طرحت أوكرانيا مقترحًا على خطة السلام الأمريكية بإنشاء "منطقة اقتصادية حرة" منزوعة السلاح في منطقة دونباس، حيث يمكن للمصالح التجارية الأمريكية أن تعمل، في محاولة لإقناع الرئيس دونالد ترامب، وفق ما ذكرت مجلة "بوليتيكو" الأمريكية عن مصدرين مطلعين على الأمر.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أمس الخميس، إن ترامب، الذي بدا متشككًا بشأن احتمالات تحقيق انفراجة، في تصريحاته من المكتب البيضاوي، أمس الأول الأربعاء، "على علم" بالخطة الأخيرة المكونة من 20 نقطة، التي أرسلتها أوكرانيا إلى البيت الأبيض.
كما تحدث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الصحفيين أمس الخميس حول الاقتراح، مشيرًا إلى أن السيطرة على المنطقة العازلة في شرق أوكرانيا لا تزال بحاجة إلى حل، ولكن بموجب الاقتراح الجديد، سيتم منع دخول القوات من روسيا وأوكرانيا.
قال زيلينسكي إن ذلك يمثل "حلًا وسطًا" عن خطة السلام الأصلية المكونة من 28 بندًا، والتي وضعتها الولايات المتحدة بمساهمة روسية، والتي بموجبها تسيطر القوات الروسية على المنطقة. لكنه أشار إلى أن أوكرانيا لن تسحب قواتها إلا بعد تلقيها ضمانات أمنية ملموسة من حلفائها ضد أي عدوان مستقبلي من موسكو.
وذكرت "بوليتيكو" أن شخصين مطلعين على المقترح أعربا عن شكوكهما في دعم روسيا للخطة التي تم وضعها هذا الأسبوع بمساهمة من قادة أوروبيين. وأشارا إلى أن ترامب لا يزال ينظر إلى أوكرانيا على أنها الطرف الأضعف والأكثر مرونة في الصراع، لا سيما في أعقاب فضيحة فساد أجبرت رئيس مكتب زيلينسكي لفترة طويلة، أندريه يرماك، على الاستقالة.
قال أحد المصدرين: "يستغل البيت الأبيض فضيحة الفساد الأخيرة هذه للضغط على زيلينسكي". وأضاف المصدر أنه في حين طلب القادة الأوروبيون من ترامب التوجه إلى برلين الأسبوع المقبل لمواصلة المحادثات، فإن ذلك مستبعد للغاية ما لم تطرأ تغييرات جوهرية على الخطة الأوكرانية الأوروبية المشتركة.
لم توضح ليفيت ما يفكر فيه ترامب بشأن الاقتراح المعدل، أو ما إذا كان سيرسل مساعدين للمشاركة في محادثات إضافية مع مسؤولين أوروبيين وأوكرانيين من المقرر عقدها في باريس بعد غد.
وقالت: "إذا كانت هناك فرصة حقيقية لتوقيع اتفاقية سلام، وإذا شعرنا أن هذه الاجتماعات تستحق تخصيص وقت من وقت الولايات المتحدة بعد غد، فسوف نرسل ممثلًا. لا يزال الأمر غير محسوم بشأن إمكانية تحقيق سلام حقيقي. لكن لقد سئم من الاجتماعات التي لا طائل منها".
وبحسب مسؤولين من دولتين معنيتين، يعتزم المبعوث الخاص لترامب، ستيف ويتكوف، المشاركة في محادثات مع مسؤولي الأمن القومي بعد غد.
ألمح ترامب إلى أن الضمانات الأمنية التي تسعى إليها أوكرانيا، والتي تهدف إلى ردع روسيا عن مهاجمة أوكرانيا مجددًا، يجب أن تأتي في المقام الأول من أوروبا.
وصرح زيلينسكي، أمس الخميس، بأنه وفريقه أجروا "محادثة بناءة ومتعمقة" حول الضمانات الأمنية مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ووزير الدفاع بيت هيجسيث، وويتكووف، وصهر ترامب جاريد كوشنر، بالإضافة إلى مسؤولين عسكريين والأمين العام لحلف الناتو مارك روته.
ونقلت "بوليتيكو" عن مسؤول دفاعي أوروبي أن الحلفاء في القارة يخططون لنقل قوات ومعدات مراقبة إلى أوكرانيا. وستقوم قوات التحالف بتشغيل طائرات مسيرة داخل أوكرانيا لمراقبة أي خطة سلام يتم الاتفاق عليها، وبينما سيكون هناك وجود عسكري بري، إلا أنهم "لن يخدموا في الخطوط الأمامية".
وقال المسؤول إن الأوروبيين يؤكدون للأمريكيين حاجتهم إلى تنسيق سياسي أعمق مع واشنطن بشأن المحادثات، مما يعكس إحباطهم من عدم حصولهم على مقعد على طاولة المفاوضات حتى هذه اللحظة.
خلال زيارة إلى واشنطن، صرح وزير الدفاع البريطاني جون هيلي للصحفيين بأن ما يسمى بتحالف الراغبين "مستعد للقيام بالدور الأكبر في أوروبا، إلى جانب المساهمة في الضمانات الأمنية التي تحدث عنها الرئيس ترامب من جانب الولايات المتحدة. لكننا مستعدون للتدخل، وسنساعد في تأمين هذا السلام على المدى الطويل، وحماية الاتفاق الذي يسعى الرئيس ترامب إلى التفاوض بشأنه".
وقدم هيلي لمحة عامة عن بعض الأعمال الجارية، بما في ذلك مشاركة نحو 200 مخطط عسكري من أكثر من 30 دولة في "زيارات استطلاعية إلى أوكرانيا، ولدينا القوات جاهزة".
على مدى الأشهر القليلة الماضية، استبعد ترامب مرارًا وتكرارًا عضوية أوكرانيا المستقبلية في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وهو التحالف الأمني عبر الأطلسي الذي يعتبر أي هجوم على أي دولة عضو بمثابة هجوم على جميع الدول الأعضاء.
إلا أن خطة السلام الأوكرانية المعدلة حذفت من النسخة الأولية بندًا يمنع أوكرانيا من الانضمام إلى التحالف، وفقًا لشخصين مطلعين على المقترح.
كما تدعو الخطة إلى إجراء انتخابات في أوكرانيا، وهو مطلب طالما سعى إليه الرئيسان دونالد ترامب وفلاديمير بوتين، بحسب المصدرين.
لكن التزام زيلينسكي الجديد بإجراء انتخابات بعد فترة وجيزة من إحلال السلام قد لا يكون كافيًا لإرضاء موسكو، التي طالبت بأن تسيطر روسيا على منطقة دونباس المتنازع عليها بأكملها، وأن تضمن حرمان أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو في المستقبل، وفق "بوليتيكو".