تحولت أوكرانيا من ساحة اختبار قاسية للطائرات الروسية بدون طيار والصواريخ، إلى مصدر معرفة وخبرة تسعى دول أوروبية "قلقة" للاستفادة منها، ووفق تقرير لصحيفة "كييف إندبندنت"، يلعب قطاع الطاقة الأوكراني، الذي تحمّل وطأة الهجمات المستمرة لسنوات، دورًا استشاريًا وتدريبيًا في مساعدة أوروبا على الاستعداد لمخاطر الحرب الهجينة والتخريب الجوي.
خبرة أوكرانية
تشير "كييف إندبندنت" إلى أن الحكومات الأوروبية، ومع تزايد اختراق الطائرات الروسية بدون طيار لأجواء القارة، بدأت تتجه إلى الدولة التي تعرف هذه المواجهة أكثر من غيرها، إذ شرعت شركة الكهرباء الحكومية الأوكرانية (أوكرينيرجو)، التي تحملت العبء الأكبر من الهجمات الروسية على نظام الطاقة، في تقديم المشورة والتدريب لنظرائها في ألمانيا وبولندا وليتوانيا منذ الصيف الماضي.
وقال وزير الطاقة الليتواني زيجيمانتاس فايتشيوناس وفق "كييف إندبندنت" إن تصاعد عمليات التوغل الروسية بالطائرات بدون طيار في أوروبا قد يؤدي إلى عمليات تخريب أو هجمات هجينة تستهدف منشآت الطاقة، مؤكدًا ضرورة الاستعداد لها بشكل صحيح.
من جانبه، أوضح فيتالي زايتشينكو، الرئيس التنفيذي لشركة أوكرينيرجو، أن الشركة عقدت في الغالب ورش عمل عبر الإنترنت خلال فصلي الربيع والصيف، مستفيدة من فترة هدوء نسبي للهجمات الروسية.
نقل التجربة
وبحسب الصحيفة الأوكرانية، لم تقتصر أشكال التعاون على الاجتماعات الافتراضية فقط، إذ أشار وزير الطاقة الليتواني إلى أن فريقًا ليتوانيًا زار أوكرانيا للاطلاع ميدانيًا على الإجراءات الوقائية التي تطبقها الشركة الأوكرانية.
وقال الوزير إن أوكرانيا تعيش أسوأ الظروف الممكنة، لكن الخبرة التي اكتسبها مشغّل نظام التوزيع فيها ذات قيمة حقيقية لليتوانيا وللمنطقة ككل، وتعمل فرق الصيانة التابعة لأوكرينيرجو، التي يبلغ عددها الآلاف، على مدار الساعة وغالبا تحت نيران روسية، للحفاظ على استمرارية التيار الكهربائي.
وهذه الخبرة القاسية، وفق "كييف إندبندنت"، هي ما تسعى الحكومات الأوروبية للاستفادة منه مع تصاعد اختبار روسيا لتماسك حلف الناتو عبر توغلات الطائرات المسيرة.
مخاطر أوروبية
وفي سياق أوسع، نقلت "كييف إندبندنت" عن معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنية، وهو مركز أبحاث ممول من الاتحاد الأوروبي، أن معدات الطاقة غير المحمية في أوروبا تمثل نقطة ضعف كبيرة في خضم حملة الحرب الهجينة الروسية.
وذكر التقرير أن روسيا يشتبه منذ عام 2023 في قيامها بتخريب كابلات وخطوط أنابيب في بحر البلطيق، كما انتهك ما لا يقل عن مئة طائرة بدون طيار المجال الجوي الأوروبي هذا العام، بما في ذلك فوق السويد وليتوانيا والدنمارك.
ويضيف التقرير أن أوكرينيرجو مستعدة لاستضافة المزيد من ورش العمل العام المقبل، بل والتوسع لتشمل مشغلي شبكات الكهرباء في دول أخرى، مشيرا إلى أن معظم هذه الشركات مملوكة للدولة كليًا أو جزئيًا في أوروبا.
ومع تصاعد المخاوف من أن تكون ليتوانيا الهدف التالي لموسكو، أطلقت "فيلنيوس" برنامجًا بقيمة 140 مليون يورو لحماية أكثر من 150 منشأة طاقة، ولا سيما محطات التحويل، من هجمات محتملة بالطائرات المسيرة وقد بدأت بالفعل أعمال التحصينات الخرسانية، ومن المتوقع الانتهاء منها بحلول عام 2029.
تحرك أوروبي
وقال وزير الطاقة الليتواني إن الاستثمار في الحماية المسبقة أقل تكلفة من مواجهة العواقب الباهظة والمزعزعة للاستقرار للهجمات، مشددًا على أن أوروبا يجب أن تكون مستعدة لأعمال التخريب والحرب الهجينة حتى في أوقات السلم.
ولفت التقرير إلى أن ليتوانيا، التي تحد بيلاروسيا، أعلنت حالة الطوارئ في التاسع من ديسمبر بعد ما وصفته رئيسة الوزراء إنجا روجينيين بهجوم هجين من مينسك، عقب سرب من بالونات الطقس تسبب في تعطيل حركة الطيران وإغلاق أكبر مطار في البلاد.
وأكدت "كييف إندبندنت" أن فيلنيوس، بالتعاون مع دول البلطيق وبولندا، ستضغط على بروكسل في اجتماع المفوضية الأوروبية في الخامس عشر من ديسمبر لإدراج حماية البنية التحتية الحيوية ضمن سياسات الاتحاد الأوروبي وتخصيص تمويل للتحصينات، مع توقع الانتهاء من المفاوضات بحلول نهاية عام 2026 وتحديد إطار تمويلي للفترة بين 2028 و2034.