تعيش فرنسا حالة من عدم الاستقرار الأمني، بسبب ارتفاع معدلات الجريمة والشغب في الآونة الأخيرة؛ مما دفع جيرالد دارمانين، وزير الداخلية الفرنسي، إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة هذه الظاهرة، ومن بينها طرد مرتكبي العنف من منازل الإسكان الاجتماعي.
وفي تطور جديد، وجه "دارمانين" رسالة إلى محافظي المناطق، يحثهم فيها على استخدام جميع الوسائل المتاحة قانونيًا لإخلاء مرتكبي العنف والشغب من منازلهم، مُؤكدًا على عدم وجود مجال للتضامن مع من ينتهكون القانون.
وقد أثار هذا الإجراء جدلًا واسعًا في فرنسا، خاصة بعد طرد أحد مرتكبي العنف وعائلته من مسكن اجتماعي في منطقة فال دواز الأسبوع الماضي، الأمر الذي اعتبره البعض مُبالغًا فيه.
رسالة دارمانين الصارمة
تلقى محافظو المناطق في فرنسا رسالة صارمة من وزير الداخلية، جيرالد دارمانين، يحثهم فيها على طرد مرتكبي الشغب من منازل الإسكان الاجتماعي التي يعيشون بها، في إطار الحملة الأمنية لمكافحة ظاهرة العنف والفوضى.
اتباع القانون بكل حزمٍ
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر مطلعة أن رسالة دارمانين طالبت المحافظين بـ"اتباع جميع الوسائل المُتاحة قانونًا بكل حزم لإخلاء المشاغبين من منازل الإسكان الاجتماعي".
كما أكد الوزير عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، تويتر سابقًا، أنه لا مجال للتضامن مع منتهكي القانون، مُشددًا على ضرورة الحزم في التعامل مع المشاغبين.
خلفية القرار
ووفقًا لصحيفة "لو باريسيان" الفرنسية، فإن مصادر حكومية أشارت إلى أن الرسالة جاءت بعد الجدل الذي ثار حول قرار طرد أحد المشاغبين المدانين وعائلته من شقة إسكان اجتماعي في منطقة فال دواز، حيث اعتبره البعض تجاوزًا للسُلطة.
من جهته، علّق المحافظ المعني بالقرار بالقول إنه تم التنفيذ بناء على حكم قضائي سابق بالإخلاء لعدم دفع الإيجارات.
انتهاك لحق الاستخدام
وأوضحت الرسالة أن ارتكاب أي جريمة خطيرة بالقرب من المسكن، يُشكل انتهاكًا لحق الاستخدام السلمي للمنزل، ما يسمح لشركات الإسكان برفع دعاوى قضائية لفسخ عقود الإيجار، وفقًا لما أشارت الصحيفة الفرنسية.
كما طالب المحافظين بالتأكد من إدراك شركات الإسكان ورؤساء البلديات لهذه الأحكام وتسهيل استخدامها.
مؤيد ومعارض
وبحسب صحيفة لوموند، فقد رحّب ناشطون وسياسيون بالقرار، معتبرين أنه يحقق الردع والعدالة.
من ناحية أخرى، يرى البعض أن طرد الأشخاص مباشرة بعد تورطهم في أعمال شغب قد يمثل انتقامًا بدلًا من عقوبة قانونية، كما أن المساكن الاجتماعية مخصصة لمن لا يملكون وسائل أخرى للسكن، وقد يؤدي الطرد إلى زيادة التوترات الاجتماعية بدلًا من تهدئتها.
نص القانون
وفقًا لنصوص القانون، ليس من صلاحية المحافظ إصدار أمر الإخلاء، وإنما يتم ذلك بقرار قضائي عادة بعد إجراءات قضائية طويلة، ولا يُمكن تبريره إلا بسبب عدم احترام شروط الإيجار، كعدم دفع الإيجارات أو الإضرار بحق الاستعمال أو ارتكاب أفعال إجرامية من قبل المستأجرين، مثل بيع مخدرات أو ضوضاء زائدة.
وفقًا لصحيفة "لو باريسيان" فإن المادتين 1.728 من القانون المدني و7 من القانون 89-462 المؤرخ في 6 يوليو لسنة 1989 تؤكدان أن ارتكاب "عمل إجرامي خطير قريب من مكان الإقامة" يُشكل "اعتداءً على حق الاستخدام السلمي للمسكن".
وعلى هذا الأساس، يتم رفع دعوة في القضاء المدني للحكم بـ"شطب عقد الإيجار وإخلاء جميع المقيمين لاستعادة هدوء المكان".
حملة أمنية فرنسية
وسط هذا الجدل، تواصل السُلطات الأمنية الفرنسية حملتها ضد مرتكبي أعمال الشغب والفوضى، في محاولة لاستعادة الاستقرار وفرض سيادة القانون.