بعد ما يقرب من عام من الشلل السياسي، تعود كوسوفو إلى صناديق الاقتراع، اليوم الأحد، في تصويت قد يحدد ما إذا كانت البلاد ستحرز تقدمًا في مسارها المُتعثر نحو الاتحاد الأوروبي، وفق تقرير للنسخة الأوروبية من صحيفة "بوليتيكو".
وشهدت الانتخابات الأخيرة في فبراير فوزًا واضحًا لحزب "تقرير المصير" الحاكم بزعامة رئيس الوزراء المؤقت ألبين كورتي، الذي حصد 42% من الأصوات. إلا أنه لم يتمكن من الحصول على الأغلبية المطلقة، وبالتالي لم يستطع تشكيل ائتلاف مع أي حزب آخر.
وفي الوقت نفسه، دفع حزب كورتي البلاد إلى مزيد من العزلة، حيث أدى نهجه الشعبوي اليساري وجهوده لتأكيد سيادة كوسوفو في الشمال ذي الأغلبية الصربية إلى توتر العلاقات مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى اتخاذ تدابير عقابية.
ولذلك، لم ترغب أي من أحزاب المعارضة الرئيسية في التعاون مع "تقرير المصير"، كما لم توافق على محاولات كورتي المتكررة لترشيح رئيس للبرلمان. حتى أن كورتي عرض التخلي عن منصبه كرئيس للوزراء لتهدئة المعارضة، لكن دون جدوى.
كل هذا دفع الرئيسة فيوسا عثماني إلى الدعوة لانتخابات مبكرة في نوفمبر، لتكون هذه سابع انتخابات برلمانية في كوسوفو منذ إعلان استقلالها عن صربيا في عام 2008.
تحالف المعارضة
يشير تقرير "بوليتيكو" إلى أنه قبل التصويت اليوم، لم تُظهر أحزاب المعارضة مثل "الرابطة الديمقراطية لكوسوفو" (LDK) و"الحزب الديمقراطي لكوسوفو" (PDK) و"تحالف مستقبل كوسوفو" (AAK) أي علامات على تغيير موقفها من كورتي.
ونقل التقرير عن أحد المرشحين المعارضين قوله إن هذه الأحزاب ترى أن كورتي "شعبوي أعاق العلاقات مع الغرب وخرَّب عضوية الناتو وعملية التكامل مع الاتحاد الأوروبي".
وأضاف المرشح، هاكي أبازي، الذي شغل منصب نائب رئيس الوزراء في عهد كورتي عام 2019 وطُرد لاحقًا من الحزب بسبب خلافات حول التوجه السياسي: "يُنظر إلى كورتي على أنه شخصية سامة ومسببة للتشرذم"، مضيفًا أن أيًا من الأحزاب الثلاثة لن يشكل ائتلافًا مع زعيم حركة تقرير المصير.
وتتوقع بعض التقديرات أن تُشكل أحزاب المعارضة الثلاثة ائتلافًا لمنع حدوث مأزق سياسي آخر، وهو ما وصفه أبازي بأنه "محتمل جدًا".
الانضمام لأوروبا
لا يزال طلب كوسوفو للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي "معلقًا في أدراج الاتحاد الأوروبي"، حسبما صرحت عثماني خلال قمة الاتحاد الأوروبي ودول غرب البلقان الأسبوع الماضي. وكانت البلاد قد تقدمت بطلب الانضمام عام 2022، لكن لم يُحرز تقدم يُذكر منذ ذلك الحين.
ولا تعترف كل من قبرص وسلوفاكيا وإسبانيا واليونان ورومانيا بكوسوفو كدولة مستقلة حتى الآن.
وفي القمة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أن الاتحاد الأوروبي سيرفع العقوبات المفروضة على كوسوفو منذ عام 2023 بسبب التوترات في الشمال ذي الأغلبية الصربية، وسيفرج عن أكثر من 400 مليون يورو من المساعدات المالية.
لكن إذا فشلت البلاد في تشكيل حكومة مرة أخرى، فإن كوسوفو تخاطر بفقدان إمكانية الوصول إلى خطة النمو التي تبلغ قيمتها 6 مليارات يورو لمنطقة غرب البلقان، حيث تحتاج إلى تنفيذ إصلاحات لفتح التمويل.
ونقل التقرير عن بيسار جيرجي، الخبير في التكامل الأوروبي بمجموعة الدراسات القانونية والسياسية في كوسوفو، قوله: "البلاد تواجه بالفعل معركة شاقة بسبب خمس دول من الاتحاد الأوروبي غير معترفة بها، ولا يمكن للبلاد تحمل عام آخر يضيع بسبب عجز السياسيين عن القيام بما تم انتخابهم من أجله: تقديم الحلول، وليس خلق المشاكل".
مصالح الصرب
لا تزال صربيا لا تعترف بكوسوفو، وتشير إليها باسم "كوسوفو وميتوهيا"، وهو اسمها السابق كإقليم صربي.
وقد حاول الاتحاد الأوروبي إصلاح العلاقات بين كوسوفو وصربيا من خلال حوار بلجراد-بريشتينا، إلا أن سنوات المحادثات لم تُسفر إلا عن نتائج محدودة.
وفي عام 2023، وقعت كوسوفو وصربيا اتفاقية تطبيع، تتضمن الاعتراف المتبادل بحكم الواقع بسيادة كل منهما.
وفي مقابلة حديثة مع وكالة "فرانس برس"، قال كورتي: "نحن بحاجة إلى تطبيع العلاقات مع صربيا، لكن تطبيع العلاقات مع نظام استبدادي مجاور لا يعترف بك، ولا يعترف أيضًا بالجرائم التي ارتكبها خلال الحرب، أمر صعب للغاية".
ويطالب كورتي صربيا بتسليم ميلان رادويتشيتش، السياسي السابق في القائمة الصربية، الذي خطط لهجوم إرهابي على شمال كوسوفو عام 2023 أسفر عن مقتل شرطي كوسوفي، والمطلوب في كوسوفو، لكنه موجود حاليًا في صربيا.