الموقع الرسمي | القاهرة الاخبارية

من لافتة صغيرة لعزلة كبرى.. طوق المقاطعة يتسع حول إسرائيل

  • مشاركة :
post-title
إسرائيل تواجه عزلة كبرى بسبب الحرب على غزة - تعبيرية

القاهرة الإخبارية - عبدالله علي عسكر

"ممنوع دخول اليهود".. لم تكن تلك اللافتة في مدينة ألمانية صغيرة مجرد حادثة محلية، بل ترسم مشهدًا جديدًا يعكس تصاعد موجة الغضب الدولي تجاه سياسات إسرائيل وعمليات الإبادة التي تقودها في غزة.

ومع امتداد التوترات من شوارع فلنسبورج الألمانية إلى ساحات الرياضة الأوروبية، ومن قاعات الاتحاد الأوروبي إلى أروقة البيت الأبيض، تتكشف ملامح عزلة دولية غير مسبوقة لإسرائيل، كما يعترف بذلك قيادتها نفسها.

"لا أطيق اليهود"

في مدينة فلنسبورج الساحلية الواقعة شمال ألمانيا، عُلقت لافتة على واجهة متجر كُتب عليها: "ممنوع دخول اليهود إلى هذا المتجر.. لا علاقة لي بالموضوع الشخصي، ولا علاقة لي بمعاداة السامية ببساطة لا أطيقكم".

ورغم الجدل الواسع الذي تسببت فيه اللافتة بألمانيا وتجاوزتها إلى الداخل الإسرائيلي، رفض صاحب المتجر هانز بولتن رايش "60 عامًا" إنزال الورقة، مؤكدًا لصحيفة محلية ألمانية، أن ما فعله لا يُعتبر معاداة للسامية، بل "موقف شخصي".

وأثارت اللافتة غضبًا واسعًا، إذ شبّهها فيليكس كلاين، المفوض الاتحادي الألماني لشؤون معاداة السامية، بلافتات الحقبة النازية التي مُنع فيها اليهود من دخول الأماكن العامة، محذّرًا من أن "هذه معاداة للسامية في أبهى صورها وأكثرها نقاءً".

لافتة على واجهة متجر ألمانيا كتب عليها: "ممنوع دخول اليهود.. بساطة لا أطيقكم"
عزلة متفاقمة

أشارت تحليلات "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، بات يطلق تحذيرات متكررة بشأن "الثمن الباهظ" الذي تدفعه إسرائيل على الساحة الدولية، بينما يبدو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أكثر انشغالًا بالاستماع إلى شركائه المتطرفين مثل إيتمار بن جفير وبتسلئيل سموتريتش، متجاهلًا الأصوات الداعية إلى مراجعة السياسات.

أما في الولايات المتحدة، الحليف الأبرز لإسرائيل، فيتراجع الدعم السياسي بشكل غير مسبوق، وأشار تقرير الصحيفة إلى أن إسرائيل لم تفقد فقط تأييد الحزب الديمقراطي، بل باتت مهددة بخسارة قاعدة مهمة من الحزب الجمهوري أيضًا، حتى إن بعض الأصوات داخل حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى MAGA" طالبت بوقف المساعدات الأمنية التي اعتادت إسرائيل الحصول عليها منذ اتفاقية السلام مع مصر.

عزلة فنية ورياضية

على صعيد آخر، أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسبانية الرسمية RTVE، أنها ستنسحب من مسابقة "يوروفيجن"، العام المقبل، إذا سمح لإسرائيل بالمشاركة، وبهذا الموقف، تنضم إسبانيا إلى كل من هولندا، أيرلندا، سلوفينيا، وآيسلندا، لكن أهميتها تكمن في كونها أول دولة من بين "الدول الخمس الكبرى" في المسابقة، ما يهدد مكانة إسرائيل الفنية والدبلوماسية على الساحة الأوروبية.

حتى في الرياضة، لم تسلم إسرائيل من موجة الغضب، وفي ختام سباق "فويلتا إسبانيا" العالمي للدراجات الهوائية، تسلل متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين إلى المضمار احتجاجًا على مشاركة فريق "إسرائيل بريميير تيك"، ما تسبب في فوضى أمنية أربكت الحدث الرياضي العالمي.

اعتراف إسرائيلي

لم يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بُدًا من الاعتراف بالعزلة السياسية التي تمر بها بلاده. وفي خطاب له خلال مؤتمر للمحاسبين العامين، قال إن إسرائيل تواجه عقوبات وضغوطًا متزايدة بسبب حربها على غزة، ما سيجبرها على الاعتماد على اقتصاد شبه مكتفٍ ذاتيًا.

وأضاف: "نجد أنفسنا في وضع تُعرقل فيه صناعاتنا العسكرية. لا خيار أمامنا سوى إنتاج كل ما نحتاجه بكميات كبيرة".

في الداخل الإسرائيلي، استغل الرئيس إسحاق هرتسوغ مناسبة رسمية لإحياء ذكرى الرئيس السابق شمعون بيريز، لتأكيد "تزايد العداء العالمي ضد إسرائيل"، وقال إنه لمس في زيارته الأخيرة إلى بريطانيا مواقف معادية "لم يسبق أن واجهتها إسرائيل".

من لافتة صغيرة في مدينة ألمانية إلى ساحات السياسة والرياضة والثقافة في أوروبا وأمريكا، يبدو أن إسرائيل تدخل مرحلة عزلة متسارعة، عزلة لم تعد مجرد تحذيرات من محللين أو خصوم سياسيين، بل اعتراف صريح من قادتها أنفسهم، في وقت يتصاعد فيه الغضب الشعبي والرسمي حول العالم على خلفية حرب غزة المستمرة.