"وُلدت فنانة، ولكن حظي قليل في الحصول على أدوار جيدة"، هكذا وصفت الفنانة المصرية الراحلة سناء يونس موهبتها وحظها في التمثيل، إذ كانت تشكو عدم ملاءمة الأدوار لها، مؤكدة أن عمرها الفني بدأ مبكرًا منذ كانت طالبة في الجامعة، وأن حبها للتمثيل كان يجري في عروقها، وشغفها به دفعها لتعطي له حياتها، إلا أنها لم تأخذ فرصتها كاملة رغم ما تمتلكه من طاقة إبداعية.
بدأت سناء يونس التي تمر اليوم ذكرى ميلادها (3 مارس 1942)، عملها بالفن من خلال تعيينها بمسرح التلفزيون، رغم أنها كانت طالبة في الجامعة، لتقدم أول أدوارها مع الفنان عبد المنعم إبراهيم من خلال دور تراجيدي إنساني، كما أخرج لها المخرج كمال ياسين عندما كانت طالبة وتنبأ لها بأنها ستكون من أهم نجمات المسرح العربي، بحسب ما أكدته في لقاء تلفزيوني لها.
علاقتها بـ أحمد زكي
حظيت سناء بحب زملائها والذين كانوا يصفونها بأنها إنسانة وفنانة حقيقية، تمتعت بروح جميلة وحب للجميع، ومواقف إنسانية عكست صدق مشاعرها وحبها للغير.
"كنت المثل الأعلى للفنان أحمد زكي في التمثيل"، كانت هذه الجملة التي سرت على لسان سناء يونس في أحد لقاءاتها لتعكس مدى تأثيرها في بلدتها حيث جمعتها علاقة جيرة بالراحل أحمد زكي، بعد أن حققت نجاحًا كبيرًا في مسرحية "حالة حب"، مؤكدة أنه طلب منها العمل معه في مسرح المدرسة وبالفعل تعاونت معه، حيث كان يستقبلها مع زملائه من الطلبة بمحطة القطار خلال عودتها لبلدتها بمدينة الزقازيق محافظة الشرقية، لتؤكد أنه كان ينظر لها على أنها مثل فاتن حمامة.
طاقة من الكوميديا
لم تكن تعرف سناء يونس أن بداخلها طاقة من الكوميديا وخفة الظل إلا بعد أن اكتشف الفنان فؤاد المهندس حسها الفكاهي، حيث كانت تقدم مسرحية جادة مع الفنان عبد المنعم إبراهيم وخلال موقف جاد انهار الجمهور من الضحك وكان من بين المشاهدين الفنان فؤاد المهندس، الذي طلب منها في الكواليس أن تشاركه في مسرحيته "حالة حب" والتي قدمت فيها أول دور كوميدي في حياتها.
وعن هذا التحول في تقديم أدوارها قالت سناء يونس في لقاء تلفزيوني مع الراحلة شويكار: "لم أصدق نفسي عندما طلب مني الأستاذ فؤاد المهندس مشاركته في مسرحية "حالة حب" وكان أول عمل كوميدي لي بعد أن اكتشفني، فكنت أتمنى أن أشاركه أي دور فانتهزت الفرصة واعتذرت عن العرض مع عبد المنعم إبراهيم، ومن قبل عملي مع المهندس كانت كل أدواري جادة".
سك على بناتك
"فجأة مسك إيدي قال إيه بيعديني"، هذا الإيفيه الذي أطلقته الفنانة سناء يونس بطريقتها الكوميدية وعفويتها في موقف درامي بمسرحية "سك على بناتك" ففجر موجة من الضحك ليرد عليها الراحل فؤاد المهندس بقوله "كنتي تسبيه يمسكها يا فوزية"، لتزيد موجة الضحك وتهز أرجاء المسرح، ليكون هذا العرض من أشهر ما قدمته، وحققت من خلاله شهرة مضاعفة، ليزداد اقتناع المهندس بموهبتها ويشركها العمل معه في مسرحية "هالة حبيبتي".
رغم النجاح الذي حققته سناء يونس مع فؤاد المهندس وسط مطالبات من الجمهور بالالتقاء مجددًا، ولكنها ظلت على أمل أن يجمعهما عمل مشترك مجددًا، ولكن هذا لم يحدث حتى أنه عمل بدونها عدة مسرحيات مثل "علشان خاطر عيونك" وغيرها، رغم تأكيده لها أنها ستشاركه أعماله المقبلة.
نقطة تحول
وصفت سناء يونس مسرحية "الغول" بأنها كانت نقطة تحول في مشوارها الفني، وأيضًا مسرحية "ليلى والمجنون"، "روميو وجانيت" و"محاكمة على الضبش"، و"سك على بناتك" و"هالة حبيبتي" والتي أكدت أنها تعتز بهذه الأعمال.
امتلكت سناء يونس وجهين أمام الكاميرا، ما بين الشخصية الكوميدية والمعقدة، فاتسمت عدد من أدوارها بجزء من التركيب النفسي، وبسؤالها عن رأيها في هذا المأزق الذي وضعها المخرجون فيه وتكرار تواجدها بأدوار مركبة قالت: "أمر جيد لأنه يظهر جانب من قدرات الفنان وإبداعه، لأنها ليست أدوار عادية، وكثير من الفنانات يرفضن تقديم أعمال معقدة في حين أنني كنت ألهث وراءها، وأنا ضد تصنيفي في قالب معين".
أهم محطاتها الفنية
كانت سناء تتخوف من تكرار تقديم الأدوار، ولكن المخرج إسماعيل عبد الحافظ نجح في إقناعها بدور سبق أن رفضته في مسلسل "شارع المواردي"، ولكنها بعد أن اقتنعت وقدمته كان من أهم محطاتها الفنية، والذي قالت عنه:" كنت أتمنى العمل مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ ولكن وجدته يرسل لي دور كوميدي قدمت شبيهه من قبل، فطلب مني أن أقرأ دور زينب ودخلت التصوير بناء على طلبه وفوجئت أن الشخصية التي قدمتها نجحت بشكل غير متوقع لدرجة أنني كنت أسمعه يقول للعاملين أنني اكتشاف بالنسبة له في هذا المسلسل".
رصيد سينمائي كبير
رغم عشق سناء يونس للمسرح ولكنها لم تنس السينما والتي تنوعت فيها أدوارها، فقدمت أفلاما كثيرة إذ وصل رصيدها لنحو 40 عملًا، منها " العذراء والشعر الأبيض"، كما أنها شاركت مع المخرج يوسف شاهين في أكثر من فيلم منها "المصير" و"اليوم السادس" مع الفنانة العالمية داليدا، وفيلم "الغضب"، "إسكندرية نيويورك"، كما عملت مع غيره من المخرجين الكبار مثل حسين كمال وعاطف سالم وسمير سيف وغيرهم، ودعمت الشباب وتعاونت في أعمالهم مثل الفنان أحمد السقا في فيلم "حرب أطاليا"، وهاني رمزي في فيلم "جواز بقرار جمهوري"، وعمرو دياب في فيلم "ضحك ولعب وجد وحب"، وأحمد رزق في فيلم "إوعى وشك".
كان للتلفزيون نصيب كبير من أدوارها حيث قدمت عددًا كبيرًا من الأعمال المصرية والعربية والتي تجاوزت الثمانين عملًا، مثل "ضمير أبلة حكمت"، و"سر الأرض"،" بوابة الحلواني"، كما قدمت المسلسل الكويتي "لن أمشي طريق الأمس"، و"الملقوفة"، و"الحور العين"، وغيرها، لتعيش محاطة بحب الناس، وترحل في 20 مايو 2006 لتترك في القلوب بصمة وعلامة شاهدة على جمال ودفء مشاعرها وصدق أدائها.