في الشارع في 7 أغسطس، بينهم أطفال صغار لا يتجاوزون ثلاث سنوات.
في حين أشار التقرير إلى أن عدد الأطفال المشردين بلغ 395 طفلًا في المدينة التي تقع في جنوب شرق فرنسا، ثلاثة أضعاف العام الماضي.
تعد ليون ثالث أكبر مدينة من حيث عدد السكان بعد مدينة باريس ومدينة مارسيليا.
تأثير التشرد على التعليم
وبحسب "لوموند"، يعاني الأطفال المشردين من عدة تحديات ومشكلات في التعليم، وأشار التقرير إلى أن بعض الأسر المشردة يتم رفض تسجيل أطفالها في المدارس رغم أن القانون ينص على خلاف ذلك.
كما أشار إلى أن البعض الآخر من هذه الأسر يفضلون الانتظار حتى استقرار وضعهم قليلًا قبل إرسال أطفالهم للمدرسة. وبمجرد التحاق الأطفال المشردين بالمدرسة، فإنهم يعانون من ظروفهم المعيشية إذ يشير التقرير إلى أنهم ينامون أثناء الحصص أو قد يتغيبون إذا اضطروا لقضاء الليلة في مكان آخر.
وبشكل عام فإن تعليم هؤلاء الأطفال يصبح عبئا ومعاناة بسبب ظروفهم الصعبة كالتشرد وعدم الاستقرار المعيشي.
تعليقات الجهات ذات العلاقة
وأوضحت أديلين هازان، رئيسة اليونيسف في فرنسا، أن هذا الرقم أكثر من ضعف الرقم المسجل في 31 يناير 2022، كما أنه أعلى بنسبة 17% من الرقم المسجل في 22 أغسطس 2022، وهو ما يمثل زيادة بنحو 56% مقارنة بإحصائية 30 يناير 2023.
وأضافت "هازان" أن عدد النساء المشردات مع أطفالهن شهد ارتفاعًا حادًا أيضًا بنسبة 46% خلال عام، مشيرة إلى أن هذه الأرقام لا تشمل الأطفال غير المصحوبين بذويهم أو الأسر التي لم تتمكن من الاتصال بخدمة الطوارئ.
كما انتقد باسكال بريس، رئيس اتحاد فرنسا لجمعيات المساعدة الاجتماعية، إغلاقات ملاجئ الطوارئ خلال فترات الصيف.
أسباب التدهور
تشير التقديرات إلى أن تأثيرات الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدلات التضخم ساهما في زيادة أعداد الأسر الفقيرة والمشردة.
كما أدى نقص الوحدات السكنية الاجتماعية وطول قوائم الانتظار إلى تفاقم المشكلة.
دعت حركات مجتمعية مختلفة الحكومة لوضع خطة طارئة لمعالجة الأزمة قبل بدء العام الدراسي، كما طالب أعضاء البرلمان الفرنسي بإجراء تحقيق برلماني في أسباب التراجع وملاحقة المسؤولين.