الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

تدمير سد "كاخوفكا".. الحرب الروسية الأوكرانية تعبر إلى الأرض المحروقة

  • مشاركة :
post-title
انهيار سد كاخوفكا

القاهرة الإخبارية - سامح جريس

"هذه مرحلة جديدة من الحرب".. كانت هذه هي كلمات إيفان فيدوروف، رئيس بلدية مدينة ميليتوبول الجنوبية في أوكرانيا، بعد تدمير سد "نوفا كاخوفكا"، بعد أكثر من 16 شهرًا على الصراع بين موسكو وكييف.

ودُمر "السد" -الذي يعود إلى الحقبة السوفييتية ويقع في جنوب أوكرانيا على نهر دنيبرو، ويعد جزءًا من محطة كاخوفكا لتوليد الطاقة الكهرومائية- في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء الماضي، مما أطلق العنان لكمية هائلة من المياه على عدة أميال مربعة من الأراضي الأوكرانية المحيطة به، قبل هجوم مضاد يلوح في الأفق من كييف.

واتهمت أوكرانيا وحلف شمال الأطلسي روسيا بالوقوف وراء تدمير السد، إلا إن موسكو ألقت باللوم على كييف في الضرر، وقالت إنها فعلت ذلك "لصرف الانتباه عن هجوم مضاد متعثر".

وأدى انهيار السد إلى تعريض آلاف المنازل في المناطق الحرجة للخطر، إذ قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن مئات الآلاف من الأشخاص تُركوا دون الحصول على مياه الشرب بشكل طبيعي.

وقالت شركة الطاقة الأوكرانية المملوكة للدولة إن 1852 منزلًا غمرتها المياه على الضفة اليمنى من منطقة خيرسون، وإن 1457 شخصا تم إجلاؤهم.

أشار "فيدوروف"، لمجلة "نيوزويك" الأمريكية، إلى أن الحرب "دخلت مرحلة جديدة"، مضيفًا: "حاول (الرئيس الروسي) بوتين ارتكاب مستوى جديد من العدوان، لكنني أعرف أننا بحاجة إلى الفوز بالطبع.. كل يوم يمكننا أن نتوقع منه (بوتين) شيئًا جديدًا، لكنه لا يمكن أن يمنعنا من الفوز في هذه الحرب".

كانت ميليتوبول، التي كان عدد سكانها قبل الحرب 150 ألف نسمة، من بين المناطق الأولى التي سقطت في أيدي القوات الروسية بعد اندلاع الصراع في فبراير الماضي، مما أدى إلى اعتقال فيدوروف واحتجازه من قبل أجهزة الأمن الخاصة الروسية في مارس 2022 لمدة 6 أيام حتى إطلاق سراحه في تبادل للسجناء.

إلا إن روسيا شددت على أن السد تضرر جزئيًا بفعل "عدة ضربات" نفّذتها القوات الأوكرانية براجمات الصواريخ، وطالبت العالم بإدانة ما وصفتها بأعمال كييف "الإجرامية".

وقال دميتري بيسكوف، الناطق باسم الرئاسة الروسية (الكرملين)، إن الهجوم "عمل تخريبي متعمد بشكل لا لبس فيه من الجانب الأوكراني".

خطر على مفاعل زابوريجيا

وقال "فيدوروف" إن تدمير السد يمثل خطرا كبيرا على محطة زابوريجيا للطاقة النووية، التي تقع تحت السيطرة الروسية، ويعتمد عليها المفاعل النووي لنظام التبريد الخاص به.

وأوضح: "تستخدم جميع أنظمة التبريد في محطة الطاقة النووية نهر دنيبرو، وبالطبع لا يوجد ما يكفي من المياه، مما يمثل أمرًا خطيرًا للغاية، من المهم أن نفهم أن محطة الطاقة النووية قد تم السيطرة عليها من قِبل المحتل، ولا أحد يعرف الحقيقة أو ما هو الوضع الآن هناك، إذ يعلم الجميع أن القوات الروسية مجنونة، ودون أي تفكير، ستحاول القيام بأشياء سيئة قدر الإمكان".

كارثة تشيرنوبل جديدة

وحذر ميخايلو بودولاك، مستشار الرئيس الأوكراني، من أن العالم على موعد مع "كارثة تشيرنوبيل جديدة"، إذ فقدت محطة زابوريجيا للطاقة النووية مصدر تبريدها، هذا الخطر يتزايد الآن بسرعة."

وأفادت شركة "إنرجواتوم" الأوكرانية المشغلة للطاقة النووية أن مستوى المياه في خزان "كاخوفكا" يتراجع سريعًا، ما يشكل تهديدات إضافية لمحطة زابوريجيا للطاقة النووية".

إلا أن رافائيل جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أشار إلى أنه "لا يوجد خطر فوري" على سلامة المحطة، لكنه أضاف أنه قد يكون هناك خطر إذا كان هناك "غياب طويل لمياه التبريد".

تغير إستراتيجية بوتين

ويؤيد أندرس أوسلوند، الاقتصادي والأستاذ المساعد في جامعة "جورج تاون" بواشنطن العاصمة -المستشار الاقتصاديً السابق لحكومتي روسيا وأوكرانيا- تقييم "فيدوروف" للصراع، وقال لـ"نيوزويك": "لقد غير بوتين استراتيجيته تدريجيًا".

أضاف: "خلال الأسبوع الأول من الحرب، حاول الروس فقط الدخول وأخذ كل شيء.. لم يقصفوا أي شيء سوى أهداف عسكرية فعلًا".

سياسة الأرض المحروقة

ثم شهدت الحرب استراتيجية جديدة للدب الروسي، بعد أن بدأت القوات الروسية استهداف البنية التحتية الحيوية في أوكرانيا منذ أكتوبر 2022، ردًا على الهجوم على جسر كيرتش، الذي يربط شبه جزيرة القرم بروسيا.

أوضح "أوسلوند": "عندما تفقد الأرض، فإنك تدمرها، أعتقد أن هذا شيء تفعله عندما تستسلم، إنه ليس عملًا هجوميًا بل (عنبًا حامضًا)، وهذه هي سياسة الأرض المحروقة.

الاستقرار الداخلي

ويعتقد "أوسلوند" أن الزعيم الروسي أصبح قلقًا بشكل متزايد بشأن استقرار الجبهة الداخلية في روسيا، بعد أن شنت الميليشيات الروسية المناهضة له في الآونة الأخيرة هجمات في منطقة بيلجورود الحدودية مع أوكرانيا.

وقال أوسلوند: "من المهم أيضًا أن تظهر هذه التوغلات في المناطق الحدودية أن روسيا لا تستطيع الدفاع عن حدودها، لذا –فجأة- تحدث بوتين عنها مرارًا وتكرارًا، مشيرًا إلى أنها مسألة بقاء بلدنا".

وأضاف أوسلوند: "لقد غيروا لهجتهم بشكل كبير من كونهم عدوانيين إلى ادعاء بعض الضحايا الكاذبين، لكنني أعتقد أنه قلق حقًا بشأن الاستقرار المحلي الآن".