بدأت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يوم الجمعة، تنفيذ موجة تسريحات واسعة للموظفين الفيدراليين بالتزامن مع إغلاق الحكومة، في خطوة أثارت جدلًا قانونيًا وسياسيًا واسعًا، إذ أعلن راسل فوت، مدير مكتب الميزانية في البيت الأبيض، عبر منصة "إكس": "بدأت عمليات خفض القوى العاملة"، مؤكدًا لصحيفة "واشنطن بوست" أن التسريحات ستكون "كبيرة" دون الكشف عن أعداد محددة.
نطاق التسريحات
شملت عمليات التسريح وزارات حيوية منها التجارة، والخزانة، والصحة والخدمات الإنسانية، والتعليم، والأمن الداخلي، وفق ما أفادت مصادر حكومية رفيعة المستوى وموظفون حكوميون تحدثوا للصحيفة الأمريكية شريطة عدم الكشف عن هوياتهم.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن عدد المسرَّحين المتوقع يقل عن 16 ألف موظف، مع منح المستهدفين مهلة تتراوح بين 30 و60 يومًا قبل تنفيذ القرار فعليًا.
واستهدفت التسريحات بشكل أساسي مكاتب تعمل في مجالات لا تتوافق مع أولويات إدارة ترامب، وفقًا لستة موظفين فيدراليين، إذ طالت القرارات وحدة السياسات الأسرية والمجتمعية بوزارة الصحة، ومكتب الإسكان العادل والمتساوي في وزارة الإسكان والتنمية الحضرية، إضافة إلى قسم بوزارة التعليم مختص بتحسين التحصيل الأكاديمي لطلاب المرحلة الابتدائية والثانوية.
وبرر أندرو نيكسون، المتحدث باسم وزارة الصحة، القرار بأن "جميع الموظفين المستهدفين صُنِّفوا كغير أساسيين من قبل أقسامهم"، مضيفًا أن الوزارة تواصل "إغلاق الكيانات المهدرة والمكررة التي تتعارض مع أجندة إدارة ترامب".
خلافات قانونية وتحذيرات
تأتي هذه التسريحات رغم تحذيرات داخلية من كبار المسؤولين الحكوميين، أشارت إلى أن هذه الخطوة "مشكوك في قانونيتها"، إذ نصح مسؤولون بارزون الوكالات، خلال الأيام الأولى للإغلاق، بتجنّب إجراء تخفيضات في القوى العاملة أثناء انقطاع التمويل لأنها "قد تنتهك القانون"، حسبما أوردت "واشنطن بوست".
وأوضح المسؤولون أن قانون مكافحة العجز يمنع الحكومة من صرف أي أموال لم يوافق عليها الكونجرس، وبالتالي لا يمكنها تحمّل أي مصروفات جديدة خلال فترة الإغلاق، خاصة مكافآت نهاية الخدمة التي يتطلبها قانون التسريح.
ووصف كيفن أوين، الشريك في شركة محاماة تمثل العاملين الفيدراليين، محاولات التسريح بأنها "غير قانونية تقريبًا بشكل مؤكد"، موضحًا أن اللوائح الفيدرالية تسمح بتسريح الموظفين لأسباب محددة، منها نقص العمل أو إعادة التنظيم أو نقص الأموال، لكن "انقطاع التمويل المؤقت الناجم عن الإغلاق لا يُعدّ نقصًا في الأموال".
معارضة قضائية ونقابية
واجهت إدارة ترامب تحديًا قانونيًا من عدة نقابات فيدرالية رفعت دعوى قضائية في 30 سبتمبر ضد مكتب الإدارة والميزانية ومكتب إدارة شؤون الموظفين.
وأكدت الدعوى أن "لا شيء في قانون مكافحة العجز أو أي قانون آخر يسمح بتسريح موظفين يعملون في وكالات أو برامج تعاني من انقطاع التمويل"، ووصفت تجاهل القانون الفيدرالي الملزم بأنه "تعسفي ومتقلّب".
اتهمت السيناتور باتي موراي من ولاية واشنطن، وهي الديمقراطية الأبرز في لجنة الاعتمادات، ترامب بـ"اختيار إلحاق المزيد من الألم بالشعب الأمريكي"، قائلة: "لا أحد يجبر ترامب وفوت على إيذاء العمال الأمريكيين، لكنهم يريدون ذلك فقط... هذا ليس جديدًا، ولا يجب أن يخاف أحد من هؤلاء المحتالين".
وعبّر موظف في وكالة حماية البيئة، تحدّث دون ذكر اسمه خوفًا من الانتقام، عن إحباطه قائلًا: "في عام مليء بالهجمات القاسية والمتواصلة على القوى العاملة الفيدرالية، هذا مثال آخر على معاملة هذه الإدارة لنا كدمى واستمرارها في تجريدنا من إنسانيتنا وصدمتنا".