أكد اللواء محمد إبراهيم الدويري، وكيل جهاز المخابرات العامة المصرية السابق، أن اجتياز الحدود المصرية من قِبل حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية في 25 يناير 2008 كان تطورًا سلبيًا للغاية في مسار العلاقات بين مصر وحماس.
وفي لقاء خاص ببرنامج "الجلسة سرية" على قناة "القاهرة الإخبارية"، مع الإعلامي سمير عمر، أوضح الدويري أنه لا يرى أي مبرر لهذا الاختراق، مشيرًا إلى أن المخابرات المصرية حذّرت قيادات حماس منه مسبقًا.
مبررات غير منطقية
وأضاف أن قرار الاجتياز كان "خاطئًا بنسبة 100%" واتُخذ تحت مبررات "غير منطقية"، مثل الحديث عن وجود حصار، مؤكدًا أنه "لم يكن هناك حصار على غزة بالشكل الذي تم الترويج له". وتابع أن ما حدث لم يكن له مبرر سوى "محاولة خلط الأوراق في توقيت حساس".
وعلى الرغم من الموقف السلبي، أشار الدويري إلى أن القيادة المصرية تعاملت مع الأزمة بشكل "حضاري ومسؤول"، حيث صدرت "تعليمات واضحة بعدم إطلاق طلقة رصاص واحدة على من يعبر الحدود"، حتى مع إصابة بعض الجنود المصريين واستشهاد أحدهم. وقال إن مصر تعاملت مع الموقف باحترافية، حيث تم استدعاء قيادات حماس من الداخل والخارج، وأُبلغوا بشكل حاسم بضرورة عودة جميع من دخلوا الأراضي المصرية، وهو ما دفع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس آنذاك، إلى توجيه رسالة "شديدة اللهجة" لعناصر الحركة.
مصر لا تساوم على أمنها القومي
وأكد الدويري أن حماس استجابت للرسالة، مما أثبت أنها تدرك أن مصر لا تساوم على أمنها القومي. وبعد هذا الحدث، الذي وصفه الدويري بأنه "أثار غضبًا واضحًا داخل القيادة المصرية"، تم تجميد الدور المصري مؤقتًا، إلا أن القاهرة عادت بعد بضعة أسابيع لتحريك جهود الوساطة عبر "حوار القاهرة 2008".
وأوضح أن مصر استدعت جميع الفصائل الفلسطينية لـ"صياغة ورقة تفاهم" أكدت على حرمة الدم الفلسطيني، وضرورة الحوار، وإعادة وحدة الأراضي الفلسطينية. وأكد الدويري أن مصر تمتلك علاقات متميزة مع جميع الفصائل الفلسطينية، وأن القاهرة حرصت دومًا على الشمولية في أي مسار حواري، مشيرًا إلى أن هناك قضايا محورية تستوجب التركيز على فتح وحماس، لأن التوافق بينهما يفتح الباب أمام قبول بقية الفصائل.
وأضاف أن جميع الفصائل الفلسطينية تتبنى مواقف وطنية، تهدف إلى مصلحة الشعب الفلسطيني، لكن الاختلاف يكمن في الوسائل، خاصة فيما يتعلق بملفات التسوية السياسية.
غياب الإرادة السياسية
وأشار إلى أن بعض الفصائل المنضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية تعترف بإسرائيل، على عكس الفصائل التي لا تنتمي للمنظمة، وهو ما يشكل إشكالية في مسار التوافق. وحمّل الدويري حركتي فتح وحماس مسؤولية استمرار الانقسام الفلسطيني، قائلًا إن السبب الرئيسي هو "غياب الإرادة السياسية" الحقيقية لديهما.
وأضاف أن هذا الانقسام أعطى إسرائيل "الذريعة لتكرار مقولتها بأنه لا يوجد شريك فلسطيني للتفاوض". وتساءل: "اليوم، حين نتحدث عن الشريك الفلسطيني، من هو؟ هل هي حكومة حماس في غزة، أم السلطة في رام الله؟"
وأشار إلى أن الجهد المصري كان منصبًا دائمًا على توحيد الموقف الفلسطيني؛ من أجل توفير شريك سياسي موحد يمكن التعامل معه في مسار السلام.