اتفق خبراء وقانونيون على أن سعى الاحتلال الإسرائيلي إلى إقرار قانون بإعدام الأسرى الفلسطينيين غير قانوني ولا يستند إلى أي شرعية، محذرين من إمكانية إقراراه ودخوله حيز التنفيذ في الوقت القريب ضمن الانتهاكات غير المسبوقة التي لا يزال ينتهجها الاحتلال بحق الفلسطنيين.
وصادقت لجنة الأمن القومي في "الكنيست"، اليوم الأحد، على مشروع قانون يقضي بفرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين، وذلك تمهيدًا لعرضه على الهيئة العامة في قراءة أولى.
وصوَّت لصالح مشروع القانون 4 أعضاء مقابل معارضة واحد، وذلك رغم اعتراض المستشار القانوني للجنة الذي شدد على أنه لا يمكن إجراء التصويت خلال عطلة الكنيست، فيما هاجمت قوى المعارضة الخطوة واعتبرتها غير قانونية.
قانون عنصري
من جهته، قال قدورة فارس، رئيس هيئة الأسرى والمحررين سابقًا، في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية"، أن الحديث عن إعدام الأسرى الفلسطينيين يتجدد بين الحين والآخر في إسرائيل، بطريقة تدل على تعمق إسرائيل العنصري والفاشي في تطبيق قانون على الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال".
وذكر فارس: "تذهب إسرائيل باتجاه أن تكون دولة عنصرية فاشية حتى وفقًا لنصوص القوانين وليس فقط من خلال الإجراءات الحربية كالإبادة الجماعية التي تحدث منذ عامين في غزة وكذلك الضفة الغربية".
غرض دعائي
يرى فارس أن "هذا القانون يستخدم لأغراض دعائية وحزبية داخل إسرائيل كلما اقتربت الانتخابات وصارت هناك مساومات داخل الائتلاف الحاكم.. على سبيل المثال، في الوقت الحالي يتم طرح خطة ترامب لوقف الحرب على غزة واحتمالات أن يتراجع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن توجهات حكومته العنصرية مضطرًا".
وأضاف: " كذلك ربما يريد حزب القوة اليهودية بقيادة الوزير اليميني المتطرف إيتمار بن جفير أن يحقق لنفسه إنجازًا لكي يوظف في الدعاية للانتخابات الإسرائيلية المقبلة".
وتابع: "فمن ناحية هي طبيعة التوجهات الإسرائيلية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني ومن ناحية أخرى لاعتبارات داخلية في إسرائيل على أمل الحصول على مقعد هنا وآخر هناك في الانتخابات ومحاولة لاسترضاء المجتمعات الفاشية في إسرائيل".
تطبيق القانون
وحول إمكانية تطبيق القانون، صرح أستاذ القانون الدولي الإنساني منير نسيبة بأنه دون شك فإن الاحتلال الإسرائيلي الذي قتل عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال في غزة، يستطيع من الناحية المادية أن ينفذ عقوبة الإعدام، أما من الناحية الحقوقية، فإن إعدام الأسرى الفلسطينيين لا يستند إلى أي شرعية".
وأوضح نسيبة قائلًا: "ينبع ذلك من أن إسرائيل تحكم الأراضي الفلسطينية المحتلة كسلطة احتلال، ولا يسمح لها أصلًا أن تستخدم البرلمان الإسرائيلي- الكنيست- من أجل تشريع قوانين لتطبيقها على الأرض الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس، كما أن القانون الدولي الإنساني حدد بشكل كبير صلاحية قوة الاحتلال على استخدام عقوبة الإعدام. بالإضافة إلى ذلك، يمنع القانون الدولي إعدام أسرى الحرب".
أما فارس فذكر "أنه لدى إسرائيل قانون يتيح لها إعدام المناضلين الفلسطينيين لكن هذا القانون مقيد باشتراط أن يكون هناك إجماع من قبل 3 قضاة على حكم الإعدام، ثم إن كل المؤسسات الأمنية في جيش الاحتلال والشاباك والموساد، أجمعت منذ سنوات على عدم تفعيل قانون الإعدام والسبب في ذلك أن هذا يرفع وتيرة العمل ضد الاحتلال".
تابع: "هذا يعني أن من يقوم بعملية جهادية ناجحة ويدرك أن مصيره الإعدام سوف يقاتل حتى الشهادة ولن يسلم نفسه ولن يتمكنوا من اعتقاله، وبالتالي الاستعراض الشعبوي شيء والمتطلبات الأمنية وفقًا للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية شيء آخر".
وارد التنفيذ
يعتقد نسيبة أن الخشية الرئيسية من سن هذا القانون يأتي من باب أن هناك أسرى ومحتجزين إسرائيليين داخل قطاع غزة، ويخشون حياة هؤلاء الأسرى، لكن لا يبدو أن الاعتراض مبدأي، وهو مرتبط بالتوقيت الذي يرونه غير مناسب.
ووفقًا لنسيبة، مع عمل بن جفير الحثيث لاستصدار هذا القانون، وما يبدو أنه موافقة من نتنياهو والليكود عليه، فإن فرصة فرض هذا القانون أصبحت عالية.
وأكد فارس أنه دائًما ما يطل هذا الموضوع ثم يغيب ثم يطل مرة أخرى لعدم قناعتهم بتنفيذه، إلا أنهم مصرون على استخدام ذلك لملء الفضاء الإعلامي.
واستطرد قائلًا: "لكن لا يعني ذلك أنهم لن يشرعوا ذلك القانون ولن يصبح ساري المفعول، إلا أن العملية معقدة ومرتبطة أمور كثيرة، فكلما اقتربوا من إقرار القانون كلما برزت قضايا جديدة انشغلوا بها ويتجاهلونه".
إجراءات مضادة
أكد نسيبة أن سن وتنفيذ القانون سيأتي بالمزيد من الانتقادات الدولية على الاحتلال الإسرائيلي، ولكن العرقلة والمنع لا يأتي إلا من إجراءات واضحة وحاسمة يتخذها المجتمع الدولي، وهي بدأت بالفعل، إلا أنه انتقد عدد الدول التي تلتزم بها إذ لا يزال قليلاً.
وشدد على أن المحاسبة كذلك تأتي من خلال الدول، فعلى دول العالم أن تعجل بإجراءات ضد الاحتلال الإسرائيلي مضيفًا أنه ليس فقط دور المحاكم، فدورها هو تحديد حكم القانون، ولكن الدول يناط بها تنفيذ القانون.
أشار نسيبة إلى مجموعة لاهاي التي تقودها جنوب إفريقيا وكولومبيا والتي اجتمعت 3 مرات في يناير ويوليو وسبتمبر الجاري قررت فرض عقوبات على إسرائيل، متوقعًا أن تتوسع مثل هذه الحركات في دول العالم وأن تتخذ كل دولة بشكل منفرد إجراءات تعيد تعريف علاقتها مع الاحتلال الإسرائيلي حتى ينتهي من جميع انتهاكاته.