في مشهدٍ دبلوماسيٍّ متسارع، وجدت أوكرانيا نفسها أمام مهلةٍ للقبول بمقترحِ سلامٍ أمريكي بالغِ الحساسية، يضع على طاولةِ الرئيسِ فولوديمير زيلينسكي خياراتٍ صعبةً تتعلق بالأراضي والسيادةِ مقابل ضماناتٍ أمنيةٍ غير محددة.
مهلة قصيرة للرد
ووفق ما نقلته صحيفةُ "فاينانشيال تايمز" البريطانية عن مسؤولين مطلعين على المحادثات، فإن مبعوثي الرئيسِ الأمريكي دونالد ترامب منحوا كييف مهلةً قصيرة للرد، ما فتح الباب أمام ضغوطٍ متزايدةٍ وتخوّفاتٍ من تأثيراتٍ محتملة على وحدةِ الموقفِ الأوروبي.
وأفاد مسؤولون مطلعون على المحادثات أن مبعوثي الرئيسِ الأمريكي دونالد ترامب منحوا الرئيسَ الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مهلةً لا تتجاوز أيامًا للرد على اتفاقِ سلامٍ مقترح، ما يتطلب من أوكرانيا قبولَ خسائرَ إقليميةٍ مقابل ضماناتٍ أمنيةٍ أمريكيةٍ غير محددة.
وخلال مكالمةٍ هاتفيةٍ استمرت ساعتين يوم السبت، أبلغ المبعوثُ الخاص لترامب ستيف ويتكوف وصهره جاريد كوشنر زيلينسكي بضرورةِ اتخاذ قرارٍ سريع.
ووفق مصدرٍ مطلعٍ على الجدول الزمني المقترح، يسعى ترامب إلى الوصول لاتفاقٍ "بحلول عيد الميلاد"، وأبلغ زيلينسكي المبعوثين الأمريكيين أنه يحتاج إلى مزيدٍ من الوقت للتشاور مع حلفائه الأوروبيين قبل الرد، تخوّفًا من أن يؤدي التحركُ الأمريكي المنفرد إلى تفتيتِ الوحدةِ الغربية.
اليد العليا
قال الرئيسُ الأمريكي دونالد ترامب، وفق مجلةِ "بوليتيكو" الأمريكية، إنه "لا شك في أن روسيا تحتل موقعًا تفاوضيًّا أقوى من أوكرانيا ولديها اليد العليا في خضم المناقشات الجارية لإنهاء الحرب المستمرة منذ سنوات"، وأعرب ترامب عن إحباطه من أن أوكرانيا لم توافق بعد على خطةِ السلام المقترحة، التي تتضمن خسائرَ إقليميةً كبيرةً وتنازلاتٍ أخرى.
وفي سياقِ مقابلةٍ واسعة مع "بوليتيكو"، أكد ترامب أن الرئيسَ فولوديمير زيلينسكي وأوكرانيا يخسران الحرب بعد أكثر من 3 سنواتٍ على الحرب الروسية، وأشار الرئيسُ الأمريكي إلى تقديره الكبير لشعبِ أوكرانيا وجيشها لشجاعتهم وتضحياتهم، مضيفًا أن الحجمَ ينتصر عمومًا في مرحلةٍ ما.
وقال ترامب كذلك إن الوقت قد حان لأوكرانيا لإجراء انتخابات، معتبرًا أن الأوضاع لم تكن تسير على ما يرام، بينما كان زيلينسكي قد صرّح وفق "أكسيوس" في سبتمبر بأنه سيكون مستعدًّا للتنحي بعد انتهاء الحرب.
أوكرانيا عالقة
ووصف أحدُ المسؤولين الغربيين الموقفَ الأوكراني بأنه عالق بين مطالبٍ تتعلق بأراضٍ لا يمكن قبولها، وضغوطٍ أمريكيةٍ لا يمكن رفضها، وقال زيلينسكي في إفادةٍ صحفية عبر واتساب مساء الاثنين: "بصراحة، الأمريكيون يبحثون اليوم عن حلٍّ وسط".
اجتمع زيلينسكي يوم الاثنين مع قادةِ مجموعة"E3" الأوروبية، وهم رئيسُ الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشارُ الألماني فريدريش ميرز، والرئيسُ الفرنسي إيمانويل ماكرون، في لندن، وأشار ميرز في بداية الاجتماع إلى حساسية المرحلة، قائلاً إن القادة التقوا لمناقشة "الأيام المقبلة، لأن هذه الفترة قد تكون حاسمةً لنا جميعًا".
مفاوضات ميامي
عمل ويتكوف وكوشنر مع مفاوضين أوكرانيين في ميامي خلال الأسبوع الماضي على مدى 3 أيام، ومثّل كييف في هذه المحادثات رستم عمروف، أمينُ عامِّ مجلسِ الأمنِ القومي والدفاع، وأندريه هناتوف، رئيسُ هيئةِ الأركان العامة.
وأشار زيلينسكي إلى إحراز تقدُّم في مراجعة خطة السلام الأمريكية الأصلية المكوّنة من 28 نقطة، والتي تضمنت "مشاركةً روسيةً كبيرة"، وكانت الخطة تتضمن بنودًا وصفها زيلينسكي بأنها "معادية لأوكرانيا"، قبل أن تُخفَّض إلى 20 نقطة أكثر ملاءمةً للجانب الأوكراني.
التصعيد الروسي
في الأشهر الأخيرة، صعّدت القواتُ الروسية هجماتها الصاروخية والطائراتِ المسيرةَ على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، محققةً مكاسبَ ثابتةً في الجنوب الشرقي.
وفي منطقة دونيتسك، التي تضغط روسيا والولايات المتحدة على أوكرانيا للتنازل عنها ضمن اتفاقِ السلام، سيطرت القوات الروسية على جزءٍ كبير من معقل بوكروفسك الاستراتيجي، وتهدد مدينةَ ميرنوهراد بالتطويق.
ورأى مسؤولون أوكرانيون، وفق ما نقلته الصحيفة، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ادعى زورًا السيطرةَ الكاملة على المدينتين لإقناع ترامب باستحالة وقف الجيش الروسي.