وسط خطوات دبلوماسية متواصلة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، برز اسم لم يكن في الحسبان داخل أروقة السياسة الدولية، "دان دريسكول"، الرجل الذي عرفته واشنطن بوصفه "رجل الطائرات بدون طيار"، أصبح فجأة جزءًا من المشهد الدبلوماسي المعقّد بين روسيا وأوكرانيا، بعد تسريب خطة سلام فتحت الباب أمام تحرّكات أمريكية غير تقليدية، وأعادت ترتيب أدوار اللاعبين في الملف الأوكراني.
خلفية صاعدة
وشهدت المحادثات الهادفة إلى إنهاء الحرب الأوكرانية منعطفًا مفاجئًا بعد ظهور مسودة خطة سلام منسوبة إلى الولايات المتحدة، وأوفدت إدارة ترامب شخصية لافتة لحضور اجتماعات خارج البلاد، وهو "دان دريسكول"، أصغر مَن تولّى منصب وزير الجيش عن عمر 39 عامًا، والملقّب بـ"رجل الطائرات المسيّرة" بسبب دعمه تقنيات القتال الحديثة.
وبرغم موقعه الحالي، لم يُعرف عن "دريسكول" امتلاكه خبرة في العلاقات مع روسيا أو أوكرانيا، ولا في الدبلوماسية الدولية، ولم يشغل أي منصب منتخب من قبل. وحسب "بي بي سي" البريطانية، فإن صعوده داخل الإدارة يُعزى إلى علاقته القوية بنائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس.
دور مفاجئ
تعود صداقة "دريسكول" بـ"فانس" إلى أيام دراسة القانون في جامعة ييل، حيث جمعتهما خلفية الخدمة العسكرية، إذ أصبح دريسكول ضابطًا عام 2007 وقاد فصيلة سلاح فرسان في العراق عام 2009، وكان في عطلة مع عائلته في سويسرا في صيف 2024 عندما اتصل به فانس ليخبره بانضمامه إلى حملة ترامب.
عاد "دريسكول" إلى الولايات المتحدة فورًا، وحصل على بدلة جديدة من مركز تجاري، وتوجّه إلى المؤتمر الوطني الجمهوري. وبعد عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تمت الموافقة عليه بسرعة كوزير للجيش، واتّسع نفوذه مع انخراطه في نشر الحرس الوطني، ثم تسلّمه لاحقًا منصب القائم بأعمال مدير مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية والمتفجّرات.
تحرك نحو أوكرانيا
وبحسب "بي بي سي"، تحدث دريسكول مرارًا عن الحرب في أوكرانيا، مشيدًا بالطائرات المسيرة المحلية باعتبارها سلاحًا منخفض التكلفة وفعّالًا، ورغم أن ترامب اعتمد في ملف أوكرانيا على مبعوثه ستيف ويتكوف، فقد تغيّر المشهد بعد تسريب تفاصيل خطة من 28 نقطة صاغتها واشنطن وموسكو. وأبدت أوكرانيا مخاوفها منها، وتبعها الأوروبيون.
عقب ذلك، قام "دريسكول" بزيارة غير معلنة إلى كييف برفقة مسؤولين كبار من البنتاجون، وهي أعلى زيارة عسكرية منذ تولي ترامب منصبه، وقد التقى بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قبل أن يحضر حفل استقبال في مقر إقامة السفير الأمريكي.
محادثات متعددة
وحسب "بي بي سي"، فقد شارك "دريسكول" بعد ذلك في اجتماعات مع مسؤولين أوكرانيين في جنيف، إلى جانب وزير الخارجية ماركو روبيو، وويتكوف، وصهر ترامب جاريد كوشنر، حيث ساهم في وضع “إطار سلام محدث ومحسّن”، كما أجرى محادثات مع مسؤولين روس في أبو ظبي، وفقًا لما نقلته شبكة سي بي إس نيوز.
وترى "بي بي سي" أن دريسكول أصبح محورًا لأسئلة عديدة في واشنطن بشأن مستقبله داخل الإدارة، ففي رسالة ترشيحه لوزارة الجيش، وصفه ترامب بأنه يمتلك “مزيجًا قويًا من الصفات القادرة على إحداث التغيير”.
وتشير تكهنات إلى إمكانية أن يخلف وزير الدفاع بيت هيجسيث إذا غادر منصبه، أو أن يتولى رسميًا مهمة التفاوض في الملف الأوكراني بعد مغادرة المبعوث كيث كيلوج لمنصبه في يناير.
وإلى جانب عمله الحكومي، سبق لدريسكول أن شغل وظيفة متدرّب في لجنة شؤون المحاربين القدامى بمجلس الشيوخ، وخاض انتخابات مجلس النواب عام 2020 دون نجاح. ويذكر أحد أساتذته أنه كان يسعى منذ البداية إلى مزج الخدمة العسكرية والتعليم القانوني والدور السياسي.
وفي حديث لبودكاستThe Conversation، تحدث دريسكول عن مستقبل يعتمد فيه كل جندي على طائرة مسيرة، ويتولى الذكاء الاصطناعي جزءًا من العمل، لأن "وتيرة القتال تفوق قدرة البشر على المتابعة"، وفي خطاب آخر قال: "فرصتنا للتغيير هي الآن، سننتصر بالتكنولوجيا والبرمجيات، لا بدماء الجنود وأجسادهم".