الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

الزراعة الحديثة تهدد مستقبل التربة وإمدادات الغذاء العالمية

  • مشاركة :
post-title
الزراعات الحديثة تهدد خصوبة التربة

القاهرة الإخبارية - مصطفى لبيب

على الرغم من أن الأساليب الزراعية الحديثة ساهمت في تحقيق منتجات زراعية ذات جودة أعلى باستمرار من نفس التربة، من خلال الأسمدة وطرق الري الدقيقة، إلا أنها في الوقت نفسه قد تكون سببًا في استنزاف وإضعاف الأرض وفقدان التربة قدرتها على الصمود في كل موسم.

هذا ما حذرت منه دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلةSustainable Agriculture، قادها الباحثون في مركز روثامستيد الإنجليزي للأبحاث، الذي يُعد أحد أقدم مؤسسات البحث الزراعي في العالم، والتي من خلالها عمل الباحثون على تتبع كل أنواع الزراعة الحديثة وتأثيراتها على التربة.

تربة متدهورة

تدعم التربة حوالي 95% من إنتاج الغذاء العالمي، كما تخزّن بداخلها ما يقرب من 1700 جيجا طن من الكربون في أعلى ثلاثة أقدام من سطح الأرض، وهو مخزون يفوق إجمالي كمية الكربون التي تخزّنها النباتات الحية مجتمعة، ولكن نحو ثلث تلك التربة متدهور بفعل التعرية واختلال التوازن الغذائي والتلوث.

الإجراءات اليومية التي يقوم بها المزارعون تعمل على إضعاف المخازن الطبيعية التي تحافظ على استقرار التربة

ودرس العلماء ما يُعرف باسم مرونة التربة — التي يحتاج تكوين بوصة واحدة منها إلى نحو ألف عام — وهي مدى قدرتها على امتصاص تلك الضغوط والعودة إلى حالتها الطبيعية مرة أخرى، ما يحافظ على نمو المحاصيل في ظل الحر والجفاف والفيضانات، وهي العملية التي تتكرر كل عام تقريبًا من قِبَل المزارعين.

أكثر صعوبة

وتبيَّن أن الإجراءات اليومية التي يقوم بها المزارعون، مثل الحرث والري والتسميد والرش، تساهم بالفعل في بناء إنتاجية سليمة ومتطورة، إلا أنها في الوقت ذاته تعمل على إضعاف المخازن الطبيعية التي تحافظ على استقرار التربة بمرور الوقت، وهو ما يجعلها تفقد قدرتها على الصمود، ويصبح التعافي أكثر صعوبة في كل موسم.

وفيما يخص عملية ري المحاصيل في فترات الجفاف، أشارت الدراسة إلى أن الاستخدام المتكرر للمياه الغنية بالمعادن يترك وراءه أملاحًا تؤثر سلبًا على مرونة التربة. ووفقًا لتقييم منظمة الأغذية والزراعة العالمية، هناك نحو 10% من الأراضي الزراعية المروية متأثرة بالأملاح، وهي نسبة قابلة للزيادة مع ارتفاع درجات الحرارة ونقص المياه.

الاستخدام المتكرر للمياه الغنية بالمعادن يترك وراءه أملاحًا تؤثر بالسلب على مرونة التربة
حياة التربة

وحذّر العلماء من أن الرشَّ المستمرَّ للتربة، الذي يهدف إلى القضاء على الأعشاب الضارة والحشرات والأمراض على المدى القصير، يتسبّب الإفراطُ في استخدامه أو سوء توقيت استعماله في قيام بقايا المبيدات بالتأثير على حياة التربة نفسها، وإحداث ضررٍ كبيرٍ بها، ما يجعل الآفات قادرةً مع الوقت على مقاومة المبيدات.

كما يستخدم المزارعون نشارة البلاستيك بهدف تدفئة التربة وتسريع النمو المبكر للمحاصيل، ولكن عندما تبقى شظايا النشارة في التربة، يمكن أن تتراكم المواد البلاستيكية الدقيقة وتغيّر البنية الأساسية لها، وتمنع — مع مرور الوقت — تدفّق المياه إلى داخل التربة، مما يؤثر بدوره على كفاءة الإنتاج ويتسبب في تدميرها.

أساليب جديدة

كما توجد العديد من الممارسات الأخرى التي تتسبب في فقدان التربة من خلال التآكل المستمر، ومنها الزراعة غير المناسبة، وإزالة الغابات وحرقها، والرعي الجائر للمراعي، معتبرين أن تلك الممارسات تُعدّ تهديداتٍ عالميةً للتربة، بعيدًا عن الأساليب الزراعية الحديثة.

ووفقًا للدراسة، فإن كلَّ العوامل السابقة للزراعة الحديثة ستتسبب — مع مرور الوقت — في تدمير التربة وتهديد إمدادات الغذاء العالمية. وطالب الباحثون المزارعين حول العالم بضرورة استخدام أساليب الزراعة المحافظة، التي يتم من خلالها تقليل الحرث ومبيدات مكافحة الآفات، وهي أمور تساهم في إبطاء الضرر الواقع على التربة.