إشادات كبيرة حصدها فيلم "بنات ألفة" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، الذي عُرض عالميًا للمرة الأولى في إطار المسابقة الرسمية للدورة 76 لمهرجان كان السينمائي، ممثلًا المشاركة العربية الوحيدة في المسابقة الرسمية للمنافسة على السعفة الذهبية، وحول تفاصيل صناعة هذا الفيلم، والدوافع الرئيسية والخلفيات التي كانت منطلقًا لفكرة إنجاز "بنات ألفة" أكدت مخرجة العمل لوكالة تونس إفريقيا للأنباء في "كان" أن أصل فكرة تصوير الفيلم تعود إلى يوم 14 مارس عام 2016، حينما بثّت قناة الحوار التونسي في برنامج لها شهادة امرأة تدعى "ألفة الحمراوي" وهي امرأة لأربع بنات بينهن "غفران ورحمة" اللتين التحقتا بتنظيم "داعش الإرهابي" في ليبيا، وقد جاءت شهادة الأم في هذا البرنامج مفعمة بالمرارة والأوجاع.
توضح كوثر بن هنية أن ما شاهدته كان الدافع الأبرز لها للاهتمام بهذه القصة التراجيدية لفهم ظاهرة التسفير والالتحاق بالجماعات الإرهابية، وما حدث في تونس خلال السنوات العشر الماضية، ومن ثمّ ولد الفيلم وقررت تسميته "بنات ألفة".
تضيف المخرجة التونسية: قصة "رحمة وغفران" كان لها أثر عميق في نفسي، خاصة بعد الاهتمام اللافت للإعلام وسيل الانتقادات الموجهة للأم والهجمة الشرسة التي طالتها على الشبكات الاجتماعية وصلت حدّ السب والنيل من كرامتها، ومن هنا أدركت أن الإعلام لن يساعدها في قضيتها، لذلك بادرت بالاتصال بها عام 2016 إذ اعتقدت في البداية أنني صحفية، ثم أخبرتها بأنني مخرجة سينمائية وأقنعتها شيئا فشيئا بالتحدث لي عن تفاصيل ما حدث لها، إلى أن تطورت علاقتنا، وهذا ما سمح لي بدخول عالم "ألفة وبناتها".
تقول مخرجة "الرجل الذي باع ظهره": انطلقت في تصوير الفيلم فعليًا مع "ألفة وبناتها"، لكن قررت التوقف عن التصوير بعد أن لاحظت أن المستوى الفني للفيلم لم يرتق إلى حجم قضية ألفة وبناتها اللاتي عشت بينهنّ لفترة، ووقتها تفرّغت لإنجاز فيلمي "الرجل الذي باع ظهره"، الذي وصل إلى القائمة القصيرة لجوائز الأوسكار عن قسم أحسن فيلم عالمي عام 2021، لكن استغللت فترة الجائحة لأعيد مشروع "بنات ألفة" إلى الواجهة.
وتابعت: استأنفت الفيلم بعد خمسة أعوام من التوقف، وقررت أن أقدمه بأسلوب مغاير للمألوف، إذ استقدمت ممثلين لأداء أدوار بنات ألفة بعيدًا عن إعادة تمثيل الأدوار كما هي في الواقع، بل كان الأداء في شكل مساءلة لألفة وبناتها.
حماية ألفة وبناتها كانت إحدى مهمات كوثر بن هنية، إذ تقول: كانت قصة "ألفة وبناتها" حساسة وحميمية لذا كان لابدّ من خلق مناخ يحميهنّ بدرجة أولى، فكانت أولى الخطوات حصر مكان التصوير في فضاء واحد، والحد من فريق التصوير والفريق التقني قدر الإمكان لوجود مواقف قاسية جدًا، فما يهمني في الفيلم هو الرحلة الداخلية والحديث مع هذه الشخصيات.
وتشير إلى أن الفيلم خلق أجواء من الأخوة بين الممثلات والشخصيات، بل كان أشبه بحالة من العلاج النفسي، وأعتبر بنات ألفة هن بناتي بالتبني، واكتملت سعادتي بحضور ألفة وبناتها أيضًا على السجادة الحمراء.