◄| ابني استشهد بعد استهدافه من الاحتلال في أثناء تسلم المساعدات
في خضم الحرب على فلسطين، حيث يلتقي الألم بالدم والدموع بالوجع، أخرج الفلسطيني نضال دامو فيلمًا يتحدى صمت العالم تجاه معاناة أهالي غزة وهو "حكايات لم تكتمل"، الذي يعد شهادة حية على قصص إنسانية مؤلمة لم تكتمل فصولها بسبب الاحتلال الإسرائيلي، قصص تُروى بدموع وأحلام مكسورة، لتسجل حقائق دامية عاشها أهالي فلسطين في مواجهة حرب لا تنتهي، من خلال هذا الفيلم، يسعى نضال دامو إلى نقل معاناة وطنه، ليس فقط على الشاشة، ولكن كصرخة مكتومة في وجه العالم.
أكد نضال أن "حكايات لم تكتمل" يتناول قصص خمسة أشخاص، كل منهم يعيش فصولًا من مأساة مختلفة بسبب الاحتلال وحرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي، ولكن هناك خيطًا مشتركًا يجمع بين جميع هذه الحكايات، وهو أن كل بطل من أبطال الفيلم لم تُكتمل حكايته بسبب ظروف صعبة جدًا، مثل استشهاده أو استشهاد أحبائه أو بسبب الأضرار النفسية التي منعته من استكمال تصوير قصته.
يقول نضال دامو في تصريحات خاصة لموقع "القاهرة الإخبارية": "الفيلم كان في البداية عن قصة طفل واحد، لكن لم تكتمل الحكاية، ثم حاولنا أن نصوِّر مع فتاة تُدعى سليمة، التي كانت بطلة الفيلم في البداية، لكن كما الحال في القصص الفلسطينية، لم تكتمل الحكاية لأن سليمة استُشهِدت في الحرب، لذلك قررنا أن نسمي الفيلم "حكايات لم تكتمل"، وهو يحمل في طياته سردًا لإنسانيات لم تكتمل بسبب القهر والموت".
سليمة، الشابة البالغة من العمر 21 عامًا، فقدت أسرتها بالكامل في الحرب، ورغم فقدانها لأغلى ما تملك، قررت أن تكرس حياتها للعمل في الدعم النفسي للأطفال الذين مروا بتجارب قاسية في ظل النزاع المستمر، ولكن، وفقًا لمخرج الفيلم، لم تُكتمل قصتها أيضًا، إذ استُشهِدت هي الأخرى قبل أن ينتهي التصوير.
فقدان الابن
الفيلم لا يقتصر فقط على توثيق معاناة الآخرين، بل يلامس الحياة الشخصية للمخرج نضال دامو نفسه، فقد مرَّ بتجربة قاسية للغاية عندما استُشهِد ابنه محمود، في أثناء توجهه لجلب المساعدات الإنسانية، وقال عن ذلك: "في أثناء عملي على الفيلم تلقيت خبر استشهاد ابني.. حذرته من الذهاب لجلب المساعدات، لأن هناك خطر من قوات الاحتلال الذين يستهدفون أي شخص يقترب من المساعدات، لكن محمود كان يتألم لرؤية عائلته وأشقائه جائعين، فقرر الذهاب رغم تحذيري.. استهدفته قوات الاحتلال أثناء توجهه، ليكون هو الآخر جزءًا من حكاية لم تكتمل".
في الفيلم الذي لا يتجاوز مدته 20 دقيقة، يظهر مشهد جنازة محمود، ليكون شاهدًا حيًا على المأساة الشخصية التي مر بها المخرج، التي أضيفت إلى سلسلة الحكايات المؤلمة التي لم تكتمل.
رمزية الوردة
في لفتة رمزية، قرر نضال دامو أن يهدي وردة إلى قبر سليمة، إلا أنه لم يتمكن من تحديد مكان قبرها أو الوصول إلى أي من أفراد أسرتها. ولذلك قرر أن يضع الوردة على قبر ابنه محمود، في تعبير عن الصلة العميقة مع أصحاب الحكايات.
التحديات والصعوبات
لا تقتصر الصعوبات التي واجهها دامو في أثناء تصوير الفيلم على الخسارات الشخصية فقط، بل تضمنت العديد من التحديات اللوجستية والإنسانية، قائلًا: "الوصول إلى الحالات كان أمرًا بالغ الصعوبة، كنا نعيش في وضع صعب، كان الجوع يؤثر علينا جميعًا، كنا في مرحلة لم نكن نستطيع فيها التحرك بسهولة بسبب الجوع ونقص حاد في الطعام، وكنّا نواجه صعوبات نفسية هائلة، لكننا كنا مصممين على إتمام الفيلم ليشاهد العالم معاناتنا".
ويتحدث عن صعوبة التنقل في ظروف قاسية، حيث كانت الحرب على الأرض تجبره على استخدام عربة كارو للتنقل بين الأماكن، وسط الاستهداف المستمر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، يوضح: "الاحتلال لا يرحم، استهداف أي مكان في الشوارع أصبح أمراً عاديًّا".
مشاركة بالمهرجانات الدولية
يؤكد دامو أن الفيلم سيُعرض في مهرجان وهران السينمائي الذي يُقام في الجزائر من 30 أكتوبر إلى 5 نوفمبر 2025، إضافة إلى عرض آخر في مهرجان الجونة السينمائي في دورته المقبلة هذا العام، ليكون الفيلم شاهدًا على ما يحدث في فلسطين، في ظل محاولات المجتمع الدولي للتغاضي عن هذه المأساة.