الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

وفاة بريجوجين.. بداية عهد جديد للنفوذ الروسي في إفريقيا

  • مشاركة :
post-title
متظاهر يحمل العلم الروسي في بانجي في 22 مارس، خلال مسيرة لدعم الوجود الروسي في إفريقيا الوسطى - أرشيفية

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

لقي مؤسس وقائد مجموعة "فاجنر" العسكرية الخاصة الروسية، يفجيني بريجوجين، مصرعه في حادث تحطم طائرة في روسيا الأسبوع الماضي، وفقًا لما أعلنته وسائل الإعلام الروسية، وقد يكون لهذا الحادث تداعيات واسعة النطاق على مستقبل النفوذ الروسي في إفريقيا، نظرًا للدور المحوري الذي لعبته مجموعة فاجنر في تعزيز الوجود الروسي عبر القارة الإفريقية خلال السنوات الخمس الماضية، في القوت الذي كانت تخوض فيه المجموعة العسكرية معركة النفوذ على القارة.

ولاء القادة الأفارقة بعد موت بريجوجين

وبحسب ما تُشير صحيفة الجارديان البريطانية، يرى بعض المحللين أن وفاة بريجوجين قد تُعزز القبضة الروسية على إفريقيا بين الفاعلين القويين الذين اعتمدوا على شبكة فاجنر من شركات الظل والمرتزقة؛ لتعزيز سلطتهم الخاصة.

وفي المقابل يرى يعتقد بعض الخبراء الآخرين، بحسب الصحيفة البريطانية أن بعض القادة الأفارقة قد يشعرون حاليًا بعدم الثقة في موسكو، وربما لا يكونون موالين بنفس القدر الذي يتفاخر به الجانب الروسي.

كما سقطت الدول الأصغر حجمًا تحت نفوذ فاجنر، مما سمح للمجموعة المرتزقة ببناء شبكة تمتد الآن من شواطئ البحر الأبيض المتوسط شمالًا إلى موزمبيق في جنوب شرق القارة على المحيط الهادئ.

مالي.. المحطة الأخيرة

الأسبوع الماضي، ظهر بريجوجين، وهو مسلح ببندقية هجومية ويرتدي زيًا عسكريًا، في مقطع فيديو يبدو أنه صوّر، كما قال، "في القارة الإفريقية"، وأشارت مصادر متعددة إلى أن بريجوجين كان في مالي، إذ ينتشر نحو 800 من رجاله إلى جانب القوات المسلحة المحلية في قتال الجماعات الإرهابية وغيرهم من المتمردين، وجاء ذلك بعد صفقة مع النظام العسكري في البلاد في ديسمبر 2021 بعد انقلاب أطاح بحكومة الرئيس المالي آنذاك، باه نداو.

بريجوجين خلال آخر مقطع مصور في مالي قبل وفاته
صفقة إفريقيا الوسطى

وقبل مالي، زار بريجوجين أيضًا بانجي، عاصمة جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث قامت فاجنر بأكبر وأنجح عملية لها منذ أن تمت دعوتها إلى البلاد من أجل دعم نظام فوستان آرشانج تواديرا.

مقابل تنازلات تعدينية وأخشابية مربحة في جمهورية إفريقيا الوسطى، وفرت مجموعة فاجنر مقاتليها، بالإضافة إلى نشر متخصصي الاتصالات، وبنت مركزًا ثقافيًا روسيًا، وأنشأت محطة إذاعية، وشملت مشاريعها التجارية إنتاج وبيع الخمور، إلى جانب التجارة غير المنظمة للماس.

فاجنر تطوق إفريقيا

كما عملت فاجنر على التوسع في الكاميرون وبوركينا فاسو وجمهورية الكونغو الديمقراطية، إلا أن محاولاتها لمساعدة الحكومة المنكوبة في موزمبيق ضد الجامعات الجهادية قد باء بالفشل.

حتى وقت قريب نسبيًا، أنكر الكرملين أي صلة له ببريجوجين أو مقاتليه ورجال الأعمال المشبوهين.

مقاتلو فاجنر يقفون خلال احتفال في جمهورية إفريقيا الوسطى

إلا أن الصحيفة البريطانية أكدت أن الدور البارز لمجموعة فاجنر في الحرب في أوكرانيا، ودورها المتزايد البارز في إفريقيا، دفع وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، للاعتراف بصلته بالنظام الروسي.

في أعقاب تمرد بريجوجين الفاشل في يونيو، لم تظهر أي دلائل على أي محاولة فورية من جانب الكرملين للاستيلاء على شبكات وممتلكات فاجنر في إفريقيا.

الدفاع الروسية في المشهد

الآن بعد وفاة بريجوجين، من المرجح أن يتغير هذا، كما يقول المحللون، إذ بحسب ما أشارت إنريكا بيكو، مديرة مشروع إفريقيا الوسطى بمجموعة الأزمات الدولية، فإنه من المرجح أن "تتولى وزارة الدفاع ومتعاقدو الجيش الخاص التابعون لها أساسًا العمليات العسكرية والاقتصادية".

أهمية فاجنر لروسيا

يتفق معظم المراقبين على أن شركة فاجنر كانت "ناجحة جدًا بالنسبة للكرملين بصورة تجعلهم لا يفكرون في خسارتها"، ومن أجل مواجهة التحديات التي تواجهها من الغرب، تواصل موسكو البحث عن حلفاء في إفريقيا، بالإضافة إلى ذلك، تلعب الشركات التابعة لفاجنر دورًا في دعم الاقتصاد الروسي المتأثر بالعقوبات، من خلال استخراجها للموارد الطبيعية مثل الذهب والموارد الأخرى.

جهود المحافظة على إرث بريجوجين

من جهته يشير دينو ماهتاني، المحلل المستقل والمراقب المخضرم لشؤون إفريقيا، إلى أن هناك جهودًا تبذل "للحفاظ على ما حققه بريجوجين، ولكن مع تعزيز درجة المساءلة".

بريجوجين خلال لقائه بالسفير فريدي مابوكا مستشار الرئيس في جمهورية إفريقيا الوسطى في الكرملين 2023
تحديات الانتقال السلس في القيادة

تُشير تحليلات الخبراء وفقًا للصحيفة، إلى أن تحقيق انتقال سلس في قيادة شركة فاجنر قد يكون أمرًا صعبًا بالنسبة للكرملين. على الرغم من أن توفير أجور مجزية نسبيًا، قد يشجع العديد من مقاتلي فاجنر وفنييها ومتخصصي الاتصالات والمسؤولين في إفريقيا، إلا أن الولاء الشخصي لمؤسس فاجنر والتمسك بالعلامة التجارية التي تحمل الطابع القومي الروسي، كانا أمورًا مهمة أيضًا في جذب الأفراد للانضمام إليها.

تزدهر شركة فاجنر حاليًا أكثر في إفريقيا، ويعتقد أن هذا التطور سيُسهم في دمج موظفيها في أي هيكل جديد يسعى الكرملين إلى بنائه، ومع ذلك، يشدد الخبراء على أهمية العلاقات الشخصية في هذه العملية أيضًا.

أهمية علاقات بريجوجين الشخصية

وفي هذا السياق، يتحمل الكرملين المسؤولية العلنية عن عمليات فاجنر في إفريقيا، وهو يدخل بذلك في مغامرة ذات مخاطر عالية، وفقًا للدكتورة علياء براهيمي، خبيرة في مجال الشؤون السياسية، قالت للصحفية: "من المؤكد تقريبًا أن عصر الشخصية قد انتهى، وهذا قد لا يكون سيئًا عندما تسعى المؤسسة للتوسع. ومع ذلك، يواجه بوتين الآن مخاطر جغرافية سياسية، حيث فقد عنصر الوكالة، ولا يمكن الإنكار الآن. كانت شركة فاجنر نشطة في منطقة استراتيجية للغاية بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها أيضًا. لذلك، فإن مخاطر التصعيد في الوقت الحالي أعلى بكثير".

بصورة ملخصة، فإن تحقيق انتقال سلس في قيادة شركة فاجنر يواجه تحديات، وتعتبر العلاقات الشخصية ومخاطر التصعيد نقاط اهتمام رئيسية في هذا السياق، تبقى القضية محل اهتمام ومراقبة مستمرة للتأكد من تحقيق النجاح والاستقرار في عملية الانتقال.