الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

ما العوائد الاقتصادية من احتمالات تفعيل الاتحاد الإفريقي لاتفاقية التجارة الحرة؟

  • مشاركة :
post-title
الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي ودور حاسم في ميلاد اتفاقية التجارة الحرة ـ أرشيفية

القاهرة الإخبارية - شعبان الأسواني

يجتمع القادة الأفارقة يومي 18 و19 فبراير الجاري، في القمة السنوية السادسة والثلاثين للاتحاد الإفريقي بمقر الاتحاد في أديس أبابا؛ بهدف تسريع البدء في تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية (AfCFTA)، التي من المقرر أن تنشئ -وفقًا للأمم المتحدة- سوقًا تضم 54 بلدًا، عدد سكانها مجتمعين 1.3 مليار نسمة، بإجمالي ناتج محلي 3.4 تريليونات دولار، وبحسب الحكومة الإثيوبية، سيحضر القمة ما لا يقل عن 35 رئيسًا و4 رؤساء وزراء، ما يشير للزخم المحتمل لأهمية الأهداف الاقتصادية التي ستناقشها هذه القمة.

وتجدر الإشارة إلى أن تنفيذ الاتفاقية قد تباطأ في أعقاب التداعيات العالمية لجائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية؛ إذ كان من المقرر أن تصبح الاتفاقية سارية المفعول، بدءًا من 1 يوليو 2020، لكن إغلاق معظم الحدود بسبب الجائحة أدى إلى تأخير الجدول الزمني لها.

وانطلاقًا مما سبق، فإن هذا التحليل سيتناول تساؤلًا غاية في الأهمية، مفاده ما العوائد الاقتصادية من احتمالات تفعيل الاتحاد الإفريقي لاتفاقية التجارة الحرة؟

أبعاد متعددة:

تتزامن خطة القمة التي جاءت تحت شعار "تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية"، مع العديد مع الأبعاد التي تتمثل أبرزها فيما يلي:

(*) مؤشرات ضعف القارة: على الرغم مما تملكه القارة الإفريقية، بيد أنها تشهد وضعًا اقتصاديًا ضعيفًا للغاية، ولم يكن هذا الوضع السيئ فقط بمقارنتها بالنسبة للعالم، بل بمقارنة الأوضاع الاقتصادية لدول القارة فيما بينهم، إذ بلغت صادرات وواردات القارة البينية عام 2021 نحو 99.5 و86.7 مليار دولار لكل منهما على التوالي، بنسبة 16.7% لإجمالي الصادرات للعالم، و15.9% لإجمالي الواردات من العالم، في الوقت ذاته، فإن نسبة صادرات القارة لإجمالي صادرات العالم في 2021 بلغت نحو 3.2% فقط، كما بلغت نسبة واردات القارة لإجمالي واردات العالم عام 2021 نحو 3.0% فقط، ما يشير للضعف الاقتصادي وعجز الميزان التجاري للقارة.

تطور التبادل التجاري الإفريقي البيني والعالمي خلال الفترة (2012-2021)

فضلًا عن ذلك، فإن الاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة إلى القارة الإفريقية تمثل نسبة ضئيلة جدًا، من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم، كما أنها لا تحقق أهداف الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القارة الإفريقية.

(*) اهتمام دولي وإقليمي: تشهد القمة زخمًا واهتمامًا دوليًا وإقليميًا، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أن واشنطن سترسل وفدًا قويًا من المبعوثين الخاصين إلى أديس أبابا، لحضور قمة الاتحاد الإفريقي السنوية في العاصمة الإثيوبية، إذ تسعى إلى دور في شؤون القارة، لا سيما الأوضاع الاقتصادية، من بينها الأمن الغذائي العالمي وتأثيره غير المتناسب على إفريقيا، بالإضافة إلى متابعة الالتزامات الأمريكية التي تم التعهد بها في قمة القادة الأمريكية الإفريقية؛ التي نظمتها واشنطن في ديسمبر من العام الماضي، فيما أعلن المتحدث الرسمي باسم الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن أحمد أبوالغيط، الأمين العام، سيشارك، لتأكيد مواقف الجامعة العربية لعدد من القضايا المشتركة ذات الأولوية للجانبين العربي والإفريقي، وتأكيد أهمية العلاقة المؤسسية المتجذرة بين الجامعة العربية والاتحاد الإفريقي.

(*) دور مصري: تلعب مصر دورًا فعالًا في تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، لم تكن مصر فقط مــن أوائل الدول الموقعة والمُصدقة علـى الاتفاقية، بل جاءت ضمن أول ثمانٍ دول إفريقية تبدأ في العمل ضمن الاتفاقية، هي "الكاميرون، مصر، غانا، كينيا، موريشيوس، رواندا، تنزانيا، وتونس"، فقد أعلن المهندس أحمد سمير، وزير التجارة والصناعة المصري، 7 أكتوبر 2022، إبرام أول صفقة تجارية تحت مظلة اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية، مؤكدًا أن مشاركة مصر في هذه المبادرة كان من أهم أولويات الدولة المصرية، خلال الفترة الماضية، إذ تم العمل مع كل أجهزة الدولة على تذليل جميع العقبات أمام المصدرين للبدء في التصدير تحت مظلة الاتفاق، لتكون هذه المبادرة نقطة الانطلاق نحو تفعيل التبادل التجاري التفضيلي، فيما أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في أثناء لقائه موسيس كوريا، المبعوث الخاص لرئيس جمهورية كينيا، وزير الاستثمار والتجارة والصناعة، 15 فبراير 2023، على دعم مصر لمسعى الرئيس الكيني لتفعيل اتفاقية التجارة الحرة.

عوائد محتملة:

يتمخض عن تفعيل الاتفاقية العديد من العوائد الاقتصادية لدول القارة جميعًا، يمكن تناول أبرزها فيما يلي:

العوائد المحتملة لتفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية

(&) تقليص العجز التجاري: من المحتمل أن تقلل الاتفاقية من العجز التجاري للقارة مع باقي دول العالم بنسبة 51% مع تعزيز التجارة البينية الإفريقية بنحو 33%؛ إذ سيتم زيادة صادرات القارة بمقدار 560 مليار دولار، كما ستزيد الصادرات الداخلية بين دول القارة بنسبة 81%، وإلى البلدان الأخرى بنسبة 19%، إذ تظهر البيانات أن إمكانات التصدير الحالية غير المستغلة للقارة تصل 21.9 مليار دولار، أي ما يعادل 43% من الصادرات البينية الإفريقية، يمكن تحقيق 9.2 مليار دولار إضافية من إمكانات التصدير، من خلال التحرير الجزئي للتعريفات بموجب اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية على مدى السنوات الخمس المقبلة.

(&) تعزيز الوضع الاقتصادي: من المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لإفريقيا بين 28 و44 مليار دولار أمريكي بعد التنفيذ الكامل في عام 2040، كما أن الاتفاقية في حالة تنفيذها بنجاح، يمكن أن تُولد إنفاقًا مشتركًا للمستهلكين والأعمال يبلغ 6.7 تريليون دولار بحلول العام 2030.

(&) زيادة الاستثمارات الأجنبية: من المحتمل أن تشهد القارة الإفريقية، في إطار تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية، زيادة في الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة تتراوح بين 111% و159%، وفقًا لما جاء ليس فقط في تقديرات الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، بل أيضًا في دراسة متعمقة صادرة عن البنك الدولي.

(&) الحد من الفقر: من المحتمل أن تعمل الاتفاقية على زيادة الدخل الإقليمي بنسبة 7% أو ما يعادل 450 مليار دولار، وتسريع نمو الأجور، وانتشال ما لا يقل عن 90 مليون شخص من الفقر المدقع بحلول عام 2035، كما سيتم تعزيز أجور العمال المهرة بنسبة 9.8%، وأجور العمال غير المهرة بنسبة 10.3%.

وفي الختام، فإن الوضع الراهن في القارة الإفريقية، قد يدفعها لتسريع عملية تفعيل حقيقية لاتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، التي من المرجح أن تمثل حقبة جديدة من التجارة البينية التي تهدف إلى تحقيق الاستفادة لجميع الدول الأعضاء من خلال توسيع الأسواق البينية والعالمية، ليس هذا فحسب بل أن القوى الدولية، في إطار تكالبها على تعزيز نفوذها بالقارة الإفريقية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية؛ التي قد تدفع بقوة نحو تفعيل تلك الاتفاقية، من أجل استغلال ما تملكه إفريقيا في حل الأزمة الاقتصادية العالمية، فضلًا عن تعزيز الدور الأمريكي والغربي في القارة، لذلك قد يتطلب الأمر من القادة الأفارقة تنفيذ الاتفاقية بنجاح وبحرص شديد من أجل تحقيق أقصى استفادة ممكنة من الاتفاقية وتفادي التنافس الدولي على موارد القارة.