الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

اختار الفن وترك الأزهر.. عبدالسلام النابلسي "الكونت" أيقونة البهجة

  • مشاركة :
post-title
الفنان عبدالسلام النابلسي

القاهرة الإخبارية - محمد عبد المنعم

تمتع الفنان عبدالسلام النابلسي، الذي تمر اليوم 5 يوليو ذكرى وفاته، بخفة ظل غير معتادة، إذ خلق لنفسه اتجاهًا انفرد به ليصبح من الصعب أن تجد مشهدًا له على الشاشة دون ضحك، ليمثّل رمزًا للسعادة في كل عمل يتواجد به، فهو حسب الله السابع عشر في فيلم "شارع الحب"، وزيزو حلاق السيدات، والأستاذ رشيق في "الحموات الفاتنات"، وغيرها من الأدوار التي صنعت لهذا العملاق بصمة لا تُنسى.

ورغم أنه أدخل السرور لكل من شاهده فإن حياة هذا الفنان المثقف المحبوب لم تكن كما يشتهي، إذ عانى في مشواره كثيرًا، ووصل إلى حلمه بصعوبة لتنتهي حياته بشكل مأساوي.

ولد ابن شمال مدينة طرابلس في لبنان، 23 أغسطس 1899، وحلم والده أن يدرس ابنه أصول الدين فما كان منه إلا أن أرسله إلى مصر للدراسة في الأزهر، لكن هذا الشاب الحالم خطفته أضواء الفن، وتعلّق بالمسرح ليقرر الالتحاق بفرقة جورج أبيض المسرحية، ويظل في جنبات المسرح يحلم بحياة النجومية، يعمل ويمثل، وهو ما أثر عليه في دراسته، ما جعل والده يغضب كثيرًا منه فمنع عنه الأموال التي كان يرسلها له، لكن الشاب الحالم لم ييأس وقرر أن يكون الفن مصدر رزقه فالتحق بفرقة رمسيس وعمل فيها.

لم يكفِ الدخل طموحات الفنان الشاب فعمل صحفيًا في عدد من الجرائد الشهيرة، حتى سنحت له الفرصة لإجراء حوار مع المنتجة آسيا، لتفتح له أبواب النجومية وتطلب منه أن يشارك في فيلمها "غادة الصحراء"، ومن هنا انطلق في عالم السينما والأضواء، وأسند إليه بعدها دور في فيلم "ليلى" أثبت من خلاله موهبته الكبيرة، وخطف عيون المخرجة عزيزة أمير، ليأخذ من تلك النقطة جانبًا آخر من الفن، فقد أرسلته إلى باريس ليدرس الإخراج ولم يكن منه سوى أن يوافق ويثقل موهبته بالعلم.

عاد بطل فيلم "عاشور قلب الأسد" ليخوض مجموعة من التجارب الإخراجية بجانب التمثيل، وجمعته صداقة بالمطرب الكبير فريد الأطرش وعبدالحليم حافظ، ليظل بجوارهما ويشاركهما كل أفلامهما ويحقق شهرة ونجاحًا، لكنه ظل طوال مشواره في دور السنيد ولم يعرض عليه أحد من المنتجين أن يكون بطلًا لأي من الأفلام التي شارك فيها، لكن مشاهده المضحكة أمام كبار النجوم ظلت علامة في كل عمل يشارك فيه، وهو ما دفع الفنان يوسف وهبي إلى أن يمنحه لقب "الكونت"، وتفسيرًا لهذا اللقب قال في لقاء تلفزيوني: "كان يحبني كثيرًا ويرى أن هذا اللقب مناسب لمظهري الارستقراطي".

كان النابلسي حريصًا على تثقيف نفسه دائمًا، إذ كان يرى أن الثقافة أمر مهم بالنسبة للفنان، قائلًا: "الثقافة لها دور كبير في حياة الفنان فهي الفن، ورغم أن الفن مجرد وبوهيمي ويدعو للجنون، إلا أن ما يقوده ويهذبه هو العقل، لذلك يجب أن نغذيه كثيرًا لكي نستطيع أن نتحكم في الجنون، ويجب على الفنان أن يتطور وألا ينسى أن أساسه أن يكون على خُلق".

بعد تجارب عديدة ناجحة قرر عبدالسلام أن يخوض أول بطولة مُطلقة له وينتج لنفسه فيلم "حلاق السيدات" من بطولته بالاشتراك مع زينات صدقي، لكن لم يكن يعرف أن هذه الخطوة ستجعله يخسر كل شيء، نتيجة فشله في إدارة الإنتاج.

تكاثرت الديون على "النابلسي" وطالبته الضرائب بأموال لم يستطع سدادها، لذلك قرر أن يترك مصر ويسافر إلى لبنان، ورغم أنه كان فنانًا عزيز النفس، إلا إنه شكى للأديب يوسف السباعي ولأم كلثوم ما حصل له، لكنهما لم يستطيعا إلحاقه، فتحكي أرملته جورجيت قائلة: "عاد من تصوير فيلم مع صباح، وبعد 15 يومًا رحل عن عالمنا بهدوء، فقد كان يعاني مرض القلب، ولم يكن أحد يعرف حتى أقرب أصدقائه، وحينما كان يظهر عليه المرض في تلك الفترة كان يقول لي لا تخافي شيء بسيط وسيمر".

تكفّل الفنان الراحل فريد شوقي بكل مصاريف جنازة صديقه، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم 5 يوليو 1968، ورفض أن يسترد أمواله من أرملة الراحل، وأخبرها أن هذا واجب على صديق رحلته.