حضوره طاغٍ، ملامحه تسرق الكاميرا والأضواء، ضحكته مميزة، حينما تسمعها ستعرفه، فهو الأستاذ إلهامي في مسلسل "امرأة من زمن الحب"، وهبي السوالمي في "الضوء الشارد"، ورزق الهلالي في "السيرة الهلالية"، إنه النجم العملاق يوسف شعبان، الذي ظل عاشقًا للفن حتى آخر لحظة، ورغم النجاح الكبير والنجومية التي حققها في كل أنحاء الوطن العربي إلا إنه اعتبر نفسه في طريق طويل وكل عمل يدخله كأنه أول عمل يبدأ به مشواره الفني، لذلك هذا الإتقان الكبير لكل أدواره جعله يقف أمام كبار نجوم الفن لينافسهم ويقتنص منهم الخبرات التي صنعت أسطورته.
الحاج سلامة فراويلة في "المال والبنون" وُلِد بحي شبرا في القاهرة عام 1931، ولديه 5 أشقاء هو أكبرهم، لذلك كان والده الذي يعمل في شركة لتصميم الإعلانات يريده أن يلتحق بالأزهر ليصبح رجل دين، لكن والدته أصرت على التحاقه بالمدرسة، واستكمال تعليمه العادي، ويحكي يوسف شعبان عن الفترة الأولى لتعلقه بمجال الفن، قائلًا: "كان لوالدي تأثير كبير في تكوين شخصيتي الفنية فكنت أقرأ الكتب والجرائد التي يحضرها، إذ أحببت هذا العالم وأردت أن أكون جزءًا منه، قرأت وتعلمت وأصبحت الرغبة كبيرة داخلي، لكن تشاء الظروف أن يلتحق بكلية الحقوق بعد انتهاء المرحلة الثانوية.
لم تكن الحقوق حلم ابن حي شبرا أو من طموحاته، إذ التحق بفرقة التمثيل في الجامعة مع كرم مطاوع، نجيب سرور، صلاح السقا، سعيد عبد الغني، إبراهيم نافع، وغيرهم، وفي السنة الثانية له بالكلية دخل معهد التمثيل، وقرر أن يترك الحقوق ويكمل مسيرته الفنية في السنة الثالثة، ورغم أن والده كان يريده شيخًا إلا أنه لم يعترض على تلك الخطوة.
مشوار يوسف شعبان لم يكن ممهدًا أو مفروشًا بالورود، إذ لم يجد أعمالًا بسهولة وهو ما يؤكده في لقاء تلفزيوني، أنه تعرّض كثيرًا للرفض وحكى موقفًا له مع المطرب عبدالحليم حافظ في فيلم "معبودة الجماهير"، قائلًا: "اعترض عبدالحليم على وجودي، وكان يقول إن أدائي التمثيلي يحتاج إلى مجهود وكانت كلمته مسموعة وقتها، لكن الفيلم تعطّل تصويره أسبوعين، بسبب البحث عن من يجسد الدور وبعد تدخل من صناع العمل قبلني وشاركت فيه".
انطلق يوسف شعبان في مجال الفن، وقدم ما يزيد على 100 فيلم، و130 مسلسلًا، من بينها "الشهد والدموع، الوتد، عيلة الدوري، لحظة ضعف، ورأفت الهجان"، كما كان له تواجد مؤثر في المسرح، إذ كان فنانًا شاملا يعرف ما يريد وما يجب تقديمه، كما أن المخرج المصري حلمي رفلة يحبه جدًا وساعده كثيرًا في مشواره الفني، وكان يُحضره في أغلب الأعمال التي شارك بها لإيمانه به.
حرص يوسف على خدمة زملائه وأبناء المهنة بعد أن فاز في انتخابات نقابة المهن التمثيلية، عام 1997، واستمر في منصب النقيب لدورتين متتاليتين، قدم من خلالهما عددًا من الخدمات، وأنشأ نادي نقابة المهن التمثيلية، لكنه خسر في عام 2003، وتحدث عن تلك الفترة في لقاء تلفزيوني قال فيه: "كنت حريصًا على حل مشكلات كل الأعضاء، ومن أحلامي زيادة معاش الفنان، وكانت تراودني فكرة "ترك المنصب" بسبب المشكلات الكبيرة التي أتعرض لها، لكن مع الوقت الأمر لم يزيدني سوى إصرارًا.
تزوج يوسف شعبان الفنانة ليلى طاهر، ولم تستمر الزيجة سوى 4 سنوات، وبعدها تزوج نادية إسماعيل شيرين ابنة الأميرة فوزية وأنجب منها ابنته سيناء، ويحكي عنها: "كان والدها رافضًا تلك الزيجة، لكنها كانت ستؤذي نفسها ووافق في النهاية، وفي إحدى المرات وأنا مع الفنانة فاتن حمامة في مسلسل" ضمير أبلة حكمت" وجدتها تقول لي فخورة بك لأني سمعت عنك كلام حلو من أهل زوجتك، رغم طلاقي لابنتهم"، وبعد تلك المرحلة تزوج يوسف سيدة كويتية تُدعى إيمان خالد الشريعان، وأنجب منها ابنته زينب وابنه مراد.
وفي صباح 28 فبراير عام 2021، رحل عن عالمنا الفنان العملاق الذي طالما أمتع الجمهور بفنه، متأثرًا بإصابته بفيروس كورونا.