في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بات الموت يؤرق السودانيين مثلما تؤرقهم الحياة، جرّاء معارك دائرة لأكثر من شهرين شهدت انتهاكات ترقى لجرائم حرب، بينما يقاتل الجيش النظامي الدعم السريع المتمردة عليه، أملًا في عودة الانضباط لبلد عاش لسنوات تحت حكم فترة انتقالية لم تبلغ الاستقرار حتى اللحظة.
موتى في قلب الأحياء
وتحت وطأة قصف طال أحياء سكنية عدة، لا سيما بمدن العاصمة الخرطوم، ضاقت السبل أمام السكان لبلوغ المقابر وتوديع لائق لزويهم من ضحايا القتال الدائر، فاضطروا لدفنهم في الشوارع داخل الأحياء السكنية.
ونشرت صحفية "الجريدة" السودانية، اليوم الخميس، صورة تظهر أهالي أم درمان وهم يقومون بدفن قتلاهم، جرّاء الصراع الذي يشهده السودان، في الشوارع لتعذر وصولوهم إلى المقابر، إذ تعد المدينة واحدة من بين ثلاث بؤر قتال ساخن منذ أكثر من شهرين بين الجيش والدعم السريع في العاصمة.
ووصفت الصحيفة الصورة بأنها "مُحزنة" وعلقت: "الصورة لأهلنا بأم درمان المسالمة وهم يدفنون موتاهم في الشوارع، لتعذر وصولهم إلى المقابر".
جهود لدفن لائق
بصورة فوتوغرافية، وحفظ للمتعلقات والأوراق الثبوتية إن وجدت رفقة صاحب الجثمان، حمل فريق متخصص في الهلال الأحمر السوداني على عاتقه مهمة دفن لائق لجثث افترشت الشوارع، حيث الصراع الدائر، وصارت "غذاء للكلاب"، وفق رصد وسائل إعلام سودانية.
وقال بركات فارس، الأمين العام المكلف للهلال الأحمر السوداني، في تصريحات صحفية أدلى بها في وقت سابق، إن الفرق استطاعت دفن 102 جثة فقط (جميعها لمدنيين) من شوارع الخرطوم، الأسبوع الماضي فقط.
وكشف المسؤول أن فريق "الهلال السوداني"، ورغم ظروف الصراع القاسية وغير الآمنة، في ظل أعمال السلب والنهب إلا إنها تجمع الجثث وتدفنها بـ"شكل لائق" بدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
واستدرك الأمين العام المُكلّف في السودان، أن فريق الهلال الأحمر، الذي يعمل في مدن عدة، منها الخرطوم وأم درمان بالعاصمة والجنينة بدارفور، ثمة ما يؤرق مواصلته مهامه بعدما تعرضت سيارات يستخدمها في التنقل للسرقة، لكنه أكد "بذل قصارى الجهد لتوفير الأدوات اللازمة للفريق".
ومنذ بداية المعارك في السودان، دفن أكثر من 1000 جثة، برعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وفق صحيفة الجريدة السودانية.
وضع يزداد صعوبة
وخلّف القتال الدائر منذ 15 أبريل الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع، أكثر من 3 آلاف قتيلًا، وآلاف الجرحى، ودفع بأكثر من 2.5 مليون شخص للنزوح بعيدَا عن مناطق الصراع، فيما فر أكثر من 600 ألف آخرين إلى البلدان المجاورة، هربًا من وضع إنساني يزداد صعوبة في البلاد، وسط أكثر من 10 اتفاقات لوقف إطلاق النار بلا تهدئة.