ذكر تقرير دولي حول أزمات الغذاء في العالم، اليوم الجمعة، أنه تم تجنب انتشار المجاعة في قطاع غزة، إلا أن الوضع لا يزال حرجًا، حيث لا يزال القطاع بأكمله يواجه خطر المجاعة، كما نقلت وكالة "أسوشيتد برس".
يأتي التقرير الجديد الصادر عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، بعد أشهر من التأكيد على أن المجاعة تحدث في مدينة غزة، ومن المرجح أن تنتشر في جميع أنحاء القطاع في غياب وقف إطلاق النار وإنهاء القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية.
ورغم أن التقرير أفاد بوجود "تحسن ملحوظ" في الأمن الغذائي والتغذية عقب وقف إطلاق النار في أكتوبر، ولم يتم رصد أي مجاعة، لكن مع ذلك حذرت اللجنة الدولية لتصنيف المخاطر من أن الوضع لا يزال "هشًا للغاية"، وأن قطاع غزة بأكمله معرض لخطر المجاعة، حيث يواجه نحو ألفي شخص مستويات كارثية من الجوع حتى نهاية أبريل.
ولفت التقرير إلى أنه في أسوأ السيناريوهات، بما في ذلك تجدد الصراع وتوقف المساعدات، فإن القطاع بأكمله معرض لخطر المجاعة. وأكد التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن الاحتياجات لا تزال هائلة، وأن هناك حاجة إلى مساعدات مستدامة وموسعة وغير مقيدة.
تأتي نتائج التقرير في وقت يصل فيه وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل وحماس إلى نقطة حاسمة مع اقتراب المرحلة الأولى من الاكتمال، حيث لا تزال جثة أحد المحتجزين في غزة. أما المرحلة الثانية الأكثر صعوبة فلم تُنفذ بعد، وقد تبادل الطرفان الاتهامات بخرق الهدنة.
مستوى كارثي
في مواجهة التقرير الدولي، أعلنت الوكالة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق المساعدات إلى غزة(GOGAT) رفضها للتقرير ونتائجه، زاعمة أنها تلتزم بوقف إطلاق النار وتسمح بوصول الكمية المتفق عليها من المساعدات إلى القطاع.
وزعم الإسرائيليون أن كميات المساعدات "تتجاوز بشكل كبير الاحتياجات الغذائية للسكان في غزة وفقًا للمنهجيات الدولية المقبولة، بما في ذلك الأمم المتحدة"، كما نقلت "أسوشيتد برس".
أيضًا، قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، اليوم الجمعة، إنها ترفض النتائج، قائلة إن تقرير اللجنة المؤقتة المستقلة لا يعكس الواقع في غزة، وأن كمية المساعدات التي تصل إلى القطاع تتجاوز الكمية المطلوبة.
كما رفضت الحكومة الإسرائيلية النتائج السابقة للجنة التحقيق المستقلة، ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التقرير بأنه "كذبة صريحة".
لكن رغم النفي الإسرائيلي، كان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي قد أكد في أغسطس وصول المجاعة إلى مستوى كارثي لأول مرة في الشرق الأوسط، وحذر من احتمال امتدادها جنوبًا إلى دير البلح وخان يونس.
وأشار تقرير أغسطس إلى أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة، أي ما يقارب ربع سكانها، يواجهون مستويات كارثية من الجوع، مع تعرض الكثيرين لخطر الموت لأسباب متعلقة بسوء التغذية، بينما ذكر تقرير اليوم الجمعة أن انتشار المجاعة قد تم تعويضه بانخفاض كبير في الصراع، وخطة سلام مقترحة، وتحسين وصول المساعدات الغذائية الإنسانية والتجارية.
تحسن طفيف
نقل مراسلو الأمم المتحدة عن أنطوان رينارد، مدير برنامج الأغذية العالمي للأراضي الفلسطينية، أن هناك وفرة أكبر في الغذاء: "يتناول الناس الآن وجبتين يوميًا، بعد أن كانوا يتناولون وجبة واحدة فقط في شهر يوليو".
وقال في مؤتمر صحفي عبر الفيديو من مدينة غزة، الخميس: "هذا الوضع يمثل تحولًا واضحًا عن أحد أسوأ الأوضاع التي مررنا بها خلال الصيف".
وأضاف أن الحصول على الغذاء قد "تحسن بشكل ملحوظ"، محذرًا من أن التحدي الأكبر الآن هو توفير مأوى مناسب للفلسطينيين، الذين يعاني الكثير منهم من البلل ويعيشون في خيام غارقة بالمياه.
وتقول منظمات الإغاثة إن نحو 1.3 مليون فلسطيني بحاجة إلى مأوى طارئ مع حلول فصل الشتاء.
أزمة النزوح
يُعدّ النزوح أحد الأسباب الرئيسية لانعدام الأمن الغذائي، حيث يعيش أكثر من 70% من سكان غزة في ملاجئ مؤقتة ويعتمدون على المساعدات.
وأشار التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن عوامل أخرى، مثل سوء النظافة والصرف الصحي، فضلاً عن محدودية الوصول إلى الغذاء، تُفاقم أزمة الجوع. وقال إن وصول المساعدات الإنسانية قد تحسن مقارنة بفترات التحليل السابقة، إلا أن هذا الوصول "يتقلب يوميًا" وهو محدود وغير متساوٍ في جميع أنحاء القطاع.
ولتجنب المزيد من الخسائر في الأرواح، هناك حاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية موسعة تشمل الغذاء والوقود والمأوى والرعاية الصحية، وفقًا للخبراء، الذين حذروا من أنه من المتوقع أن يعاني أكثر من 100 ألف طفل تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و5 سنوات من سوء التغذية الحاد ويحتاجون إلى العلاج خلال الأشهر الـ12 المقبلة.
وتقول منظمات الإغاثة إنه على الرغم من زيادة المساعدات، إلا أنها لا تزال لا تصل إلى كل من يحتاجها بعد معاناة عامين من الحرب.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن بشرى خالدي، مسؤولة السياسات في منظمة "أوكسفام" لإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة: "هذا ليس نقاشًا حول أعداد الشاحنات أو السعرات الحرارية على الورق، بل يتعلق الأمر بما إذا كان بإمكان الناس الحصول على الغذاء والماء النظيف والمأوى والرعاية الصحية بشكل آمن ومستمر. في الوقت الحالي، لا يمكنهم ذلك".