تتصدر أزمة الأمن الغذائي في إفريقيا، أولويات مناقشات المشاركين في القمة الروسية الإفريقية الثانية، التي تنعقد حاليًا في سان بطرسبرج.
تأتي دول القارة الإفريقية، في مقدمة الدول الأكثر تضررًا من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، والتي ضاعفت من فاتورة الأزمات الاقتصادية والغذائية لديها، في وقت لم تكن قد تعافت فيه بعد من آثار جائحة كورونا.
وتفاقمت أزمات الغذاء في ظل نقص واردات القمح والحبوب، داخل الدول الإفريقية، ووثق تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حجم الخسائر الإفريقية، حيث زادت معدلات تضخم المواد الأساسية الغذائية في إفريقيا على المتوسط العالمي بنسبة 12.6 في المئة.
أما الأزمة الأكبر كانت في وقف حركة التبادل التجاري بين دول إفريقيا وكل من روسيا وأوكرانيا، وخصوصا فيما يتعلق بواردات القمح والحبوب، حيث تمثل واردات القمح نحو نصف الحركة التجارية بين البلدان الإفريقية وأوكرانيا البالغة 4.5 مليار دولار عام 2021، كما تساوى 90 في المئة من مبادلاتها مع روسيا التي تبلغ أربعة مليارات دولار.
وتستورد مصر والجزائر والمغرب وليبيا وتونس ونيجيريا وإثيوبيا والسودان وجنوب إفريقيا القمح وعباد الشمس من روسيا وأوكرانيا بنسبة 80 في المئة، وتوقع تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن يصل استهلاك القمح في إفريقيا إلى 76.5 مليون طن بحلول عام 2025، وأن تلجأ البلدان إلى استيراد 48.3 مليون طن، ما يساوى 63.4 في المئة من الاستهلاك، بحسب بيان صادر عن برنامج الغذاء العالمي.
من هذا المنطلق، تفاقمت أزمات الغذاء في دول إفريقيا، حيث كانت توفر كل من أوكرانيا وروسيا 40% من احتياجات القارة من القمح، وأدت الحرب إلى نقص 30 مليون طن من الغذاء في إفريقيا، وتسببت في زيادة أسعار الغذاء بنسبة 40%، إلى جانب انخفاض المساحة بنسبة 25%، وانخفاض حجم الإنتاج بنسبة 37%، إذ لا يتم استخدام 60٪ من الأراضي الخصبة في إفريقيا، وفق الخبراء، وهو ما فاقم أزمة الغذاء في عدة دول، ووضع بعضها على حافة المجاعة.
ورغم أن الزراعة توظف أكثر من 60٪ من القوى العاملة الإفريقية، وتمثل حوالي ثلث الناتج المحلي الإجمالي للقارة، فإن إفريقيا هي أكثر المناطق التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي في العالم، حيث يوجد 278 مليون شخص في إفريقيا يعانون من الجوع المزمن، وهذا يعادل 20٪ من سكان القارة.
كل هذه الأزمات، كانت دافعًا لإعلان دول القارة الإفريقية منتصف يونيو الماضي، مبادرة سلام لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، باعتبارها الأكثر تضررًا، تضمنت 10 نقاط، قدمها وفد وساطة من رؤساء دول وحكومات 7 دول إفريقية على الجانبين الروسي والأوكراني، لكن موسكو قللت من إمكانية تنفيذ تلك المبادرة.
وهنا، تأتى القمة الروسية الإفريقية الثانية، بمثابة الفرصة لبحث حلول عاجلة لأزمات الأمن الغذائي في القارة السمراء.
وفي هذا الصدد، فإن الحل لمشكلة الجوع الحادة في القارة لا يمكن أن يكون سوى السيادة الغذائية لإفريقيا، خصوصا أن إمكانات الإنتاج الزراعي المحلي هائلة.
ومن أهم محاور القمة الروسية الإفريقية الثانية، محور "الأمن المتكامل والتنمية السيادية"، والذي يبحث المشاركون في الجلسة النقاشية الخاصة به، كيف يمكن لروسيا أن تساعد إفريقيا على تطوير البنية التحتية الزراعية؟ هل يمكن أن تصبح تجربة إقراض المزارعين الروس نموذج يحتذى به للدول الإفريقية؟ كيف يمكن الحفاظ على استمرار واردات الأسمدة المعدنية والآلات الزراعية الروسية؟