الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

خالد النبوي يستعيد ذكرياته بمهرجان القاهرة: مسيرة استثنائية امتدت عقودا

  • مشاركة :
post-title
خالد النبوي خلال ندوة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ46

القاهرة الإخبارية - ولاء عبد الناصر

** خالفت رغبة والدي وأخذت بنصيحة نور الشريف

فتح الفنان المصري خالد النبوي صندوق ذكريات ودفء حكاياته الإنسانية، في ندوة تكريمه بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في نسخته الـ46، إذ استعاد أمام الحضور ملامح مسيرة فنية استثنائية امتدت لعقود. 

امتلأت القاعة بأجواء احتفالية مفعمة بالفن والاعتزاز، بحضور شخصيات بارزة من عالم الثقافة والإعلام، أبرزهم الإعلامي محمود سعد، والكاتب مدحت العدل، والمنتج محمد العدل، الذين أضفوا على الفعالية طابعًا خاصًا يعكس التقدير الكبير لمسيرة النجم المصري.

النشأة والدعم الأسري

استهل النبوي حديثه بالعودة إلى بداياته الأولى، مستعرضًا تأثير والدَيه في صياغة شخصيته الفنية، موضحًا أن والده كان يتمنى له مسارًا مختلفًا في الحياة، إذ كان يرغب في أن يصبح طبيبًا، وشعر بالانزعاج عندما التحق بالمعهد العالي للتعاون الزراعي، وازداد قلقه حين اختار دراسة التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية.

ومع ذلك، تغيّر موقف الأب لاحقًا حين شاهد ابنه يؤدي أحد أدواره على خشبة المسرح، فامتلأ بفخر ورضا، أما والدته، فقد كانت داعمته الأولى وصوته الداخلي الذي يدفعه للاستمرار، إذ ظلّت تقدم له التشجيع والقوة منذ خطواته الأولى في عالم الفن.

محطات فارقة

توقف "النبوي" عند مجموعة من المحطات التي شكّلت وعيه الفني، مؤكدًا الدور الكبير للفنان حسين فهمي في تعليمه أسرار الكواليس وأسس الاحتراف الحقيقي داخل موقع التصوير، كما استعاد نصيحة الفنان الراحل نور الشريف الذي قال له: "اشتغل حتى وإن لم يكن المشروع عظيمًا"، وهي النصيحة التي شكّلت لديه قناعة راسخة بأهمية الإصرار وعدم التوقف في المهنة.

أكد خالد النبوي أنه في الوقت نفسه يختار أعماله ويرفض التي لا يجدها مناسبة لمسيرته الفنية، مشددًا على أن كل دور يقدمه يجب أن يضيف إلى الصورة التي يبنيها على مدار السنوات، وقال: "لا زلت أشعر أنني لم أقدم بعد القدر الكافي من الأعمال التي ترضيني في هذا المجال".

وأشار "النبوي" إلى حرصه الشديد على اختيار مشروعاته بعناية فائقة، بحيث تترك كل منها بصمة مميزة في مسيرته الفنية، وتليق بالجمهور الذي يتوقع منه دائمًا الأفضل، مؤكدًا أن الجودة والالتزام هما المعياران الأساسيان في اختياراته الفنية.

وأشار إلى أن المخرج محمد عبد العزيز زرع داخله قيمة الانضباط والالتزام، بينما علّمه المخرج الكبير صلاح أبو سيف أن "الفيلم الثاني أهم من الأول"، لأنه يثبت للأوساط الفنية أن فرصة البدايات لم تكن مصادفة.

كواليس أعماله

تناول "النبوي" واحدة من أهم محطاته السينمائية في فيلم "المهاجر"، كاشفًا عن تفاصيل مشهد صعب تطلّب مجهودًا جسديًا ونفسيًا كبيرًا، إذ كان مربوطًا بحبل موصول بسيارة، وتوجب عليه إبلاغ الأطفال بوجود الماء، ما جعله مضطرًا للحفاظ على توازن شديد الحساسية وسط حركة السيارة وتأثير السرعة على سلامته وسلامة الفريق.

وأكد امتنانه للمخرجة إيناس الدغيدي التي دعمته قبل دخوله عالم يوسف شاهين، كاشفًا نصيحتها:" قالت لي أذهب ليوسف شاهين، فهو أهم مني".

وتحدث "النبوي" عن تجربته مع المخرج الراحل يوسف شاهين قائلًا: "شاهين عبقري في خلق المناخ المناسب لكل لحظة، وهو يعرف كيف يتعامل مع الوحدة المفردة كعين الممثل، مانحًا الفنان المساحة ليبرز أفضل ما فيه".

كما تطرق إلى التعاون مع المنتج مدحت العدل في فيلم "الديلر"، موضحًا أنه اجتهد في تعلم اللغة الروسية خصيصًا لأحد المشاهد المهمة، وأشاد بالعلاقة المهنية بين الممثل والسيناريست، معتبرًا أن شخصية "علي الحلواني" في الفيلم تحمل أبعادًا إنسانية خاصة جعلته حريصًا على تقديمها بدقة.

ولم يغفل الإشارة إلى تعاونه مع الفنان الراحل صلاح السعدني، مشيرًا إلى أنه كان المرشح الأول لشخصية "أوزير" قبل أن يتم استبداله لاحقًا بالفنان سيد عبد الكريم لأسباب خاصة، مؤكدًا أن أداء السعدني كان مميزًا ويستحق الإشادة.

فلسفة التمثيل

أكد "النبوي" خلال الندوة أن التمثيل يتطلب شجاعة حقيقية وقدرة كاملة على التحكم بالنفس، مشددًا على أن الممثل الناجح هو من يستطيع الانتقال بسلاسة بين شخصيته الخاصة وشخصية الدور، دون افتعال أو مبالغة.

وأوضح أن أدوات الممثل الأساسية تبدأ من آلة نطق قوية ومشاعر صادقة وتمر عبر التزام تام بالتعاون مع فريق العمل، وصولًا إلى القدرة على خلق حياة كاملة للشخصية التي يؤديها.

وأشار إلى أنه لا يكره أي شخصية يجسدها، بل يدخل في تفاصيلها ليعرف دوافعها ويبحث عن نقاط إنسانيتها، مستشهدًا بتجربته مع المخرجة كاملة أبو ذكري في مسلسل "واحة الغروب"، واصفًا أسلوبها بأنه قائم على الاستماع للقلب وبناء المشاهد بروح من المشاركة العميقة.

تقدير لعمّال السينما

توجّه خالد النبوي بتحية تقدير كبيرة لعمّال السينما الذين وصفهم بـ"العصب الحقيقي" لصناعة الفن، وأشاد بجهود الذين عملوا مع المخرج يوسف شاهين، وخاصة الفريق الذي شاركه تجربة "المهاجر"، مؤكدًا أنه دائم الحرص على ألا يشعر أي فرد منهم بالخذلان، تقديرًا لمهنيتهم وتفانيهم في إنجاح العمل.

نور النبوي وكاملة أبو ذكري
شهادات على الرحلة

وثّق عدد من الحضور شهادتهم ومداخلاتهم في الندوة التي حضرها عدد كبير من الفنانين والجمهور، حيث أشاد الفنان الشاب نور النبوي، بالتأثير العميق الذي تركه والده النجم خالد النبوي في حياته، موضحًا أن ما تعلمه منه لم يقتصر على التمثيل أو الأمور اليومية فحسب، بل امتد إلى فهم فن العيش والتعامل مع الأفكار الكبيرة والطموحات الرفيعة.

وقال نور النبوى: "لم أتعلم منه التمثيل أو كيف آكل أو أشرب، بل تعلمت منه كيف أعيش. والدي أيقونة كبيرة، وكان يحمل أحلامًا وطموحات أكبر من أي عمل قدمه، ورغم أن الناس في البداية لم يتقبلوا هذا لأنه كان لا يزال في بداياته، إلا أنه استطاع تطوير نفسه ليصبح الأيقونة خالد النبوي".

وأضاف أن أجمل ما يميز والده هو حديثه الدائم عن الحب والعمل والجمال، مؤكدًا أن هذه القيم كانت دائمًا مصدر إلهام له.

كاملة أبو ذكري: تعلمت من العمل معه

تحدثت المخرجة كاملة أبو ذكري عن تجربتها الاستثنائية في العمل مع الفنان الكبير خالد النبوي، مؤكدة أنه من أبرز الممثلين الذين يحرصون على أدق التفاصيل في العمل الفني.

وأوضحت أن "النبوي " لا يكتفي بأداء دوره فحسب، بل يعيش الشخصية بكل أبعادها، مانحًا إياها عمقًا خاصًا، مشيرة إلى أن ملاحظاته الدقيقة تثري المشهد وتعزز جودة الأداء. واصفة تجربتها معه بالقول: "أستاذ كبير.. وأنا تعلمت منه، وكنت سعيدة بالعمل معه، واختياري له كان في مكانه الصحيح".

كما تحدثت "أبو ذكري" عن تجربتها في مسلسل "واحة الغروب" الذي قام ببطولته خالد النبوي، مؤكدة أنه يستحق أكثر مما حصل عليه، وعبّرت عن سعادتها الكبيرة حينما قرأت الرواية وقررت التعاون معه، مضيفة: "كان حلمًا كبيرًا أن يوافق خالد، لأن الشخصية تحتاج إلى فنان موهوب مثله، ولم أجد إنسانًا مثل خالد في هذا المجال".