تستعد أوكرانيا إلى تقديم خطة سلام جديدة لواشنطن، وفي وقت يرى فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أن كييف "لا تملك الحق" في التنازل عن أراضٍ لموسكو، على الرغم من تزايد ضغوط الرئيس ترامب لقبول مطالب روسيا، بحسب صحيفة "التايمز" البريطانية.
وفي حديثه عقب محادثات عُقدت على عجل مع حلفاء أوكرانيا الأوروبيين في لندن، قال زيلينسكي إن الخطة الجديدة ستُرسل إلى الولايات المتحدة في وقت لاحق من اليوم الثلاثاء، مشيرًا إلى أنه من المرجح ألا يكون هناك تقدم يُذكر، إن وُجد، لإنهاء الحرب الدائرة منذ ما يقرب من 4 سنوات في المستقبل القريب.
وأضاف زيلينسكي: "روسيا تُصرّ على أن نتنازل عن أراضٍ، لكننا لا نريد التنازل عن أي شيء، ليس لدينا الحق القانوني في ذلك، بموجب القانون الأوكراني ودستورنا والقانون الدولي، وليس لدينا أي حق أخلاقي أيضًا".
كما صرّح الكرملين، الذي تسيطر قواته على نحو خُمس أراضي أوكرانيا، بأنه لا يمكن تحقيق السلام ما لم تتخلّ كييف عن أراضٍ تدّعي روسيا ملكيتها.
الخطة الأمريكية
واقترحت الولايات المتحدة خطة سلام من 28 بندًا، سُرّبت الشهر الماضي، بعد محادثات بين مسؤولين أمريكيين وروس، تسليم منطقتي دونيتسك ولوهانسك بالكامل في شرق أوكرانيا إلى موسكو، بما في ذلك بلدات شديدة التحصين لم تتمكن قوات الرئيس بوتين من السيطرة عليها.
وفي مقابلة مع بوليتيكو، قال ترامب: "روسيا لها اليد العليا، ولطالما كانت كذلك، إنها أكبر بكثير، وأقوى بكثير بهذا المعنى، سيتعين على زيلينسكي أن يتحلى بالشجاعة ويبدأ في تقبّل الوضع".
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه حلفاء كييف الأوروبيون، "إن انسحاب أوكرانيا من المناطق، المعروفة مجتمعةً باسم إقليم دونباس، سيكافئ موسكو على غزوها"، ويشجع بوتين، ويضعف أوكرانيا بشدة حال وقوع هجوم روسي جديد.
مواقف أوروبية ودولية
وبعد لقائه زيلينسكي، اليوم الثلاثاء، دعا البابا إلى "سلام عادل ودائم"، إضافة إلى عودة أسرى الحرب وآلاف الأطفال الأوكرانيين، الذين اختطفتهم موسكو، مشيرًا إلى أن زيلينسكي العائق الوحيد أمام السلام.
وقال إن المفاوضين الأوكرانيين "أُعجبوا" بالخطة التي تدعمها الولايات المتحدة.
لكن زيلينسكي أشار أيضًا إلى أن كييف لم تتلقَّ بعد ضمانات أمنية حازمة لردع أي غزو روسي جديد محتمل، وصرّح الرئيس الفرنسي ماكرون، أمس الاثنين، بأن أوروبا وأوكرانيا تسعيان إلى "التقارب" مع الولايات المتحدة بشأن هذه القضية.
وأضاف زيلينسكي: "المفتاح معرفة ما سيكون شركاؤنا على استعداد للقيام به حال وقوع عدوان جديد من جانب روسيا. حتى الآن، لم نتلقَّ أي إجابة على هذا السؤال".
كما تدّعي موسكو أن منطقتي خيرسون وزابوريجيا الأوكرانيتين تابعة لها، وتريد من حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأوكرانيا تقديم ضمانات ملزمة قانونًا بأن كييف لن تُدعى أبدًا للانضمام إلى التحالف العسكري الغربي، إضافة إلى وضع قيود على حجم قواتها المسلحة.
تحولات إستراتيجية
وأفادت تقارير إعلامية بأن ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب، وجاريد كوشنر، صهره، بذلا جهودًا جديدة لإقناع زيلينسكي بالتنازل عن مساحات شاسعة من الأراضي الأوكرانية في مكالمة هاتفية، السبت الماضي.
وصرّح مسؤول أوكراني لموقع أكسيوس: "شعرنا وكأن الولايات المتحدة تحاول إقناعنا بطرق مختلفة برغبة روسيا في السيطرة على دونباس بأكملها، وأن الأمريكيين يريدون من زيلينسكي قبول ذلك كله في المكالمة الهاتفية".
جاءت المكالمة مع زيلينسكي بعد وقت قصير من إصدار الولايات المتحدة إستراتيجية محدثة للأمن القومي، حذفت إشارة سابقة إلى روسيا كتهديد مباشر لواشنطن، وشملت دعمًا للأحزاب السياسية اليمينية المتشددة في أوروبا، ورحب الكرملين بهذه الخطوة، واصفًا الإستراتيجية الأمريكية الجديدة بأنها "متوافقة إلى حد كبير مع رؤيتنا".
وعلى الرغم من أن إدارة ترامب لا تمول جيش كييف، إلا أن البيت الأبيض ألمح الشهر الماضي، إلى أنه قد يتوقف عن بيع الأسلحة إلى دول أخرى في حلف شمال الأطلسي "الناتو" لاستخدامها في أوكرانيا، ما لم ترضخ أوكرانيا لمطالب بوتين الإقليمية.