مع تصاعد التوغلات الروسية في المجال الجوي لدول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، عادت الدعوات لإغلاق الأجواء الأوكرانية مرة أخرى إلى الساحة، خاصة مع الجدل المثار حول قدرة الحلف على مواجهة الطائرات الروسية المسيّرة، وكيفية الرد على ما وصفوه بـ"الاستفزازات الروسية".
وخلال الأيام الماضية، حدثت موجة من الانتهاكات الروسية للمجال الجوي ضد أعضاء الحلف، وهي التوغلات التي أثارت قلق الدول الأوروبية. وفي غضون أيام، أطلق حلف الناتو عملية أمنية تحت اسم "مهمة الحارس الشرقي"، وعاد معها الحديث عن إغلاق الأجواء فوق أوكرانيا إلى جدول الأعمال.
أكثر انفتاحًا
ويعتبر المحللون العسكريون، بحسب صحيفة "كييف إندبندنت"، أن حلف الناتو يُعد كتلة دفاعية، لذلك فإن أي خطوات يتخذها لن تكون سوى رد فعل على تحركات روسيا. ولكن مع مخاوف تصعيد الحرب خارج حدود أوكرانيا، يمكن أن تدفع الاستفزازات الروسية الحلف إلى إعادة النظر في فكرة إغلاق الأجواء، التي تم رفضها من قبل عام 2022.
ومع استمرار روسيا في اختراق دول الحلف بالطائرات العسكرية والطائرات الدرون، مثل إستونيا وبولندا ورومانيا، يرى الخبراء أن دول الناتو باتت أكثر انفتاحًا على فكرة حماية المجال الجوي الأوكراني، والتي تعني فرض منطقة حظر جوي من قبل الحلف فوق جزء من أوكرانيا أو كلها.
تكتيك الهجمات
يعني ذلك أن أي طائرة حربية أو طائرات بدون طيار أو صواريخ تابعة للجيش الروسي تدخل هذه المنطقة ستكون هدفًا مشروعًا لقوات حلف شمال الأطلسي لاعتراضها أو إسقاطها حتى قبل دخولها المجال الجوي لحلف شمال الأطلسي، مما سيجعل الكرملين يفكر في الخسائر قبل تنفيذ الضربات.
ومع فشلها في ترسيخ التفوق الجوي في أوكرانيا منذ بداية الحرب عام 2022، بسبب أنظمة الدفاع الجوي الأوكرانية المتقدمة التي تسلمتها من الغرب، تستخدم القوات الروسية تكتيك الهجمات بالصواريخ والقنابل على المدن الأوكرانية من داخل مجالها الجوي الآمن، الذي يعتبر بعيدًا عن متناول تلك الأنظمة.
دفاعات المدن
وعلى الرغم من أن تلك التعزيزات العسكرية الغربية قد ساعدت في منع الطائرات الروسية من الدخول إلى المجال الجوي الأوكراني، إلا أنها، وفقًا للخبراء، لا تزال متناثرة، وليست موجودة بأعداد كبيرة بما يكفي لحماية البلاد بشكل كامل، ولا يوجد جدار متعدد المستويات من الطائرات بدون طيار والصواريخ يعمل ككائن حي واحد.
ولذلك، ستسمح فكرة إنشاء منطقة حظر جوي باستخدام كامل قوة الدفاعات الجوية لدول حلف شمال الأطلسي لتعزيز ما هو موجود بالفعل في أوكرانيا، وهو ما من شأنه أن يحرر الأصول الأوكرانية للخطوط الأمامية، مما يعزز دفاعات المدن الكبرى مثل خاركيف، ودنيبرو، وزابوريزهيا، ويحد من اعتماد روسيا على القنابل الانزلاقية ضد القوات الأوكرانية.
الدرع الجوي
ولكن، في المقابل، يرى آخرون أن أسهل طريقة لحماية سماء أوكرانيا هي توسيع مبادرة الدرع الجوي الأوروبية، وهو مشروع لإنشاء شبكة دفاع جوي أوروبية متكاملة تأسست لأول مرة في عام 2022. وبحسب الخطة، فإن منطقة الحماية ستغطي محطات الطاقة النووية الثلاث العاملة في أوكرانيا.
بالإضافة إلى حماية سماء مدينتي أوديسا ولفيف في جنوب وغرب أوكرانيا، وهو ما يضمن القيام بدور نشط في مراقبة المجال الجوي الأوكراني، وخاصة في مناطقها الغربية والوسطى، للحماية من الصواريخ والضربات الجوية الروسية، حيث لن تؤدي فقط إلى استعادة الاستقرار وتمكين التعافي الاقتصادي، بل ستسمح أيضًا للقوات الجوية الأوكرانية بالتركيز على الدفاع عن الجبهة الشرقية.