شهدت فعاليات النسخة 46 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مساء اليوم الأحد، ندوة بعنوان "سينما المراهقين: قوة السرد وعلاقته بالصحة النفسية"، قدّم خلالها المخرج المصري عمرو سلامة رؤية شاملة حول أهمية توفير الرعاية النفسية للأطفال المشاركين في الأعمال الفنية، مؤكدًا أن الدعم النفسي لم يعد ترفًا، بل عنصر جوهري في العملية الإنتاجية، إذ يتعين على المخرجين وشركات الإنتاج اعتباره جزءًا أصيلًا من مسؤولياتهم.
مسؤولية المخرج
وشدّد عمرو سلامة خلال الندوة على أن واجبه كمخرج لا يقف عند حد حماية الأطفال من الضغوط، بل يتجاوز ذلك إلى التعامل معهم بوصفهم ممثلين كاملي الأهلية، مع احترام قدرتهم الذهنية والإدراكية، وقال: "أتعامل مع الطفل كممثل يتحمل إدراكه، على أساس مهني بحت".
كما لفت إلى أن وجود أولياء الأمور بصورة مستمرة في مواقع التصوير قد يخلق حالة من التوتر والارتباك بالنسبة للطفل، وهو ما يتطلب إدارة حساسة لطبيعة المناخ المحيط بهم، مستشهدًا بتجربته مع الطفلة ريم عبد القادر، التي شاركته بطولة مسلسل "ما وراء الطبيعة"، مشيرًا إلى نضجها العقلي وقدرتها اللافتة على التعامل مع متطلبات التصوير بصورة احترافية.
وعرض "سلامة" فلسفته في إدارة مشاهد الأطفال، مؤكدًا ضرورة احترام ذكاء الطفل وفهم حدوده العمرية، مع توفير مشرف متخصص يتولى متابعة احتياجاته النفسية والإنسانية أثناء العمل.
وأشار إلى وجود فجوة واضحة بين صنّاع الأفلام والجمهور الشباب نظرًا لفارق السن وتباين الاهتمامات، موضحًا أن أعماله، مثل فيلم "لا مؤاخذة"، لا تصنف كأفلام للأطفال، بل تقدم من منطلق وعي باختلاف دوافع الأطفال والمراهقين عن الكبار.
مبادرة "لام شمسية"
وأشاد "سلامة" بمبادرة "لام شمسية" وما تقدمه من دعم نفسي للأطفال خلف الكواليس، واصفًا إياها بأنها خطوة ملهمة دفعته لتبني النهج ذاته في مشاريعه الفنية.
كما أثنى على جهود المخرج كريم الشناوي، الذي حرص في أعماله على توفير بيئة نفسية آمنة للأطفال المشاركين، مؤكدًا أن هذا النوع من الدعم ينبغي أن يتحول إلى عرف ثابت داخل الصناعة، بغض النظر عن حجم الميزانية أو ظروف الإنتاج.
تأثير الانتقادات على الفنان
وتطرق "سلامة" إلى الجانب النفسي المتعلق بالفنان نفسه، لافتًا إلى أن التعامل مع الانتقادات يظل تحديًا صعبًا، مهما بلغ الفنان من الخبرة، وقال: "ما زلت أتأثر أحيانًا بالانتقادات، لكن يجب أن تتعلم التعامل مع المديح والذم على حد سواء، فهناك من وصل بهم الأمر إلى الانتحار جرّاء ضغوط النقد".
واختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة تعميم ثقافة الدعم النفسي في مواقع التصوير، لا لحماية الأطفال فقط، بل لحماية كل العاملين في الصناعة، ولضمان بيئة إبداعية صحية تنتج أعمالًا فنية أكثر نضجًا وإنسانية.