يفتش النجم المصري الكبير عمرو دياب دائمًا عن موسيقى وألحان تُميز مشواره الفني الممتد لما يقارب 40 عامًا، وتضيف إنجازات جديدة لتاريخه الفني كل يوم، ليستمر في اعتلاء قمة الغناء العربي.
يحرص "الهضبة" خلال أعماله أن يصل صوته إلى العالم تارة بموسيقى مختلفة وضع بصمته فيها، وأخرى عبر تقديم دويتو مع عدد من النجوم العالميين كالمطرب الجزائري الشاب خالد، واليونانية أنجيلا ديميتريو، بالإضافة إلى مشروعات مع نجوم عالميين لم تكتمل، لكنه لم يتوقف ونجح في اقتناص العديد من الجوائز العالمية التي وضعت اسمه في مصاف نجوم الوطن العربي والعالم.
لم يكتف دياب بالوقوف عند هذه المحطة فحسب، بل استمر في تطوير الموسيقى وألحان أغانيه بشكل مميز ولافت؛ ليحوذ في كل مرة إعجاب جمهوره في العالم، إذ حرص عبر مشواره الطويل على الاستعانة بالنجوم الشباب في التأليف والتلحين والتوزيع ليضيفوا إلى مشروعه الفني تفاصيل جديدة تلائم الأجيال الجديدة؛ ليصل إليهم بصوته العابر للحدود.
الوصول المستمر إلى الجيل الجديد لم يوقف عمرو دياب عند حدود التعاون مع ملحنين ومؤلفين وموزعين شباب فحسب، لكن امتد الأمر إلى أبنائه الذين تقاسم معهم في أغانيه الجديدة، منهم ابنته "جنا" صاحبة المشروع الغنائي الشاب، التي تحاول أن تحقق بصمات في مجال الغناء، إذ شاركها غناء "جميلة" لينقل الصوت الواعد تجربته الشبابية إلى الأب الروحي، التجربة نفسها تكررت أخيرًا في أغنية "يا ليل" التي تقاسم فيها الغناء مع ابنه عبد الله صاحب المشروع الغنائي الواعد، ليقدما شكلًا جديدًا من موسيقى الهاوس ممزوجة باللون "المقسوم" لتخرج تجربة فريدة حققت نجاحًا كبيرًا.
حول هذه المشروعات الغنائية الجديدة التي حرص فيها دياب على الاستعانة بأبنائه ليستمد روح الشباب وطريقة تفكير الجيل الجديد في الموسيقى تحدث عدد من النقاد والموسيقيين لموقع "القاهرة الإخبارية".
موسيقى أول جيلها
يؤكد الشاعر المصري أمير طعيمة أن المطرب عمرو دياب يفضّل دائمًا الذهاب إلى مناطق جديدة، فهو نموذج نادر تمكن من الوجود لفترة طويلة على قمة الغناء، وهو أمر ليس سهلًا، فهو مطرب انطلق في حقبة الثمانينيات ومر بأجيال كثيرة وثقافات مختلفة، ولكن المفارقة أن كل جيل يخرج يحب عمرو دياب وينتظره، وهو ما لمسته في حفله الأخير بالساحل الشمالي، إذ كان هناك أعمار أقل من 20 عامًا ينتظرون عمرو دياب ويحفظون أغانيه، فالمطرب الذي يصل لكل هذا النجاح يستحق الدراسة.
ونوّه "طعيمة" إلى أن عمرو دياب قدّم في أغنية "يا ليل" موسيقى أول جيلها، وقال: "استخدم الدفوف مع الشرقي مع الكمنجات ليقدم شكلًا جديدًا، فأول دقيقتين من الأغنية يمكن أن نقيسها على موسيقى الخارج لكنه وضع عليها لمسة جديدة".
وأضاف: "حينما طُرح الإعلان الخاص بإحدى شركات الاتصالات لم يكن هناك أغنية كاملة، وبعدها شعر عمرو دياب أن رد فعل الجمهور جيد، فقرر أن يجعلها أغنية كاملة، ليضيف الجملة الجديدة على الأغنية، وهي في النهاية فكرته ونوع موسيقى جديد، وكعادته يحاول أن يطور ويجدد دائمًا".
ذكاء الهضبة
ترى الناقدة الموسيقية المصرية ياسمين فراج أن عمرو دياب أحد أذكى المطربين خلال الثلاثين عامًا الماضية، والدليل على ذلك أن أغنياته لا تتأثر بالخسارة، فهو متجدد على مستوى الشكل، ويتنقل بين ألوان موسيقية متعددة، وفي أغنيته الأخيرة "يا ليل" لم تكن المرة الأولى التي يُقدم فيها موسيقى "الهاوس"، وأعتقد أن هذا ذكاء فهو يحاول أن يذهب للجمهور في عمر أبنائه، وأعتقد أنه يعمل بطريقة محمد عبد الوهاب نفسها الذي لحّن لأكثر من جيل لذلك أطلقوا عليه "موسيقار الأجيال".
وأوضحت أن عمرو دياب ليس المطرب الوحيد الذي أخرج أبناءه معه، لكنه ذكي ويجدد من نفسه ويبحث معهم عن طبقات جديدة من خلال الموسيقى الغربية؛ لذلك هذا أمر يحسب له.
مساحة حب مع الجمهور
الناقد المصري طارق الشناوي أيّد الآراء السابقة حول ذكاء عمرو دياب وقال: "يعرف عمرو كيف يوظّف موهبته جيدًا، وكيف يتطور، فهو عقل يدير موهبة، وابنه ليس المرة الأولى التي يغني فيها وأيضًا ابنته، فأغانيه دائمًا ما تخاطب الجيل الجديد سواء كان معه مطرب في عمر عبد الله أو ليس معه، فهناك مساحة حب بينه والجمهور يخاطبه من خلالها بأي شيء وليس مهمًا الإيقاع".