في عام 2022، نجح متجر أسلحة متواضع في أحد مراكز التسوق في جنوب ولاية أريزونا الأمريكية في الحصول على صفقة غير متوقعة، وهي تأمين ذخيرة بقيمة مليار دولار لأوكرانيا، لكنه أضاع تلك الفرصة لأسباب غريبة، ووصل الأمر إلى ساحات المحاكم.
جاء العقد السري من وكالة أسلحة أوكرانية، وكان يشمل ترسانة من الصواريخ والقذائف كانت ضخمة لدرجة أن قيمتها على الورق كانت أكبر من ميزانية الدفاع السنوية لإستونيا في ذلك الوقت.
شركة OTL للأسلحة النارية، ومقرها مبنى مُغبّر من طابق واحد على أطراف توسون، لم تكن تمتلك سجلًا تصديريًا، ولا مرافق تخزين كبيرة، ولا خبرة كافية لتلقي طلبات على مستوى كهذا.
ورغم أن أوكرانيا حوّلت 17 مليون يورو مقدمًا، لكنها لم تستلم قط طلقة أو قطعة ذخيرة واحدة من مالك الشركة، الذي كان آنذاك في الثلاثين من عمره.
تُجسّد تفاصيل هذه القضية فوضى المشتريات العسكرية في زمن الحرب، حيث سارعت أوكرانيا إلى الحصول على ذخيرة لمواجهة التقدم العسكري للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أي جهة قد تُساعدها.
وكان هذا المبلغ جزءًا من مئات الملايين من الدولارات المهدرة من أموال المشتريات العسكرية، التي كشفت عنها صحيفة "فاينانشال تايمز".
صفقة غريبة
يُقدم تقرير الصحيفة البريطانية حول إحدى أغرب عمليات شراء الأسلحة في حرب أوكرانيا لمحة نادرة عن عالم لوجستيات ساحة المعركة الروسية الأوكرانية المضطرب، حيث يلتقي الطلب المُلِحّ بالعرض غير المؤكد.
تأسست شركة OTL في يوليو 2020 على يد تانر كوك، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 28 عامًا، وفقًا لسجلات ولاية أريزونا. وبعد أقل من عامين، في مايو 2022، تُظهر وثائق التحكيم أن كوك وشركته تواصلا مع وشركة Progress، وهي شركة أوكرانية لتجارة الأسلحة مملوكة للدولة بعرض لتوريد ذخيرة من صربيا. وفي ذلك الوقت، كانت أوكرانيا في أمسّ الحاجة إلى الأسلحة بينما كان جيشها يقاتل لصد التوغل الروسي.
في الوقت الذي كانت فيه الشركة تقوم بترتيب عقد لمخزون الأسلحة على مستوى دولة، كان مكتبها يحمل لافتة "مؤقتة"، وعدد قليل من المراجعات عبر الإنترنت من عملاء محليين، الذين أشادوا بأسعارها "المعقولة للغاية".
مع هذا، وُقِّعت الصفقة، المعروفة باسم "العقد Pr-05" بعد شهر واحد فقط من تعارف الطرفين بقيمة مليار دولار. وبحلول نوفمبر، كانت الشركة الأوكرانية قد حوّلت 17 مليون يورو إلى حساب شركة OTL المصرفي في أريزونا.
وحسب العقد المبرم في يونيو 2022، كان على شركة OTL للأسلحة النارية تسليم كمية هائلة من الذخيرة إلى زبونها في كييف، التي شملت 10 ملايين طلقة من قذائف مضادة للطائرات عيار 23 ملم، و56 ألف صاروخ "جراد"، و24 ألف قنبلة هاون، ومخزون ضخم من الذخائر الأخرى ذات المعايير السوفييتية.
دعوى قضائية
بحلول ديسمبر 2022، كتبت الشركة الأمريكية اعتذارًا لزبائنها الأوكرانيين عن عدم شحن أي ذخيرة، مُلقيةً باللوم على تأخر أوكرانيا في الدفع.
أيضًا، حسب التقرير، أشارت شركة OTL إلى صعوبات في الحصول على تراخيص التصدير. وفي إحدى الرسائل، ذكرت أن التأخير يعود إلى "مشكلات تتعلق بتراخيص التصدير في بلد منشأ منتجاتنا". ثم زعمت لاحقًا أن السلطات الصربية منعت الشحنات "لأسباب سياسية"، لأن بلجراد وهي إحدى عاصمتين أوروبيتين فقط لم تفرضا عقوبات على روسيا، رفضت تسليح أوكرانيا بشكل مباشر.
ولهذا التضارب، قضت محكمة فيينا بأن شركة OTL كانت تفتقر إلى تراخيص التصدير الأمريكية المطلوبة عند توقيعها الصفقة.
وفي أوائل عام 2024، حكم المحكمون لصالح شركة Progress الأوكرانية، وأمروا الأمريكيين بإعادة مبلغ الـ 17 مليون يورو، إضافة إلى الغرامات.
وعندما رفضت OTL، أجبرت أوكرانيا على اللجوء إلى محكمة أمريكية لتنفيذ الحكم. وأيدت قاضية فيدرالية في ولاية أريزونا قرار التحكيم الشهر الماضي، وخلصت إلى أن شركة OTL "فشلت في تسليم البضائع بموجب العقد" و"فشلت في تقديم دفاع".