الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

فرنسا توافق على زيادة المدة الزمنية لاستغلال أول مفاعلاتها النووية إلى 50 عاما

  • مشاركة :
post-title
أبراج التبريد في محطة تريكاستن للطاقة النووية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

في قرار تاريخي، أصدرت الهيئة الفرنسية للسلامة النووية موافقتها على تشغيل المفاعل رقم واحد بمحطة طاقة تريكاستن النووية لمدة 50 عامًا، وهذا القرار يمثل إطالة للعمر الافتراضي للمفاعلات الفرنسية خارج الحدود التقليدية البالغة 40 عامًا.

وقد تم اتخاذ هذا القرار بعد سلسلة من المراجعات الدقيقة التي استغرقت سنوات طويلة للتأكد من توافر المعايير الصارمة للسلامة، حيث يعتبر هذا القرار ذروةً لعملية طويلة بدأت منذ عام 2021 وتهدف إلى تمديد عمر 32 مفاعلًا نوويًا فرنسيًا تم تشغيلها بين عامي 1978 و1987، وذلك لتجاوز الحد الأقصى التقليدي البالغ 40 عامًا.

نصف قرن

وبحسب تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية، فقد أعلنت الهيئة الفرنسية للسلامة النووية عن موافقتها النهائية على إطالة عمر المفاعل الأول بمحطة تريكاستن لمدة 50 عامًا، بعد سلسلة من التفتيشات الدقيقة وعملية مراجعة استغرقت سنوات طويلة بهدف التأكد من توفر المعايير الصارمة للسلامة.

وقال يفوس جوانيل، رئيس مكتب مراجعة المخاطر بقطاع المفاعلات النووية بالهيئة الفرنسية، إن "الهيئة لا يمكنها إصدار رأي نهائي إلا بعد إجراء فحوصات معمقة على كل مفاعل على حدة"، مُشيرًا إلى أن تقريرًا رسميًا تم تقديمه من قبل شركة كهرباء فرنسا "إدف"، ‏وإجراء تحقيق عام خلال بدايات عام 2022 للمفاعل الأول بتريكاستن.

وتعتمد فرنسا بنسبة تفوق 70% على الطاقة النووية؛ لتغطية احتياجاتها من الطاقة الكهربائية، إذ تدير شركة الكهرباء الفرنسية "إدف" أكبر أسطول مفاعلات نووية تجاري في العالم يضم 56 مفاعلًا. وكانت فرنسا قد بدأت العمل على تمديد عمر هذه المفاعلات ضمن خطتها للاعتماد على الطاقة النووية لفترة أطول.

قرار تاريخي

وقد أعرب عدد من الخبراء عن رأيهم بشأن هذا القرار التاريخي، إذ قال أندريه فيرونيل، الخبير النووي الفرنسي في تصريحات لصحيفة لو فيجارو، إن "هذه الخطوة جاءت في إطار السياسة الوطنية الرامية إلى تمديد عمر جميع المفاعلات حتى 60 عامًا"، مُشددًا على ضرورة الاستمرار في توفير معايير السلامة النووية الصارمة.

كما أعرب أوليفييه فيران المُتحدث باسم الحكومة الفرنسية عن أهمية هذا القرار "الاستراتيجي" بالنسبة لمستقبل الطاقة الفرنسي، مُؤكدًا أن إطالة عمر المفاعلات يلعب دورًا أساسيًا في ضمان اكتفاء البلاد من الطاقة على المدى البعيد.

من جانبه، لفت ماكسيم بوليفياني، مدير الرابطة الوطنية لصناعات الدفاع، إلى أنه "رغم التقدم المحرز في تنويع مصادر الطاقة، ما زالت فرنسا بحاجة إلى بناء مفاعلات جديدة لتغطية احتياجاتها المتزايدة في المستقبل".

داخل المفاعل رقم واحد في محطة تريكاستين للطاقة النووية
الاعتماد على الطاقة النووية

وبالتزامن مع جهودها لتعزيز إنتاج الطاقة المتجددة، ستستمر فرنسا بالاعتماد بشكل كبير على الطاقة النووية كمصدر أساسي للكهرباء لعدة عقود قادمة، وتهدف الخطط الحكومية إلى إطالة أعمار باقي المفاعلات القائمة، مع مراعاة أعلى معايير السلامة.

واصلت الحكومة الفرنسية تنفيذ خططها لتطوير الطاقة النووية السلمية، التي تهدف إلى تقليص نسبة الاعتماد على هذا المصدر ليُشكل نحو 50% من الطاقة بحلول عام 2035.

بناء مفاعلات جديدة

وفي هذا السياق، تعكف فرنسا على خطة لبناء 6 مفاعلات من الجيل الجديد من الطراز EPR، وذلك لتعويض المفاعلات القديمة التي ستتقاعد تدريجيًا.

ومن المقرر إطلاق المفاعل الأول من هذا الجيل في محطة فلامانفيل بنهاية العام الحالي بعد تأخيرات طويلة، ليكون البداية لخطة استثمارية طموحة.

من جهة أخرى، تسعى فرنسا إلى تنويع مصادر الطاقة المستدامة بتطوير قدراتها في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين النظيف.

غير أن الخبراء يرون أن الطاقة النووية ستظل العمود الفقري لقطاع الكهرباء الفرنسي لسنوات طويلة قادمة، نظرًا لكفاءتها العالية وانبعاثاته القليلة لغازات الاحتباس الحراري.

وبالتالي يأتي قرار تمديد عمر المفاعل الأول بتريكاستن؛ ليؤكد عزم فرنسا على الاستمرار في الاستفادة من الطاقة النووية، أفقيًا عبر إطالة عمر مفاعلاتها القائمة، ورأسيًا من خلال إنشاء مفاعلات جديدة تتماشى مع التقنيات والمعايير الأكثر صرامة.