طالما اعتمدت إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية (ICE) على الطائرات المستأجرة لتنفيذ رحلات ترحيل المهاجرين غير الشرعيين خارج الولايات المتحدة. لكن بعد أن ظهرت زيادة ضخمة في ميزانية إنفاذ قوانين الهجرة التي أقرها الكونجرس، ما وفّر تمويلًا لخطط أوسع، دفع وزارة الأمن الداخلي (DHS) بصدد توقيع عقد لإنشاء أسطولها الخاص من طائرات "بوينج 737" لعمليات الترحيل، وفق اثنين من المسؤولين المطلعين على العقد والسجلات، حسب ما جاء بتقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
وحسب التقرير، ستنفق إدارة الهجرة والجمارك ما يقرب من 140 مليون دولار لشراء هذه الطائرات.
تمويل الكونجرس
في وقت سابق من هذا العام، وافق الكونجرس على تخصيص 170 مليار دولار لبرنامج الرئيس دونالد ترامب المتعلق بالحدود والهجرة على مدى أربع سنوات، وذلك ضمن مشروع قانون الضرائب الشامل الذي طرحه الحزب الجمهوري.
ووفقًا لمسؤولين تحدثوا إلى "واشنطن بوست"، فإن تمويل الطائرات سيأتي من هذا التمويل.
يقول التقرير: "أتاح التدفق الهائل للأموال لإدارة ترامب إنفاقًا باذخًا على إنفاذ قوانين الهجرة، سعيًا لتحقيق أهداف الرئيس بترحيل أعداد قياسية من المهاجرين. وقد حدد مسؤولو الإدارة هدفًا بترحيل مليون شخص بحلول نهاية السنة الأولى من ولاية ترامب".
قال توم هومان، المسؤول عن ملف الحدود في عهد ترامب، إن الإدارة الأمريكية قامت بترحيل أكثر من 579 ألف مهاجر، رغم أنها لم تنشر أرقامًا رسمية، وتشير بيانات وزارة الأمن الداخلي الأمريكية إلى أن نحو 66 ألف مهاجر محتجزون حاليًا.
وقالت تريشيا ماكلولين، المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي، في بيان لها، إن الطائرات ستوفر المال "من خلال السماح لهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك بالعمل بشكل أكثر فعالية، بما في ذلك استخدام أنماط طيران أكثر كفاءة".
أسطول مكلف
في وقت سابق، أشارت وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية كريستي نويم إلى رغبتها في أن تمتلك إدارة الهجرة والجمارك طائراتها الخاصة لعمليات الترحيل.
كانت صحيفة "وول ستريت جورنال" ذكرت سابقًا أن "نويم" ومستشارها الرئيسي، كوري ليفاندوفسكي، وجّها مسؤولي إدارة الهجرة والجمارك لشراء 10 طائرات من طراز 737 من شركة "سبيريت إيرلاينز" لرحلات الترحيل ولسفرهم الشخصي "إلا أن الشركة لم تكن تملك الطائرات، كما أنها لم تكن مزودة بمحركات"، وفقًا لما ذكرته الصحيفة، ولذلك لم تتم عملية الشراء.
وحسب سجلات الشركات، فإن عقد وزارة الأمن الداخلي مُبرم مع شركة "ديدالوس" للطيران، التي تأسست في فبراير 2024. يذكر موقع الشركة الإلكتروني أنها "تقدم مجموعة كاملة من خدمات الطيران التجاري والتأجيري" و"توفر عمليات طيران شاملة وسريعة الاستجابة مصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات الفريدة لكل مهمة".
وتنقل "واشنطن بوست" عن جون ساندويج، المدير السابق بالنيابة لهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك في عهد الرئيس أوباما، إن عملية الشراء تعكس حجم الأموال التي تمتلكها الهيئة، لكنه حذّر من أن الوضع الراهن قد يكون أكثر فعالية من حيث التكلفة.
إذ قال: "من الأسهل بكثير إبرام عقد مع شركة تدير بالفعل أسطولًا من الطائرات. ما ترغب الإدارة في تحقيقه، بشكل عام، يمكن تحقيقه بالفعل من خلال رحلات الطيران العارض".
كما قال مسؤول سابق آخر في وزارة الأمن الداخلي، إن الدافع المرجّح للوزارة هو زيادة قدرتها على تنفيذ عمليات الترحيل من الولايات المتحدة ونقل الأشخاص من منشأة إلى أخرى داخل البلاد. وأضاف أن "الإدارات السابقة نظرت في أفكار مماثلة، لكنها خلصت إلى أنها مكلفة للغاية بسبب التكاليف أو التعقيدات اللوجستية المتعلقة بصيانة أسطول من الطائرات وطواقمها".
مصير الطائرات
يثير شراء هذه الطائرات تساؤلات حول مصيرها بعد انتهاء ولاية ترامب. فقد اعتمدت إدارة عمليات النقل الجوي التابعة لهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، وهي القسم الرئيسي للنقل الجوي في الهيئة، بشكل أساسي على شركات الطيران العارض لتسيير رحلات الترحيل.
وبحسب ما نقل التقرير عن مصادر مطلعة على هذه العمليات، فقد منح استخدام الطائرات العارضة الإدارات السابقة مرونة أكبر في زيادة أو تقليل عدد الرحلات.
وأفاد تقرير شهري صادر عن مرصد رحلات إدارة الهجرة والجمارك التابع لمنظمة "هيومن رايتس فيرست" أن 1701 رحلة ترحيل نُفذت إلى 77 دولة في الفترة من 20 يناير الماضي، تاريخ تولي ترامب منصبه، وحتى 31 أكتوبر.
وتتولى هذه المنظمة رصد رحلات إدارة الهجرة والجمارك الجوية، بما في ذلك عمليات النقل داخل الولايات المتحدة وعمليات الترحيل في الخارج.
وذكر التقرير أن عمليات إدارة الهجرة والجمارك الجوية نفّذت "الغالبية العظمى من رحلات إنفاذ قوانين الهجرة الأمريكية".