يسعى مهرجان أيام الشارقة المسرحية لإثارة قضايا جديدة تهم المسرح على مستوى الوطن العربي، فكان محور ملتقى الشارقة الفكري والذي حمل اسم "المسرح والبيئة" تجسيدًا لدور المهرجان في وضع رؤى وتصورات مهمة تخص المسرح البيئي.
مناقشات موسعة امتدت على مدار ٤ ساعات، شهدتها فعاليات ملتقى الشارقة الفكري، في ثاني أيام المهرجان، وسط حضور عدد كبير من المتخصصين من مختلف الدول العربية منها مصر، لبنان، المغرب، تونس، السودان، الإمارات، والمغرب.
دور المسرح في رعاية البيئة
تحدث المشاركون في الملتقى حول كيفية مساهمة المسرح بصفته مجالًا تتداخل فيه الجهود الإبداعية والثقافية والاقتصادية في رعاية البيئة واستدامة المحافظة عليها، وقدّم خلالها المشاركون عددًا من الورقات البحثية التي تساهم في تقريب وجهات النظر حول رؤيتهم لكيفية مساهمة المسرح في دعم البيئة والتعبير عنها.
أقيمت الجلسة الأولى من الملتقى والتي حملت بعض العناوين حيث قدم الباحث المسرحي المغربي فهد الكغاط ورقة بحثية بعنوان "من المسرح البيئي إلى المسرح الإيكوصوفي": قضايا نقدية وبيئية"، كما تحدثت دينا أمين عن المسرح الملتزم والبيئة، بينما تطرق الممثل والمخرج اللبناني جورج مطر لمحور مختلف وهو المسرح أمام التغير البيئي.
شهدت الجلسة الثانية من ملتقي الشارقة تقديم محمد شيحة ورقة بحثية خلال الفعاليات عن المسرح البيئي وأبعاده الجمالية والرؤى الفكرية، كما تحدث على محمد سعيد عن تجربة السودان وكيف ساهم المسرح في رعاية البيئة، بينما تطرق الناقد المسرحي التونسي محمد ألمي لدور المسرح البيئي وموقعه في الثقافة العربية، فيما شهد ختام الجلسة تكريم المشاركين في الملتقى والتوصيات لما توصلت إليه الجلسات.
مسيرة عطاء للبحريني محمد ياسين
وعلى الجانب الآخر، بعد تتويج المهرجان للفنان القدير البحريني محمد ياسين بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي في دورته الـ ١٦، وعقدت إدارة المهرجان ندوة للاحتفاء بمشواره، بحضور عدد غفير من المشاركين من مختلف الدول العربية، مع إصدار المهرجان كتابًا عن تجربته المسرحية.
محمد ياسين: زرعت بذرة وحصدتها بتكريمي بالمهرجان
تحدث محمد ياسين عن مشواره الذي امتد لأكثر من ٥٠ عامِا منذ السبعينيات، ليؤكد أنه بدأ مسيرته من خلال بوابة الإعلام وبرنامج الأطفال حيث لقبه جمهوره بـ"بابا ياسين" فبدأ عمله في الإذاعة والتليفزيون منذ مطلع السبعينيات وتحديدًا عام ١٩٧١، كما قام بتقديم برامج الأطفال بجانب عمله في التدريس.
أوضح محمد ياسين أن تكريمه من مهرجان أيام الشارقة يمثل حصادًا لما قدمه من قبل معبرًا عن ذلك بقوله: "كنت أقول وأشبّه تكريمي في هذا المهرجان بأنني زرعت بذرة ثم كبرت وترعرعت وحان وقت حصادها، فأنا فخور بما وصلت إليه وأوجه الشكر والتقدير لإدارة المهرجان للاحتفاء بمسيرتي الفنية".
تطرق محمد ياسين إلى تجاربه في مجال التمثيل ومنها مشاركته في تقديم مسرحيات كثيرة مثل "الفخ" و"أبناء الوطن" و"بوطاسة" و"حكاية أبو الأطماع"، كما قدّم عشرات المسلسلات في الإمارات والبحرين مثل مسلسله الشهير "اشحفان"، كما قدّم في الإذاعة مسلسل "عصفور من الشرق"، ولم تتوقف موهبته عند التمثيل وتقديم البرامج، لكنه اتجه إلى الإخراج والتأليف ومنها إخراج فيلم طويل للأطفال "حباب وكلاب الساحر"، "اتحاد الإمارات"، "أربع بنات" وغيرها.
عرضين وندوتين
كما شهدت فعاليات اليوم الثاني أيضًا من مهرجان أيام الشارقة المسرحية تقديم عدد من الفعاليات وعرضين مسرحيين وندوات فنية وثقافية، حيث عرضت مسرحية "سلام يا سلامة"، وأعقبها ندوة فنية للعرض أدارها يوسف الحمدان.
وقال مخرج العرض عمر غباش إن هدفه الرئيسي من وراء تقديم المسرحية الوصول للجمهور لواقعية الفكرة التي يناقشها، بغض النظر عن حصد جائزة من عدمه، مطالبًا بإلغاء المكافآت المالية التي تقدم للعروض الفائزة مع الاحتفاظ بالجوائز العينية، معللًا السبب أن الفن هو الذي يعيش ولابد أن يكون من أجل الفن وليس حصد الأموال، وهو ما يساهم في تدعيم الحركة المسرحية الحقيقية، وأن يكون تقديم العروض من أجل الفن فحسب.
أشار إلى أن عناصر المسرحية جاءت من قلب الجمهور وهو ما ساهم في وصول فكرته للمتلقين، فالعرض يسرد قصة سيدة تتعرض للاستغلال من جانب زوجها الذي يطلقها بحثًا عن المال عند سيدة أخرى ميسورة الحال، وعندما يمر بأزمة مادية وصحية مع إصابته بالشلل وتراكم الديون عليه، يحاول العودة إلى طليقته الأولى وبعد أن يقنعها بالزواج منها مرة أخرى ثم يتركها بعد أن يجد سيدة أعمال تعرض عليه صفقة بأموال ضخمة بشرط أن يتزوجها، فيوافق على طلبها.
كما شهد اليوم عرض وإقامة ندوة للعرض المسرحي "قائمة الخديج" والذي لاقى تفاعلا كبيرا من الجمهور، وهو إنتاج فرقة مسرح كلباء الشعبي، تأليف على جمال، وإخراج عبد الرحمن الملا، الذي قال إنه كان يهدف التركيز على الطاقات الشبابية ومحاولة صقل مهارات المشاركين، وإخراج مواهبهم، مع دعمهم بشكل كبير وإتاحة الفرصة لهم لتوصيل أفكارهم، مطالبًا بضرورة دعم المواهب والأجيال الشبابية الجديدة.
دعم الشباب والأوائل عربيا
كان للطلاب حيز مهم داخل مهرجان أيام الشارقة، إذ حرصت إدارة المهرجان على استضافة عدد كبير من أوائل الطلاب، وهو ما تجسد بإقامة أولى فعاليات ملتقى الشارقة الحادي عشر لأوائل المسرح العربي، والذي سيستمر حتى ١٩ مارس المقبل.
حرص أحمد بو رحيمة مدير المهرجان على التواجد ولقاء 11 شخصًا من أوائل خريجي كليات ومعاهد المسارح العربية لسنة 2022 في "ملتقى الشارقة الحادي عشر لأوائل المسرح العربي".
أكد بورحيمة أن الملتقى يحتفي سنويًا بمتفوقي الأكاديميات المسرحية، ويتيح لهم فرصة مواكبة فعاليات أيام الشارقة المسرحية، والتعرّف على المشهد الثقافي المحلي، كما ينظم لفائدتهم مجموعة من المحاضرات والورش التدريبية والزيارات الثقافية.