قدمت منظمة حقوقية إسرائيلية شهادة جديدة على جريمة التهجير القسري التي نفذها جيش الاحتلال في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، مبينة أنه أجبر سكان القطاع على النزوح 6 مرات، ما دفعهم للعيش في الملاجئ والخيام وسط القصف الكثيف والأحوال الجوية السيئة لتتفاقم معاناتهم، مخالفًا بذلك القانون الدولي.
وفقًا لصحيفة "هآرتس" العبرية، خلص تقرير لمنظمة "بتسيلم" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، إلى أن 90% من سكان غزة فقدوا منازلهم منذ 7 أكتوبر 2023، مشيرًا إلى أن متوسط عدد موجات النزوح بلغ 6 مرات.
وبحسب التقرير الذي نُشر أمس الجمعة، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي 161 أمر إخلاء خلال الحرب، شملت معظم أنحاء القطاع، ما تسبب في معاناة هائلة للمدنيين، وجعلتهم عمليات الإخلاء عرضة للأمراض وتقلبات الطقس والجوع بين كوارث أخرى.
إبادة جماعية
في يوليو الماضي، أصدرت "بتسيلم" تقريرًا يؤكد أن تصرفات جيش الاحتلال الإسرائيلي ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، موضحة أن التهجير القسري يعد أحد مراحل الإبادة الجماعية، التي تُنفّذ بشكل ممنهج وتُدمّر النسيج الاجتماعي وقدرة سكان غزة على البقاء.
وينص القانون الدولي على أن التهجير القسري في أثناء الحرب يمكن اعتباره قانونيًا إذا تم لتلبية حاجة عسكرية أو لحماية السكان. وفي هذه الحالة يجب على الجيش ضمان أن يكون مؤقتًا، والمساعدة في عودة النازحين، كما يتحمل الجيش مسؤولية توفير المأوى المناسب للنازحين، وتوفير الغذاء والماء والخدمات الصحية والنظافة.
تؤكد منظمة "بتسيلم" أن جيش الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بهذه الشروط، مشيرة إلى أن أوامر الاحتلال بالتهجير تقترب من جرائم الحرب.
وكتبت "بتسيلم"، في تقريرها: "إن أزمة التهجير التي أحدثتها إسرائيل في قطاع غزة تُعدّ ركيزة أساسية لهجومها الإبادي المنسق الذي يهدف إلى تدمير المجتمع الفلسطيني في غزة ككل".
موجات متكررة
وفقًا لـ"هآرتس"، يشير استعراض السياسة الإسرائيلية إلى 5 موجات تهجير رئيسية، بدأت الموجة الأولى في 13 أكتوبر 2023، بعد أسبوع من أحداث 7 أكتوبر.
وذكر التقرير أن جيش الاحتلال أصدر أولى أوامر الإخلاء الجماعي لسكان غزة، مُوجهًا نحو 1.1 مليون نسمة من سكان شمال القطاع بمغادرة منازلهم والتوجه جنوبًا خلال 24 ساعة.
وبدأت الموجة الثانية في ديسمبر 2023، عندما أمر جيش الاحتلال نحو 500 ألف من سكان غزة بمغادرة منطقة خان يونس (جنوبي القطاع)، وكان نصفهم نزحوا بالفعل في الموجة السابقة.
وبدأت الموجة الثالثة في مايو 2024، عندما شنّ جيش الاحتلال هجومه على رفح الفلسطينية، وأمر نحو مليون من سكان المدينة، بمن فيهم مئات الآلاف من النازحين الذين كانوا يعيشون هناك في خيام وملاجئ مؤقتة، بالإخلاء شمالًا إلى منطقة المواصي بخان يونس.
وشنّ جيش الاحتلال هجومًا واسع النطاق في شمال قطاع غزة خريف عام 2024، وأُجبر آلاف السكان الذين كانوا لا يزالون في خان يونس وبيت لاهيا وجباليا على مغادرة المنطقة في موجة النزوح الرابعة.
عندما دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في يناير عاد ملايين الفلسطينيين إلى منازلهم في مدينة غزة، وعندما انتهك الاحتلال الاتفاق في مارس، حدد جيش الاحتلال ما يُسمى بالمناطق الإنسانية على خرائط وُزعت على السكان.
في ذلك الوقت، كان جيش الاحتلال يُصدر أوامر تهجير يومية، وكان آلاف الفلسطينيين في غزة يُجبرون على الانتقال من مكان إلى آخر بشكل شبه يومي.
وبدأ الجزء الأكبر من الموجة الخامسة في أواخر أغسطس عندما هاجم جيش الاحتلال مدينة غزة وأمر 1.2 مليون من سكانها بمغادرة منازلهم.
طرد ممنهج
استندت عملية الطرد والتهجير بشكل رئيسي إلى "خطة الجنرالات" التي وضعها عدد من جنرالات الاحتياط في جيش الاحتلال.
وجاء في التقرير: "نصت الخطة على تهجير جميع المدنيين -مئات الآلاف منهم من شمال قطاع غزة- خلال أسبوع واحد، وبعدها سيتم فرض حصار على المنطقة بأكملها، ومنع أي حركة دخول أو خروج، ومنع دخول أي طعام أو وقود أو ماء".
تسبب التهجير المتكرر في تدهور حاد في الظروف المعيشية للسكان وارتفاع في معدل الوفيات، وفقد سكان غزة معظم ممتلكاتهم، وعاشوا في خيام، وازدادت معاناتهم مع استمرار الحرب. كانوا ولا يزالون يفتقرون إلى الكهرباء والمياه الجارية وشبكة الصرف الصحي وعدد كافٍ من المراحيض.