مع انتشار التطور التكنولوجي تمكن الذكاء الاصطناعي من التوغل في عالم الفن، ليصبح جزءًا أصيلًا في العملية الفنية، بل ذهب الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك وأصبح بالإمكان تقديم أعمال فنية كاملة اعتمادًا عليه، الأمر الذي صاحبه اعتراضات واسعة من جانب الفنانين بسبب تهميش دورهم وإمكانية الاعتماد في المستقبل القريب على الذكاء الاصطناعي فقط دون تدخل بشري.
وبعيدًا عن الفرضيات والجدل، خاض المخرج السوري محمد عبد العزيز تجربة عملية باستخدام الذكاء الاصطناعي بعيدًا عن العنصر البشري، من خلال مسلسل يحمل اسم "البوابات السبع" إذ واجهته تحديات كثيرة أثناء تنفيذ العمل وقبل خروجه إلى النور، وحول هذه التجربة الجديدة وإيجابياتها وسلبياتها تحدث لـ موقع "القاهرة الإخبارية".
نهاية الإنسان البدائي
يشير المخرج السوري إلى أن دخول عالم الذكاء الاصطناعي كان يشغل باله منذ فترة طويلة، وهو ما حمسه لخوض تجربة مسلسل "البوابات السبع"، عبر مسلسل يتطرق إلى بعض النظريات الفيزيائية كالانتقال عبر الزمن وانقسام الفوتون على ذاته، أو تواجد شخص بمكانين بالوقت نفسه، حيث يقول: "أنجزت في عام 2019، مسلسلًا يحمل ملامح وصبغة قريبة من العمل، بعنوان "صانع الأحلام" ولكنه لم يكن كافيًا بالنسبة لي على مستوى الغوص بالعمق المطلوب حتى سنحت الظروف وقمت بإنجاز "البوابات السبع"، وأظن أن سر حماسي ينبع من الأسئلة الجوهرية حول مصيرنا القاتم في حال أصبحنا بمعزل عن إعادة تأهيل الكائن البشري عبر التكنولوجيا الذكية والذكاء الاصطناعي الذي أجد فيه الخير الكثير لنقلنا إلى حقبة جديدة يكون الإنسان فيها مندمجًا مع الآلات والتطبيقات الذكية".
بوابات دمشق السبعة
وحول تفاصيل استخدامه للذكاء الاصطناعي في مسلسل "البوابات السبع"، والتحديات التي واجهته، يؤكد المخرج السوري أن العمل تم استخدام الذكاء الاصطناعي به من أجل بناء صيغ وتصورات بشرية حول مستقبل ما ستكون عليه مدينة دمشق وبواباتها التاريخية السبعة في المستقبل، إذ يقول: "العمل بحد ذاته يدور حول المبرمجين والأفراد المندمجين مع التطبيقات الذكية والقادمين من المستقبل لتغيير مصائرهم في الماضي الذي هو الحاضر بالنسبة لنا".
ويضيف: "لم تكن هناك تحديات تُذكر سوى عدم وجود مرجعيات وأعمال سابقة جرى تصويرها في البلاد، ويمكن الاستفادة من تجربتها وتحاشي أخطائها لقد تعلمنا من أنفسنا، واللافت كان التعاون الذي أبدته المؤسسات الرسمية في تذليل بعض العقبات التي واجهتنا مثل المواقع الخاصة بالجيش بكونها مُجهزة وتخدم الفكرة التي نحن بصدد تنفيذها فلهم جميعًا أفرادًا وضباطًا عميق الشكر والامتنان".
النار بالنار
كان للمخرج السوري تجربة مميزة في السباق الرمضاني المنقضي من خلال مسلسل "النار بالنار"، بطولة جورج خباز، عابد فهد، كاريس بشار، وحول هذه التجربة والنجاح الكبير الذي حققه، يقول: "هذه التجربة مثل أي تجربة تتراكم لديك مجموعة من الخبرات وتدرك معنى أعمق لمفهوم العمل الجماهيري".
ويضيف: "النار بالنار" كان تقديمًا للممثلين بعيدًا عن الإخفاقات التي كان بعضهن يعانينها منذ عشرات الأعمال السابقة لهن وقمت بتقديم الجميع ضمن إطار عمل درامي معاصر حسب معايير الأداء المُتقن.
ويؤكد أنه يستعد لمسلسل درامي في موسم رمضان المقبل، بعد النجاح الكبير الذي حققه "النار بالنار"، إذ يقول: "مشروع رائد وجديد سنقوم بكل محبة وتعاون تقديمه للمتلقي العربي ضمن إطار الدراما المشتركة ".
مفاهيم العدل
يؤمن مخرج "النار بالنار"، أن هناك مبادئ أولية ومعايير خاصة به، لقبول أي نص درامي حتى يقوم بإخراجه، إذ يقول: "المعايير التي تتوافق مع مساحة التجريب التي أنشدها في كل عمل أقوم بإنجازه إذ أنفر من القولبة والمعتاد والمهام الوظيفية للمنجز الإبداعي سواء كان فيلمًا أو عملًا تلفزيونيًا متسلسلاً، وشرط النص الذي يوفر المبادئ الأولية التي تتوافق مع المعايير التي أحققها في أعمالي وهي توسيع هامش الحريات العامة وترسيخ مفاهيم العدل والمساواة".