الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

مخرجة فيلم "ألوان تحت السماء": يكتب الحياة وسط الحرب والموت

  • مشاركة :
post-title
المخرجة الفلسطينية ريما محمود

القاهرة الإخبارية - إيمان بسطاوي

بطلتا العمل آية وأمل ترسمان فوق الركام وتغنيان تحت الرصاص

فخورة بمشاركة الفيلم بمهرجان الجونة السينمائي.. ورشيد مشهراوي شخصية استثنائية

لا تزال السينما الفلسطينية تنبض بالحياة متحدية كل الظروف، إذ يصر صناعها البواسل على أن يكونوا شهودًا على زمن القهر لا مجرد أرقام في قوائم الموت، يرسمون الحياة تحت القصف، ويوثقون بأيديهم محطات فارقة في تاريخ الإنسانية، ليكتبوا أسماءهم بحروف من نور، فهو شعب لم يستسلم للقصف والدمار واليأس والجوع والمرض، بل صنع من واقعه المؤلم حياة، ودوّن روايته بنفسه دون أن يتركها عُرضة للتزييف أو التلاعب.

لم تكن هذه الجهود هباءً بل محط اهتمام كبرى المهرجانات السينمائي، فخصصت إدارة مهرجان الجونة السينمائي الدولية نافذة على فلسطين لإلقاء الضوء على الأفلام التي توثق ما يحدث في قطاع غزة، وكانت المخرجة الفلسطينية ريما محمود واحدة من أبرز صناع السينما الفلسطينية الذين شهدوا محطات فارقة بوجودها في قلب الحرب، توثق وتروى ما يحدث عبر الكاميرا.

وفي لقائها مع موقع " القاهرة الإخبارية"، تحدثت عن فيلمها الوثائقي الجديد "ألوان تحت السماء"، الذي يسلّط الضوء على معاناة شابتين من غزة في العشرينات من عمرهما، إحداهما تعبر عن ألمها بالغناء، والأخرى بالرسم.

توضح ريما أن خط الفيلم الوثائقي ارتكز على شخصية آية، الفتاة التي كانت تعشق الغناء منذ صغرها وتغني للوطن، لكنها فقدت شغفها بالحياة بعد أن فقدت والدها وشقيقها برصاص قناص إسرائيلي في أثناء نزوحهم إلى الهلال الأحمر.

تقول المخرجة إن آية لم تفقد فقط صوتها بل فقدت معنى الحياة، فجاء الفيلم كعامل نفسي ساعدها على تجاوز الفقدان تدريجيًا واستعادة جزء من ذاتها، وخلال أحداث الفيلم تظهر معاناتها في تسجيل أغنية رغم غياب الاستوديوهات، حيث يتم تسجيلها وتلحينها في ظروف بدائية داخل خيمة وجيب.

أما الشخصية الثانية فهي أمل، فقالت عنها: "الفتاة الصامتة التي تعكس عبر لوحاتها الفنية وجدرانياتها معاناة النزوح بعد أن فقدت بيتها ومرسمها وشقيقها"، متابعة: "يجمع الفيلم بين شخصيتي آية وأمل ليشكّل لوحة من الأمل وسط حرب الإبادة، حيث يتحول الألم إلى فعل مقاومة جمالي".

صعوبات التصوير

في غزة، الكاميرا قادرة على أن تكون سلاحًا، يوثق، يقاوم، ويعيد رواية الحكاية بأصوات أصحابها، لتظل شاهدة على زمن المجازر والأمل معًا، وعن صعوبات التصوير، تقول ريما: "هي نفس الصعوبات التي رافقت كل التجارب السابقة.. نحن نصوّر وسط الحرب والموت والدمار والفقدان وانعدام مقومات الحياة.. لا نعرف ما الذي سيحدث بعد لحظة، أو إن كنا سنبقى على قيد الحياة لنكمل التصوير".

مشاركة بالجونة

تعتبر ريما مشاركتها بفيلمها في مهرجان الجونة السينمائي خطوة مهمة، قائلة: "أتابع المهرجان إلكترونيًا منذ ثماني سنوات، وكنت أحلم أن أكون من بين حضوره.. مشاركتي فيه الآن تجعلني أشعر وكأنني موجودة فعليًا، لأن اسمي حاضر عبر الفيلم، وأتمنى أن أكون حاضرة شخصيًا في الدورات القادمة".

محمود درويش

تكشف المخرجة أن جملة محمود درويش الشهيرة "ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلًا" هي الأقرب إلى قلبها، وتعتبرها المحرك الأساس لكل المبدعين في فلسطين رغم ظروف القصف والاحتلال، وتقول: «اليوم، سواء كنا مخرجين أو فنانين أو صحفيين أو حتى عبر السوشيال ميديا، إن لم نوثق نحن معاناتنا فمن سيوثقها ومتى؟ الواقع المفروض علينا يجب أن نتحداه، ونحن نتحدى بممارسة حياتنا، بأعمالنا، بإبداعاتنا، وحتى بإيجاد حلول لمشكلات الحياة اليومية.. نحن شعب الجبارين كما وصفنا الرئيس الراحل ياسر عرفات".

وتختتم حديثها باستشهاد آخر من شعر درويش: "ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلًا... ونرقص بين شهيدين نرفع مئذنة للبنفسج بينهما أو نخيلًا"، مؤكدة أن الفلسطينيين سيظلون يعملون ويوثقون للتاريخ طالما بقي فيهم نفس.

الاعتراف الدولي بفلسطين

وحول الاعتراف الدولي الأخير بفلسطين كدولة مستقلة من بعض الدول، تقول ريما: "أنا أتابع الأخبار عن قرب، وأؤكد أن هذا الاعتراف لم يأتِ بلا ثمن، فقد دفعنا ثمنه غاليًا جدًا، نحن نعيش على حافة الموت في أي لحظة، وقد نفقد أي شخص من أحبائنا في أي وقت، لذلك نحن نعيش ولسنا نعيش في الوقت ذاته، أتمنى أن يترجم هذا الاعتراف على أرض الواقع، لا أن يبقى مجرد اعتراف صوري، لأننا بحاجة إلى دولة حقيقية مستقلة معترف بها عالميًا".

سلسلة "المسافة صفر"

يأتي فيلم "ألوان تحت السماء" ضمن الجزء الثاني من سلسلة "المسافة صفر"، التي انطلقت بعد النجاح الكبير للجزء الأول، وقدّم من خلالها عدد من السينمائيين الفلسطينيين من داخل غزة المنكوبة أعمالًا وثائقية جديدة، تحت إشراف المخرج الفلسطيني البارز رشيد مشهراوي.

تؤكد ريما اعتزازها العميق بالتعاون مع مشهراوي، قائلة: "هو صاحب الفضل الأول في وصول أفلامنا إلى العالمية، ليس فقط من خلال دعمه وتمويله لفيلم (ألوان تحت السماء)، بل لأنه ساعد الفيلم على أن يصل إلى الأوسكار، وهذا في حد ذاته إنجاز بغض النظر عن الفوز، رشيد شخصية استثنائية، مؤمن بقوة بالقضية الفلسطينية، وأكثر إيمانًا بدور السينما في هذه الحرب.. أي كلمات قد تقال في حقه تظل قليلة أمام قيمته وإسهاماته".