على صوت ضربات جوية وأعيرة نارية ألفتها الأذان، ورائحة موت لازمت الأنفاس لأكثر من شهرين تجاوزهما الصراع، أصبح السودانيون في أول أيام عيد الأضحى، إذ غابت التكبيرات، والأضاحي عن معظم أرجاء البلاد في ظل هدنة لم تنجح كسابقاتها في التقاط الأنفاس.
وأعلن الجيش السوداني هدنة من طرف واحد، اليوم الأربعاء، أول أيام عيد الأضحي، في أعقاب إعلان قوات الدعم السريع هدنة أحادية الجانب هي الأخرى كان مأمولًا أن تشمل يوم وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى.
ومنذ الساعات الأولى من صباح اليوم، حلّقت طائرات حربية وسُمع إطلاق نار متقطع من أسلحة ثقيلة وخفيفة في الخرطوم وجنوب أم درمان، وتصاعدت ألسنة اللهب والدخان في سماء المناطق المستهدفة.
أهواء عنيفة
وفي ظل الخروقات، شدّدّت بعثة الأمم المتحدة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، على ضرورة أن يحافظ طرفا الاشتباكات في السودان على وقف إطلاق النار في ظل قراري الهدنة.
وقالت البعثة الأممية في بيان لها، اليوم: "ليكن عيد الأضحى تذكرة بأن العنف يجب أن يتوقف. إذ ينبغي للمدنيين أن يكونوا قادرين على العيش في سلام وليس في ظل الأهواء العنيفة للطرفيْن المتحاربين".
وأشار البيان الأممي إلى أنه "بموجب القانون الدولي، تتحمل الأطراف المتحاربة مسؤولية حماية المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرتها"، كما حذّرت من مساعٍ جارية لتحقيق المساءلة عن الجرائم المرتكبة في السودان خلال فترة الصراع.
وتحدث قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، عن مؤامرة تتطلب اليقظة والاستعداد للتصدي لما يهدد وجود الدولة ووحدتها، ودعا الشباب في البلاد إلى الانضمام للحدات العسكرية للجيش الدفاع عن بقاء الدولة السودانية في مواجهة أمطاع القوات المتمردة والميليشيا المسلحة المتعاونة معها.
وعلى مدار 3 أيام شنّت قوات الدعم السريع هجمات صوب مقر رئاسة شرطة الاحتياطي المركزي جنوبي الخرطوم، حتى سقطت، الأحد الماضي في قبضتها، فيما عدّه الجيش النظامي مخالفة للقانون الدولي الإنساني وهزيمة أخلاقية للدعم السريع لا انتصار عسكري.
اغتصاب ونهب وعنف عرقي
وحمّلت البعثة الأممية في السودان، قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها مسؤولية "ارتكاب أعمال العنف ضد المدنيين، والاغتصاب والنهب في المناطق التي تسيطر عليها، بما فيها الخرطوم"، واستنكرت العنف الذي يستهدف المدنيين على أساس عرقي في دارفور المنكوب.
وتشهد مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، على مدار الأسابيع الأخيرة، انقطاعًا كاملًا بالخدمات وإمدادات الإغاثة، ورصدت آلاف الجثث دون هويات، وبلا ظروف ملائمة لدفنها، وسط استمرار الاقتتال وعمليات الاغتصاب والسلب والنهب، حيث انحرف الاقتتال في المدينة نحو الصراع القبلي، فيما يعمد مسلحون لاستهداف الناشطين والصحفيين والحقوقيين، وسط أنباء حول تورط الدعم السريع.
وكشف مفوض العون الإنساني في ولاية النيل الأزرق التابع للحكومة السودانية رمضان ياسين حسن، في تصريحات صحفيو، اليوم، عن لجوء 13 ألف شخص إلى داخل الحدود الإثيوبية، بسبب معارك اندلعت في محلية الكرمك، وفق صحيفة "الراكوبة" السودانية.
وحمّلت البعثة الأممية في بيانها القوات المسلحة السودانية مسؤولية القصف الجوي في الخرطوم.
ويشهد السودان منذ 15 أبريل الماضي، اشتباكات ضارية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، خلفت ألاف القتلى والجرحى ودفعت بأكثر من مليوني شخص للنزوح داخليًا، في ظل أكثر من 10 اتفاقات لوقف إطلاق النار دون تهدئة حقيقية تسمح بمرور المساعدات الإنسانية، أوفتح ممرات آمنة للعالقين بمناطق الصراع.