الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مارسيل خليفة: في أعماقي تراتيل تبحث عن الرؤيا في الحزن الخريفي

  • مشاركة :
post-title
الفنان اللبناني مارسيل خليفة

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

قصائد محمود درويش في قلبي وعقلي.. ولقائي مع نصوصه تحول جذري في حياتي 
لن ننسى فلسطين.. فالكلمات لا تكفي لتصنع من النشيد صورتها 
كتاباتي دائمًا من أجل أن يرتفع الشعر الوطني
كتبت "وعود من العاصفة" بموسيقى وصوت غارق في البراءة

مسيرة 40 عامًا من الثراء الفني المتنوع، قدمها الفنان اللبناني القدير مارسيل خليفة، لما يمتلكه من قدرة على خلق موسيقى ذات طابع فريد، خالية من جميع القواعد المحددة، إذ يمتاز أسلوبه بالتكامل بين الموسيقى العربية والأدوات الموسيقية الغربية، باحثًا عن نقاط تميز تُضيء مشواره الفني الطويل دون أن تُخل بقواعد ومبادئ رسمها وأطّر حددها لنفسه منذ اليوم الأول.. حول هذا المشوار الفني، وعقب تكريمه أخيرًا، تحدث مارسيل خليفة لموقع "القاهرة الإخبارية"، عن الموسيقى وولعه بها منذ الطفولة، وذكريات البدايات، ورأيه في التطور التكنولوجي حاليًا والوضع الموسيقي ككل، وعلاقته بالراحل محمود درويش، وقضية فلسطين التي يحملها في قلبه وفي نغمات موسيقاه، وتفاصيل أخرى في هذه السطور..

استراتيجية خاصة

 لدى مارسيل خليفة استراتيجية خاصة ومميزة في كتابته للموسيقى، جعلته واحدًا من أهم المؤلفين الموسيقيين في الوطن العربي، وعُرفت أغنياته دائمًا بأنها تأخذ الطابع الوطني، وبأسلوب متفرد دمجه بين الموسيقى العربية والآلات الغربية.

وحول المعايير التي يعتمد عليها في كتاباته الموسيقية، قال الموسيقار اللبناني الكبير: "أكتب الموسيقى والنوتات تخرج عفويًا ولا أرهقها بالقواعد، فكتابتي دائمًا تكون من أجل أن يرتفع الشعر الوطني وسنبلة الصباح المُسيّج بالضوء، فكتاباتي من الحياة، فأنا أكتب عن فكرة تخبو أو طفلة تحبو".

وأضاف: "في أعماقي تراتيل تبحث عن الرؤيا في الحزن الخريفي حيث اللقاء والفراق، أنظر إلى البعيد، وأعيش في وحدة الصبي المجهول، الذي يقطف زهورًا باركتها شمس الصباح كي تعطي لموسيقاي حياة، دائمًا أبحث عن المجهول والمختلف ومزج الواقعي بالمُتخيَّل والخوض في أعماق النفس البشرية وملاحقة مناطقها المعتمة وإساءاتها وجوعها ومخاوفها".

وعود من العاصفة

تمثل البدايات دائمًا ذكرى خاصة ومميزة لدى مارسيل خليفة، إذ يعتبر أن ألبوم "وعود من العاصفة" من أقرب ما قدمه في الموسيقى، وعن ذلك يقول: "عندما كتبته (وعود من العاصفة)، كتبته بموسيقى وصوت غارق في البراءة، كان وقتها الفرح يتملكني بشكل كبير للغاية، وكان لدي إحساس دائم بأن عاصفة الحب ستفي بما وعدنا به".

علاقة عشق

لم تكن علاقة مارسيل خليفة بالموسيقى، كأي موسيقار يحبها ويخلص لها، بل كانت علاقة عشق مميزة، حتى وصفها بأنها المكان الذي يهرب إليه عندما تضيق به الحياة: "أشم الموسيقى كما أشم كأس النبيذ، أفتح جهاز الإصغاء كي ألتقط أصوات أنفاسها الداخلية، أذوق طعمها ببطء ولا أُسرف، أراودها على الذي يخفي ويغلق، فهي مفعول السحر لدي".

ويضيف: "بداياتي الموسيقية وأنا طفل صغير، لم يكن لها قصدية معرفية، فكنت أحب الموسيقى وكان جدي وأبي يحبانها، فكنت أسمعهما، وأحلم أن أكون واحدًا منهما، فبدأت أقلد ما أسمعه وأكتب على منواله، وأول مَن شجعني على ذلك والدتي، ولم أكن أعرف أنني سأصل إلى حد الحرفة، فكنت أعتقد أنها ستبقى هواية، ولم أكن أقرر أنني سأكون موسيقيًا، وحتى الآن لا أزال أنوس بين الهواية والمهنة، وأصبحت هاويًا محترفًا بالوقت نفسه".

تأرجح بين المهنة والهواية

يؤمن اللبناني مارسيل خليفة بأن الاحتراف للموسيقى له مبادئ خاصة، لابد على الشخص أن يتعلمها حتى يكون محترفًا فيها، إذ يقول: "لكي تكون محترفًا لابد أن تأخذ العملية بجديتها ومسؤوليتها الكاملة وأن تكون هاويًا بمعنى ألا تصبح موظفًا موسيقيًا، بهذا التأرجح بين المهنة والهواية، استطعت أن أحقق إنجازات كثيرة في عالم الموسيقى، تحققت مقطوعات كثيرة من" وعود من العاصفة" إلى" تصبحون على وطن" إلى "أحمد العربي"، إلى "أندلس الحب" وصولًا إلى "الجدارية" وأعمال موسيقية كبيرة من جدل إلى تقاسيم إلى متتالية أندلسية إلى الكونشرتو العربي، وكونشرتو العود، كونشرتو الربابة، كونشرتو القانون".

تطور التكنولوجيا والربح السريع

مع التطور التكنولوجي وانتشار السوشيال ميديا بشكل كبير للغاية، يري مارسيل خليفة أن هذه الوسائل لديها خطورة كبيرة على الموسيقى والذوق العام للجمهور، ويقول: "برامج التسلية والمصارعات الكلامية على وسائل التواصل، تشعرني بالخوف، فقد تكون هذه الوسائل أداة معرفية عالية لكن مَن يضع هذه السياسات هي الربح السريع وهنا تكمن خطورتها".

التسلية والمستقبل

لم يكن يعلم مارسيل أن حياته ستتغير من خلال المصادفة والرغبة في التسلية في ظل حرب لبنان عن طريق دواوين الراحل محمود درويش، ويقول: "كان لقائي مع نص وشعر محمود درويش تحولًا جذريًا في حياتي الفنية والمهنية، فأنا درست موسيقى وعندما نشبت الحرب، وجدت نفسي مسجونًا في المنزل، ولم يكن معي سوى دواوين محمود درويش، فبدأت بها كنوع من التسلية، إذ لم يكن هناك أي وسيلة أخرى للترفيه، ولم أكن أعلم بأن هذا المزح واللعب سيكون سببًا في احترافي ووصولي إلى هذه المكانة في عالم الموسيقى".

ويضيف: "قصائد محمود درويش في قلبي وعقلي، وفخور بحصدي جائزة محمود درويش للإبداع، فهو الشخص الذي كان سبب وجودي في عالم الموسيقى وأدين له بالفضل".

قضية فلسطين

يؤمن مارسيل خليفة بالقضية الفلسطينية التي رافقته في أغنياته وموسيقاه، خاصة أنه يعتبر واحدًا من أهم الفنانين العرب الملتزمين بقضية فلسطين، لذلك حرص على اختتام حديثه بكلمات تلمس القلب إلى فلسطين، فقال: "لن ننسي فلسطين، يطيب لي البوح لكن الكلام يخدش حرمة الصامدين على أرضها، لا تكفي الكلمات لتصنع من النشيد صورتها، لكن فيض الحب المزدحم بالخوف والدهشة يقول لهذا المد الطافح بالعدوان. ولفلسطين سأغني

"أذهب عميقا في دمي

اذهب عميقا في الطحين

لنصاب بالوطن البسيط

وباحتمال الياسمين".