"هذا رجل، التمثيل عنده أمر فطري، لم يدرس في مدرسة أو أكاديمية، لديه موهبة، ومثقف تمثيليًا".. هكذا وصف الفنان الراحل نور الشريف أحد أساطير الفن في مصر زكي رستم، فهو الطيب الحنون والعطوف مع كل من حوله، ولكنه يتحول لشخص آخر فور دخوله لوكيشن التصوير، لينسى كل شيء ويركز في عمله، فهو يحب أن يتقن أدواره ويبدع في تقديم مشاهده، ليسير في طريقه طامحًا بأن يقدم فنًا هادفًا، ولا يقبل بغير ذلك حتى صنع عالمه.
محمد زكي محرم محمود رستم، الذي ولد في 5 مارس 1903، وتوفي في مثل هذا اليوم، عشق الفن منذ الصغر، وحلم بأن يصبح ممثلًا ومبدعًا في هذا العالم، ولكن الظروف لم تكن متاحة له في البداية بسبب انتمائه لعائلة أرستقراطية، رفضوا دخول ابنهم هذا العالم، لدرجة أغضبت والدته، ولكنه أصر على التواجد في هذا العالم.
كان الفنان عبد الوارث عسر المفتاح الذي فتح أبواب الفن أمام زكي رستم، بعد أن أقنعه بالانضمام إلى فريق الهواة بالمسرح، واستجاب لتلك النصيحة والتحق بأكثر من فرقة، وكانت السبب في دخوله إلى عالم السينما، إذ رشحه المخرج محمد كريم للمشاركة في فيلم "زينب"، وبعدها فتحت له كل الأبواب ليثبت هذا العملاق موهبته الكبيرة التي اكتسبها منذ الصغر.
"ملاك وشيطان، نهر الحب، امرأة في الطريق، أين عمري، عائشة، بنت الأكبر"، وغيرها من الأعمال التي صنعت بصمة هذا العملاق في السينما، فاشتهر زكي رستم بأدوار الشر، ولكن حفيدته أكدت في لقاء متلفز أنه رغم نجاحه الكبير في هذه الشخصيات إلا أنه استطاع الخروج من تلك العباءة وتقديم ألوان أخرى.
"عازب السينما المصرية" اللقب الذي أطلق على زكي رستم، وعن سبب هذا حكت ابنة خاله التي كان يناديها بحفيدته، حيث قالت: "كان دائمًا ما يقول أنا نفسي أرتبط ولكن طباعي صعبة جدًا، لذلك أحبَ أن يبقي وحيدًا، يقرأ ويستمتع بتفاصيله بعيدًا عن سهرات الفن التي كان لا يحبها".
وعلى الرغم من وقوف زكي رستم أمام أهله لدخول هذا العالم، لكن حفيدته تؤكد في لقاء متلفز أنه رفض دخول أشقائه هذا العالم، وقال لهم إن الفن صعب ونتيجته أنه لم يتزوج وعاش ظروفًا صعبة جدًا.
وتضيف: حكى لي والدي أن الفنان زكي رستم كان يتمتع بخفة الدم، ويحب أن يُلقي النكات ويقوم بعمل مقالب في أصدقائه ويضحك معهم فهو في الحقيقة لم يكن حاد الطباع كما كان يظهر في الأفلام التي يقدمها.
هناك الكثير من الأقاويل حول حياة زكي رستم، منها أنه أحب فتاة وعشقها ولكن أهلها رفضوا أن تتزوج من مشخصاتي كما كان يقال عنه في ذلك الوقت، ولذلك قرر ألا يخوض تلك التجربة مرة أخرى وعاش وحيدًا، بينما هناك روايات أخرى تتعلق بضياع ثروته وغيرها من الأقاويل التي لم يؤكدها مصدر ولكنها لا تزال متداولة.
وفي صباح يوم كهذا من عام 1972 توفي المبدع زكي رستم بعد أن أثرى المكتبة الفنية بأعماله الخالدة.