استطاع سباق "فويلتا إسبانيا" العالمي للدراجات الهوائية، أن يعكس المشهد السياسي بين إسرائيل وإسبانيا، في ظل دعم رسمي من رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، لحقوق الشعب الفلسطيني، ومواقف دولية متزايدة تُعمّق عزلة إسرائيل.
احتجاج سياسي
كان من المنتظر أن يُختتم سباق "فويلتا"، الأحد الماضي، بعد 21 يومًا من التنافس عبر المدن الإسبانية، لكن المرحلة الأخيرة في مدريد تحولت إلى فوضى بعد أن تسلل متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين إلى المضمار قبل انطلاق اللفة الأولى.
وأقام المحتجون حواجز ولافتات داخل الحلبة، ما أدى إلى وقف السباق بشكل كامل، وعلى الرغم من الاستعدادات الأمنية المكثفة التي تضمنت مشاركة أكثر من ألف شرطي وتحليق مروحيات، فشلت السلطات في منع الاقتحام، ليقرر المنظمون إنهاء الاحتجاجات بإعلان نهاية المرحلة مبكرًا.
الفريق الإسرائيلي
الاحتجاجات لم تكن عابرة، إذ تركزت بالأساس ضد مشاركة فريق "إسرائيل بريميير تيك" في السباق، ومع استمرار الحرب في غزة، ازدادت حدة المظاهرات على طول مسارات السباق، وصولًا إلى اختراق حواجز أمنية في جبال جوادارما، إذ اضطر الدراجون إلى تجاوز المتظاهرين لإكمال المرحلة.
إسبانيا، التي اعترفت رسميًا بدولة فلسطين، مايو 2024، اتخذت خلال الأسابيع الأخيرة خطوات أكثر حدة ضد إسرائيل، من بينها إعلان الحكومة إجراءات جديدة للحد من تصدير المعدات العسكرية إليها، وقال سانشيز، الأسبوع الماضي: "إسبانيا لا تملك قنابل نووية ولا حاملات طائرات ولا احتياطيات نفطية، لكن هذا لا يعني أننا سنتوقف عن محاولة وقف الهجوم الإسرائيلي".
سانشيز يُشعل الجدل
وأثنى رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، علنًا على المتظاهرين المؤيدين لفلسطين، وفي تجمع للحزب الاشتراكي بمالقة، قال: "مع نهاية فولتا، نرسل احترامنا وإعجابنا الكامل للرياضيين، لكن أيضًا تقديرنا للشعب الإسباني الذي يُحشد من أجل قضايا عادلة مثل فلسطين".
هذه الكلمات أثارت ردود فعل قوية في الداخل الإسباني، إذ اتهمته المعارضة المحافظة بتشجيع الاحتجاجات غير المنضبطة، وكتب رئيس الحزب الشعبي ألبرتو نونيز بييخو، على منصة "إكس": "ليس من دور الحكومة تشجيع مثل هذه الاحتجاجات، على الوزراء إدانتها ومنعها لا تأييدها".
رسائل سياسية
وبعيدًا عن مدريد، شهدت إسرائيل، الأحد، حفلًا رسميًا في بيت الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج، لإحياء ذكرى الرئيس التاسع شمعون بيريز ورئيس الوزراء الثاني موشيه شاريت، واستغل هرتسوغ المناسبة ليؤكد ما وصفه بـ"تزايد العداء العالمي ضد إسرائيل"، مشيرًا إلى أنه عاد مؤخرًا من بريطانيا حيث لمس عداءً "لم يسبق أن شهدته إسرائيل".
وأضاف: "علينا ألا نقبل العزلة التي يسعى أعداؤنا لفرضها علينا، مفهوم أمننا يعتمد على التحالفات، سواء داخل الشرق الأوسط أو مع شركائنا في الغرب".
عزلة متزايدة
من جانبها؛ علقت صحيفة معاريف الإسرائيلية على القمة العربية الإسلامية الطارئة عقب الهجمات الإسرائيلية على الدوحة لاستهداف قادة حماس، "أن نتائج قمة الدوحة مرشحة لزيادة الضغط الدولي على إسرائيل، وتعزيز عزلتها سياسيًا، فيما تجد واشنطن نفسها أمام اختبار صعب للموازنة بين تحالفها التاريخي مع تل أبيب وعلاقاتها الضرورية مع الدول العربية المؤثرة".
ما حدث في مدريد لم يكن مجرد تعطيل لحدث رياضي بارز، بل مؤشر واضح على أن الرياضة تحولت إلى ساحة جديدة للاحتجاجات ضد إسرائيل، وأن الدعم الدولي لفلسطين يترسخ حتى في الفعاليات الجماهيرية.