الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

سؤدد كعدان: كوميديا "نزوح" السوداء طريقي للجمهور السوري

  • مشاركة :
post-title
المخرجة السورية سؤدد كعدان برفقة فريق نزوح

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

- الإيمان بالفكرة سبب النجاح.. واعتمدت على ارتجال الممثلين
- حصول العمل على جائزة في مهرجان فينيسيا تعويض عن التعب والمنافسة كانت قوية

بين بنايات دمرتها الحرب في سوريا، وهروب أغلب أبناء البلدة، يرفض "معتز" رب الأسرة مغادرة المكان، رغم الضغوط التي تبذلها زوجته "هالة" لإقناعه بالنزوح خوفًا من تعرضهم للقصف، ورغم الدمار الذي لحق بجزء من البناية جعل صعوبة في العيش بالمكان، يحاول الأب إقناعهم بأن استمرار وجودهم يمنحهم الأمان، قبل أن تقرر الأم الهرب بصحبة ابنتها للبحث عن عالم آخر قبل أن يلحق بهم الأب رافضًا أن يفقدهم.

رغم ما يحمله العمل من مأساة، لكن مؤلفة ومخرجة الفيلم سؤدد كعدان، رفضت أن تضعه داخل هذا الإطار، لكنها صنعت من الظروف الصعبة التي تواجهها الأسرة الصغيرة مواقف تعتمد على الكوميديا سوداء لإيصال الفكرة، بالإضافة إلى جعل المشاهد متحمسًا ومستمتعًا أيضًا بالفيلم، هذا ما أكدته المخرجة السورية لموقع "القاهرة الإخبارية"، إذ تقول: "أحببت تقديم العمل بشكل مختلف وجديد، خاصة أن الجمهور يتردد في دخول الأفلام السورية لأنها تناقش الألم بشكل مباشر، لذا قررت أن أقدم هذا النوع بأسلوب كوميدي لأنه قريب من الجمهور، وإذا شعر المشاهد بأبطال العمل أثناء مشاهدته للفيلم، فأكون نجحت في توصيل الرسالة، فالشخص يشعر بالفرح والحزن مع صديقه، لذا أردت عدم إيصال فكرة أن هؤلاء الأشخاص مجرد ضحايا فقط".

كواليس فيلم نزوح
الخروج إلى النور

تؤكد المخرجة سؤدد كعدان، أن فكرة العمل وكتابته بدأت منذ سنوات طويلة واقتبستها من واقعها الذي كانت تعيش فيه، وتقول: "بدأت كتابة العمل عام 2013، وكنت في ذلك الوقت في بيروت، حيث غادرت سوريا أواخر 2012، وكان هذا القرار صعبًا بالنسبة لي، فكنت أريد أن أقدم فيلمًا عن هذه القصة، وإيصال الفكرة إلى كل العالم لإيصال معاناة السوريين وصعوبة ترك بلادهم والنزوح إلى بلدان أخرى".

وتضيف: "التحضير لهذا العمل كان مليئًا بالصعوبات والتحديات بالنسبة لي، فمن الأشياء الصعبة أنني أردت التصوير في سوريا، وكان هذا أمرًا مستحيلًا، لذا اضطررت لتصوير الفيلم بتركيا، وكانت هناك صعوبات واجهت ممثلين العمل، لأن كل واحدًا منهم يسكن في مكان مختلف، فالفنانة السورية كندة علوش تعيش في مصر، والفنان السوري سامر المصري يعيش في دبي، وكل من الطفلين يعيشان في أماكن مختلفة، فكان هذا الأمر صعبًا بالنسبة لي، بالإضافة إلى أن العمل احتاج إلى ميزانية عالية، وكان بناء الديكور المُدَمر في تركيا مُكلفاً للغاية، خاصة أنني أردت أن تكون الصورة حقيقية حتى تلمس المشاهد".

الارتجال

وحول اختيار ممثلين سوريين لتقديم فيلم "نزوح"، تشير سؤدد كعدان إلى أنها حرصت على اختيار الممثلين حسب جنسيتهم، خاصة أن العمل يحمل رسالة معبرة وتحتاج إلى شخص عانى من هذا الألم، وتقول: "الشخصية التي تحمل الجنسية السورية قادرة على التعبير عن المشاعر والتفاصيل، بالإضافة إلى الارتجال، وهذا الشيء الذي عملت معه مع الممثلين، فالفيلم يتضمن نسبة كبيرة من الارتجال من جانب الممثلين، وهذا الأمر يعطي العمل عفوية وصدق، بالإضافة إلى جعله قريب للمشاهد، لذلك أعتبر الممثل الذي يشارك معي في أي عمل فني شريك في العمل".

المخرجة السورية سؤدد كعدان
أصعب المشاهد

رغم أن العمل مليء بالصعوبات والتحديات بالنسبة للمخرجة السورية، إلا أنها ترى أن أصعب مشهد بالنسبة لها في فيلم "نزوح"، هو سقوط الابنة من سطح البناية إلى غرفتها من خلال "الحفرة" الموجود بالسقف نتيجة عملية القصف، إذ تقول: "حاولت أن أقدم هذا المشهد بصورة صحيحة ودقيقة للمُشاهد وتعبر عن الرسالة التي أقدمها فيه، وكان الأمر صعبًا بالنسبة لي بسبب أن الفتاة التي تجسد الدور عمرها 12 عامًا، ولم يسبق لها التمثيل، بالإضافة إلى أن هذا المشهد أول مشهد صوّر في العمل، بسبب ظروف الاستديو فاضطررت إلى تصويره أول شيء وهذا الأمر كان مُقلقًا للغاية، لكن الطفلة هالة زين، أثبتت موهبتها التمثيلية وقدمته بشكل مناسب".

إيمان بالفكرة

تشير سؤدد كعدان إلى أن السبب الرئيسي في نجاح فيلم "نزوح"، يرجع إلى إيمان كل الممثلين في العمل، بفكرته وحرصهم على تقديمه بشكل مناسب، وتقول: "سعدت للغاية بالتعاون مع كندة علوش وسامر المصري، فهم فنانان رائعان ومحترفان، واستطاعا تقديم شكل العائلة السورية بشعور قريب من الجمهور، ورغم أن التصوير كان صعبًا على الممثلين بسبب السفر وخاصة الفنانة كندة علوش، إلا أن إيمانهم الكبير بالفكرة وإرادتهم في تقديم شيء لبلدهم سوريا، جعلهم يستكملون المشروع بكل شغف وحب".

الممثلة السورية كندة علوش
رسائل غير مباشرة

يحمل فيلم "نزوح" العديد من الرسائل والمعاني غير المباشرة، ويرجع هذا إلى مخرج العمل، وحول هذه التفاصيل وخاصة مشهد ترك الحذاء والبالطو في منتصف الطريق أثناء رحلة نزوح "كندة علوش"، تقول سؤدد: "الفيلم يحمل رسائل كثيرة غير مباشرة وكل شيء في الفيلم له دلالة وهدف، ومشهد ترك الحذاء والبالطو دلالة على أن النزوح قادر على كسر الأشياء الغالية على قلبنا، فهذا الحذاء كان غاليًا على "هالة"، ورغم ذلك تركته لأنه غير مهم وفضلت أشياء أخرى عنها وكذلك البالطو، وهذا ما حدث معي في الواقع عندما تركت أشياء غالية عليّ وقت النزوح".

وتضيف: "لقد تركت النهاية مفتوحة لأنني أحببت أن يقرأها كل شخص بطريقته الخاصة، ففيها نوع من الأمل، بعد ما اجتمعت العائلة من جديد في النهاية، لذلك تركتها مفتوحة حتى يكون هناك أمل لأن معظم العائلات تتشتت وقت النزوح".

وتابعت: حصول الفيلم على عدة جوائز وخاصة جائزة في مهرجان فينيسيا أمر غير متوقع ومُفرح لي، وكانت مفاجأة جميلة خاصة أن المنافسة قوية، وأرى أن هذه الجائزة تعويض عن كل التعب والمجهود الذي بذلته أنا وفريق العمل".