الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

محمد حمزة.. إبداع شاعر لا ينضب بـ2000 أغنية

  • مشاركة :
post-title
الشاعر محمد حمزة

القاهرة الإخبارية - محمود ترك

مرادفات من واقع شعبي سمعها في صغره من محيطيه بحي الخليفة بالقاهرة، خلقت وجدان الشاعر المصري محمد حمزة، لتكون بوابة دخوله إلى عالم الأغنية العربية، ذهب بعدها إلى مناطق مختلفة رومانسية أحيانًا ووطنية تارة أخرى ليعبر عن مشاعر خاصة وعامة، ويصبح واحدًا من أبرز شعراء الأغنية منذ الستينيات من القرن الماضي حتى وفاته في مثل هذا اليوم 18 يونيو عام 2010.

التعبير عن البيئة الشعبية أمر تشابه فيه محمد حمزة مع جاره في الحي نفسه النجم عادل إمام، فمثلما جاء الأخير بجمهور من الحارة المصرية إلى دور السينما لم يكن يخطو إليها من قبل، ساهم الشاعر المصري الراحل في وصول الأغنية الشعبية بأصوات مطربين كبار إلى جمهور عريض، لكنه لم يظل حبيس هذا اللون الغنائي، بل أثبت أنه قادر على تقديم ألوان مختلفة بإبداع لا ينضب، مثل أساتذته من الشعراء والمبدعين في مجلة روزا اليوسف وذهوله لوجود مكاتبهم بجواره، عندما ذهب للالتحاق بالعمل في المجلة ومنهم الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي رئيس قسم الفن وصلاح عبد الصبور ورجاء النقاش وكامل الزهيري.

موهبة فنية شبابية

أدرك الشاعر في فترة مراهقته أن لديه موهبة فنية أراد التعبير عنها، وبحماس الشباب ذهب إلى مقهى شهير يرتاده الفنانون، ليرى هناك الملحن حسن أبو النجا، لكنه أحبطه ورفض أن يرى محاولاته الأولى، وقبل أن تسير خطواته نحو باب المقهى بمشاعر الإحباط، لفت نظر الفنان شفيق جلال وبلطف اطلع على أغنياته ومنها "مغرم صبابة" – صدرت لاحقًا بـ7 سنوات بصوت محمد رشدي- وقدم له النصيحة الفنية الأولى التي ساعدته بعد ذلك في مشواره الفني، إذ أخبره بضرورة الذهاب إلى مختارات الإذاعة وتقديم إبداعه، ومن المفارقات الشديدة أن الاثنين أصبحا صديقين فيما بعد لكن لم يتعاونا فنيًا بأي عمل.

الفنانة شادية

اتبع "حمزة" النصيحة وذهب إلى الإذاعة بأغنيتين لم يُكتب لهما الانتشار لأسباب مختلفة، الأولى تقول كلماتها: "بيخاصمنا ومش بيكملنا وبنسلم ما يرد سلامنا"، تلحين رياض السنباطي، بعد ما اعترضت الإذاعة على جملة "على إيدك نقش الحنا" وطلبت تعديلها، لكنها أعجبت المطرب محمد عبد المطلب وأصر على عدم حذفها وسجّلها لصالح شركة صوت القاهرة، ما عرّض الشاعر للإيقاف سنة وعدم إذاعة الأغنية، ورغم رفع الإيقاف بعدها لكن مولوده الفني الأول لم ير النور.

أما الأغنية الثانية فحملت عنوان "يا عم إمام فيه بكرا صيام" ألحان حلمي بكر، والمفارقة أن مؤلفها لم يستطع رؤيتها أيضًا عندما عُرضت على التلفزيون لمرة واحدة فقط، إذ كان وقتها غادر المقهى الذي جلس عليه بالساعات ليلة رؤية هلال شهر رمضان عام 1962، وبعد أن تمكن منه الإحباط غادر مكانه، ليخبره صاحب المقهى في اليوم التالي بأنه شاهد الأغنية ورأي اسمه مكتوبًا للمرة الأولى "كلمات الشاعر محمد حمزة".

أغاني حبيسة الأدراج

طوال عام بعد الإحباط الثاني للشاعر الراحل كتب العديد من الأغنيات ظلت حبيسة درج مكتبه، حتى جاء لقاء بالمصادفة عام 1963 مع المطربة فايزة أحمد، حينما كانت تبحث عن أغنية شعبية خفيفة، وباستحياء خوفًا من الرفض عرض عليها "أؤمر يا قمر"، وأعجبتها للغاية، بل طلبت منه كلمات أغنية وطنية تغنيها في المدينة الباسلة (السويس) ليكتب لها "هاتوا الفل مع الياسمين".

حققت الأغنيتان نجاحًا كبيرًا، وعرفه عقب ذلك جمهور أكثر من صاحب المقهي الذي شاهد أغنيته الرمضانية، خصوصًا أن الأغنية الوطنية كانت تُبث كثيرًا في الإذاعة التي كان لها جمهور أكثر اتساعًا من التلفزيون ذي عدد ساعات البث المحدود وقتها، فضلًا عن أنه كان وسيلة ترفيه لا تتوفر للكثيرين.

الشاعر محمد حمزة مع الفنان عبد الحليم حافظ
عبد الحليم حافظ

في سجل الشاعر الراحل العديد من الأغاني لمطربين كبار منهم؛ شادية ومحمد عبد المطلب ومحمد رشدي ووردة وغيرهم من المطربين، وكتب أغاني 47 فيلمًا و36 مسلسلًا إذاعيًا، لكن نجاحه مع عبد الحليم حافظ وتعاونه معه في 36 أغنية يعد علامة فارقة في مشواره الفني.

اللقاء الأول بين محمد حمزة وعبد الحليم حافظ جاء عن طريق محمد الموجي، والتقى الشاعر محمد حمزة والملحن الموجي بالمصادفة في أثناء عمل حمزة على أغنية "عطشان يا صبايا" لمحمد رشدي، إذ لم تُعجب الملحن، وقبل أن يستاء حمزة من رأيه طلب منه أن يكتب أغنية شعبية جديدة ومتطورة، ليخرج إلى النور المذهب الأول من أغنية "سواح"، قائلًا: "سواح وماشي في البلاد سواح والخطوة بيني وبين حبيبي براح"، وعلى الفور التقطها العندليب، وطلب منه اغنية أخرى شعبية ليأتيه بـ"جانا الهوا"، حتى يتكرر التعاون بينهما في أغنيات منها "موعود"، التي كانت بمثابة العودة لعبدالحليم بعد غياب سنة كاملة بسبب المرض.

مصدر الوحي

اعتمد الشاعر الراحل على مصادر وحي متعددة في أغنياته، منها مشاعر خاصة خاضها، وأخرى واقعية، إما تخص المحيطين، أو قرأ عنها في صحف، مثلما فعل في أغنية شادية الشهيرة "آخر ليلة"، بعد أن قرأ مشكلة حقيقية في إحدى المجلات، ليتخطى رصيده الإبداعي 2000 أغنية، وهو رقم ضعف ما كان يحلم به عندما بدأ مشواره الفني، إذ كان وقتها يضع الشاعر مرسي جميل عزيز صاحب الـ1000 أغنية بمثابة الأيقونة التي يريد تكرار إنجازها.